هل مشى ”حزب الإصلاح” في جنازة ”الحمادي”!

تقارير - Saturday 21 March 2020 الساعة 06:10 pm
تعز، نيوزيمن، معتز الشوافي:

احتشد عشرات الآلاف من أبناء تعز لتشييع جثمان الشهيد القائد عدنان الحمادي، بعد أن انطلق موكب التشييع من مديرية الشمايتين مروراً بالمعافر ليستقر في مديرية المواسط، حيث تم دفن الجثمان في منطقة العين مسقط رأس الشهيد.

كان موكب التشييع استثنائياً في مهابته وعظمته، واستثنائياً بمن على النعش، واستثنائياً بالحاضرين الذين مثلوا النخب السياسية والاجتماعية التي تؤمن بمشروع الشهيد، وتناضل من أجله.

هذه النخب حددها نجل الشهيد في الدعوة التي دعا بها للمشاركة في التشييع، حيث حدد في دعوته الأحزاب السياسية من كانوا سنداً للشهيد وعلى رأسهم شرفاء التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام، وكذا الصحفيين الأحرار أصحاب الأقلام الحرة وليس الأقلام المأجورة.

أما التجمع اليمني للإصلاح والذي توجه له أصابع الاتهام بالتورط في جريمة الاغتيال، كما ثبت تورطه بالتحريض ضد الشهيد الحمادي، فقد حاول -كعادته- أن يقدم نفسه في ثوب التقى والزهد مرتدياً ثياب التملق المفضوح، حين أصدر بلاغاً صحفياً يهيب بأعضائه وأنصاره المشاركة في استقبال جثمان الشهيد أثناء قدومه من العاصمة عدن، وكذا عند تشييعه من مدينة التربة إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه ببني حماد.

بلاغ الإصلاح قال صادقاً -وهو كذوب- إن اليمن تودع الشهيد القائد عدنان محمد الحمادي قائد اللواء 35 كهامة وطنية شامخة، وقائد عسكري محنك، كان من أوائل من انحاز للشعب والوطن في مواجهة المشروع الظلامي للكهنوت وتشارك مع المقاومة الشعبية جنباً إلى جنب في خندق التضحية والفداء منذ البداية إلى يوم أن لقي ربه شهيدا ثابتا على مبدئه، راسخا في مواقفه، متمسكا بوطنيته.

كما أكد بلاغ الإصلاح أن الشهيد البطل عدنان الحمادي سيظل علما من أعلام اليمن ورائدا من رواده الأبطال، كما سيظل حاضرا في قلب الشعب اليمني وذاكرته، سائلين الله له الرحمة والمغفرة والرضوان.

الإصلاح من خلال هذا الموقف حاول تبرئة نفسه من المشاركة بجريمة الاغتيال، لكنه بهذا الموقف كان سمجا أمام أعضائه قبل الآخرين، حيث لم يتفاعلوا مع هذه الدعوة التي يدركون فريتها قبل غيرهم، ويدركون بقرارة أنفسهم تورط الحزب والغاية من إطلاق هذه الدعوة والتي علق عليها بعض الناشطين بأنها أول توجيه حزبي لا يتم تطبيقه من قبل الإصلاحيين.

معلقون وصفوا بلاغ حزب الإصلاح بتعز بأنه أصدق تعبير عن المثل الشعبي ”يقتل القتيل ويمشي في جنازته”، مشيرين أن الأولى بحزب الإصلاح قبل أن يكتب بلاغه الصحفي أن يتذكر الكلمات التي حرض بها إعلامه وناشطوه ضد العميد الحمادي في سياق التمهيد لاغتياله، حيث وصفوه بأنه عميل إماراتي وداعم للإرهاب ومتمرد ضد الشرعية.

وبدأت علاقة حزب الإصلاح بالتوتر مع العميد الحمادي بعد رفضه الانصياع لقيادات الحزب ورفضه تلقي التوجيهات والأوامر من المقر كما فعل بقية العسكريين في محور تعز، حيث ظل الحمادي هو الاستثناء الذي حافظ على شرفه العسكري، كما حافظ على وطنية الجيش الذي يجب أن يبقى ولاؤه لله والوطن والشعب، كما يجب أن يكون جيشا منضبطا مبنيا وفقا للمعايير العسكرية المتعارف عليها.

