كيف حولوها من ملكة إلى "عار"... المرأة في اليمن!

تقارير - Wednesday 11 March 2020 الساعة 08:20 am
نيوزيمن، فاروق ثابت:

"ونساء متوجات كبلقيس وشمس ومن لميس جدودي"! هكذا ذكر الملك التبعي اليماني أبو كرب أسعد الكامل ملكات اليمن مفتخراً بانتمائه لهن.

فأول من وضع التاج على رأسه في التاريخ هن ملكات اليمن، وبالمثل أول من وضع الريشة أيضا على مقدمة رؤوسهن هن ملكات واميرات اليمن.

وهل علمتم عن الأميرة التي على رأسها ريشة "نادين ذي صدقن شمس" التي اكتشف لها تمثال يعود إلى المائة الأولى قبل الميلاد في منطقة العود، مدون على عنقها الطويل اسمها بالمسند، وفيها ملامح الثراء والجمال.

منذ أن وجد الإنسان اليمني في الأرض والمرأة هي في الصدارة مثلها مثل الرجل، بل وذاع صيتها في كل الدنيا كملكة وأميرة وقائدة، وقد دون التاريخ والنقوش والاثاريون والقرآن أيضا لملكات يمنيات كبلقيس وشمس ولميس، فيما اشتهرت أسماء كثيرة ليمنيات زاولن التجارة وذاعت أسماؤهن، في الوقت الذي وجدت قوانين لدى الممالك اليمنية القديمة تشير إلى أنه من حق المرأة أن تمارس التجارة ولا علاقة ولا ملك لزوجها بأموالها إلا في حال إن منحته هي عن تراض كما جاء في نقش غير منشور للعالم الاثاري بحضارة جنوب الجزيرة كريستيان روبان.

طوال تاريخ الممالك اليمنية القديمة وحتى مجيئ الإسلام كان اليمنيون يبتهجون بمجيئ مولودة بنت مثلما يبتهجون بالذكر أيضا، وعادة ما يطلق عليهن أسماء للورد أو العطور أو الروائح الزكية، ما يعني أن للانثى مكانة متميزة لدى الحضارات دائما ما تقرن بالجمال والرومانسية والعطر.

هل سمعتم عن الاكليلة اليمانية "سم عز" التي نذرت للإله "ال مقه" بقربان عظيم في حال إن رزقها بمولودة بنت.

وفقا للنقش "MB2004 I- 113" فإن الاكليلة اليمنية "سم عز" قدمت القرابين، وأقامت أياما من الابتهاج والاحتفاء للإله "ال مقه" بمناسبة حصولها على مولود بنت بعد أن نذرت له بذلك. وأسمت المولودة "برل عز".

جاء في النص:
1. سم عز/ ذت / برلم / أمه / بن

2. قرضن / هقنيت / إلمقه / ثهو

3. ن / بعل / أوم / صلمتنهن / ذ

4. تي / ذهبن / حجن / ك شفتت / إلمق

5. ه / ك معنمو / ذ يخمرنهو / قني / بت

6. م / ورأ / ك خمرهو / بتهمو / برل ع

7. ز/ ورأ / ك هوفيتهو / هقنيتن / ل

8. شرح / جرب / هيت / مرأتن / ذت / ت

9. ستمين / برل عز / ولسعدهو / سلم

وفي الترجمة:
"سم عز من (عشيرة) برل أمة بني

قرضان أهدت للمقه ثهوان

بعل أوام صنمين

من البرونز لأنها قد نذرت لالمقه

حالما يرزقها بنتا.

وحقا قد منحها بنتهم برل عز

وحقا قد التزمت بتقديم الإهداء من أجل حماية بدن هذه المرأة التي تسمى برل عز

وليمنحها الأمان وعاقبة صدقٍ (وحظ صدقٍ) لسلامتهم وسلامة ابنتهم وسلامة أولادهم".

وهذا ما يؤكد مكانة المرأة اليمنية قديما على عكس ما كان متواردا فيما بعد لدى القبائل المتناحرة في مناطق الحجاز ومكة أو ما يسمون بالاعراب الذين كانوا "يئدون" الفتيات حينها لاعتبارها عارا، وهو المسمى ذاته الذي الحقته قريش بالمرأة بعد الإسلام، ونالت منه المرأة اليمنية حظا وافرا بعد دخول الرسيين إلى اليمن، حيث اعتبروها عارا أيضا، ورسخوا ذلك في النصوص والتفاسير الدينية، وامتد ذلك إلى اليوم وإن اختلفت المذاهب إلا أن معظم المذاهب هي تابعة لأشخاص قرشيين ويرجع نسلهم "لآل البيت" وقريش بشكل عام.

وطوال تاريخ المرأة في اليمن لم تتعرض لقمع أو تنكيل أو مطاردة مثلما تعرضت له من القرشيين سواء في احكام المذاهب أو من حكام اليمن بعد دخول الهادي الرسي وسيطرته على زمام الحكم في اليمن ثم ابناؤه واحفاده وصولا إلى الحوثية السلالية وما تقترفه في حق اليمنيات وصلت حد اقتحام البيوت عليهن واختطافهن ثم تعذيبهن واغتصابهن وفقا لحالات موثقة، ناهيك عن الاتهام المباشر لهن بالفجور والرذيلة، على أنهم هم الطيبون الطاهرون والشرفاء فقط.

كما أن المرأة أيضا لم تسلم من رجال الدين المتغطين باسم الأحزاب كالإصلاح، مثلاً، والذي اعتبرها أيضا عورة، ويستثمرها فقط كصوت انتخابي، وبالنظر إلى تكوينات الحزب ذاته في اليمن نجد أن أكبر مرجعياته ومؤسسيه في اليمن وكل مفاصله هم من جماعات التطرف السلالي.