غير أن عمل حزب الإصلاح على بناء الجيش وفقا لمبدأ الولاء والبراء وصولا إلى التمكين للجماعة قد جعل الحزب ينزعج من الحمادي باعتباره متمردا على مخططات الجماعة التي تسعى للاستحواذ والسيطرة بالكامل على المؤسسة العسكرية والأمنية وإن كلفها ذلك منح الرتب والمواقع القيادية للمدنيين من أعضاء الحزب بعد طرد العسكريين المتخصصين وذوي الكفاءة من العسكريين القدماء بتهم جاهزة سلفا يطلقها الإصلاحيون على كل من يختلف معهم، بهدف التمهيد للتخلص منه نفيا أو اغتيالا وهي تهمة الارتباط بالنظام السابق.

تقارب الحمادي مع كل القوى الوطنية التي تقاتل من أجل استعادة الدولة والقضاء على الانقلابيين هو أكثر ما أزعج حزب الإصلاح الذي بدأ بتلفيق الأكاذيب ضد الحمادي بهدف اغتياله معنويا، حيث تم ذلك من خلال ضخ اعلامي ممنهج يقوده التنظيم الدولي للإخوان الذي انزعج من بروز قائد وطني بحجم الحمادي، فتم تلفيق عشرات التهم الكاذبة والزائفة، حيث اتهم الحمادي بالعمالة للامارات والتعامل مع الارهابيين ودعم الانفصال والتآمر مع القوات المشتركة لاجتياح تعز وغيرها من التهم والأكاذيب التي تم ضخها عبر وسائل الاعلام التابعة للإصلاح وذبابه الالكتروني في مواقع التواصل.

وقد تزامن ذلك مع استهداف ممنهج ضد اللواء 35 مدرع قاده قيادة محور تعز من خلال نقل العسكريين التابعين للواء وتشتيتهم على الألوية الأخرى والتلاعب بقوام اللواء ومحاربته ماليا، لتصل الحرب على اللواء إلى زراعة ما يعرف باللواء الرابع مشاة في مسرح عمليات اللواء ومن ثم استهداف اللواء عسكريا وصولا للتنسيق مع الحوثيين لشن هجمات متزامنة على مواقعه.

وحين فشلت كل هذه المحاولات تم الانتقال إلى محاولة التخلص من الحمادي بأي طريقة حيث تعرض لأكثر من محاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة، غير أن تآمر وتمويل مخابرات دول أجنبية وايعاز المهمة للتنظيم الدولي للإخوان لتنفيذ عملية الاغتيال قد جعلها مدروسة وشديدة التخطيط بما يضمن نجاحها.

بدأ التمهيد لعملية اغتيال الحمادي عبر الاغتيال المعنوي الذي أوكلت مهمته لوسائل الاعلام المدعومة قطريا وفي مقدمتها قناتا يمن شباب وبلقيس وكذا عشرات المواقع الاخبارية وجيش جرار من الذباب الالكتروني الناشط في مواقع التواصل، حيث اشتدت هذه الحملة وبدأت تظهر بشكل مرتب وممنهج في شهر أغسطس 2019 ويستطيع المتابع ملاحظة ذلك من خلال تحليل مضمون المواد الاعلامية لوسائل اعلام الإخوان وناشطي الجماعة خلال هذه الفترة والفترة التي تليها وصولا إلى يوم تنفيذ جريمة الاغتيال.. وقد وصل الحال بحملة التحريض إلى تبشير بعض ناشطي الإصلاح بمقتل الحمادي، فقد كتب بعض الناشطين أن العميد ركن عدنان الحمادي "سيأكل تفاح قريبا"، وهي عبارة تستخدم بمعنى القتل.

إثر عملية الاغتيال والتي تمت في الثاني من ديسمبر تم القبض على القتلة، وأشارت نتائج التحقيقات الأولية إلى تورط الإصلاح في العملية، حيث تسربت بعض المعلومات أن المحققين وجدوا رسالة من تلفون أحد القتلة إلى قيادي إصلاحي تتكون من حرفين ”تم” ليرد عليه القيادي الإصلاحي برسالة مكونة من كلمتين ”أصدقني القول”، كما أن المتهم الرئيسي وهو جلال الحمادي أخو المجني عليه يؤكد أنه قتله كونه عميلا للإمارات، وهي التهمة الزائفة التي صنعها وطورها ”حزب الإصلاح”.

يدرك الإصلاح اليوم أن الحقائق باتت أوضح من الشمس، وأن ذاكرة الشعب باتت تذكر وتعي وتفهم، وأن هذا الشعب الذي أحب الحمادي وخرج لوداعه بكل تلك الحشود لن تنطلي عليه أي مغالطات، حتى وإن مشى القاتل في جنازة القتيل، فما بالكم وقد كان أجبن من أن يفعل.