السعودية.. البحث عن مكاسب في هزائم الشرعية وصواريخ الحوثي

تقارير - Thursday 02 April 2020 الساعة 11:55 am
نيوزيمن، كتب/ محمد عبدالرحمن:

بعد خمس سنوات حرب وضخ أموال وأسلحة من أجل استعادة الشرعية في اليمن، تصل السعودية إلى طريق مسدود رغم التحذيرات المتكررة التي تدعو إلى أن الوسيلة التي تعتمد عليها في قيادة المعارك هم من قيادات الإخوان المدانين بالإرهاب والفساد وتجارة الحروب، والذين ثبت فشلهم في إدارة المعارك، وكشفت نواياهم الحقيقية بالتماهي مع الحوثي، إلا أن تلك التحذيرات تم تجاهلها والاستمرار في حصد الهزائم وتساقط المناطق في يد الحوثي.

تعيش اليمن على أمل دعم العاصفة للتخلص من أعدائها، لكن بعد خمس سنوات من ذلك الأمل تتضح الأمور أنها تذهب في منحى أخطر من فساد الشرعية وهزائمها، هذا المنحى الذي ظهرت مؤشراته من خلال التمسك السعودي بجنرالات الإخوان واستمرار دعمهم رغم الفشل الذريع في تحقيق أي نصر ضد ميليشيا الحوثي، ورغم معرفة القيادة السعودية بأن تلك القيادات تتاجر بالحرب وبالأموال والأسلحة التي تغدقها عليهم، وتعرف أنها قيادات لن تحقق لها شيئاً على أرض الواقع، ولن تستطيع أن تستعيد جبهة واحدة رغم الإمكانيات الكبيرة.

كشفت المعارك الأخيرة التي دارت في الجوف ونهم، عن أسئلة عميقة دارت بين الناس وعن سر الصمت السعودي تجاه قيادات الشرعية في فنادقها، تبحث الناس عن الأسباب الحقيقية وراء تسليم جبهات القتال عبر مسرحية هزلية مع ميليشيا الحوثي، وعن مصير تلك الأسلحة الضخمة التي بها كان يمكن تحرير صنعاء في بضعة أيام، هناك صدمة في الشارع ليس من قيادات الإخوان، لأن الناس قد عرفوا الحقيقة، لكن الصدمة من الصمت السعودي والتماهي مع ما حدث من معارك هزلية واستلام وتسليم واضح... هل يمكن أن تفسر المملكة الشقيقة سر بقاء دعمها للحوثي عبر جماعة الإخوان في فنادقها؟

عندما كانت الإمارات وجنودها في أرض المعركة ينفذون مهامهم، كانت المعارك تسير في الاتجاه الصحيح نحو إعادة الشرعية واستعادة صنعاء وإنقاذ المجتمع، وكانت الجبهات تشهد انتصارات متسارعة، مما رفع منسوب الأمل لدى الناس في التخلص من ميليشيات إيران وإزاحتها عن كاهل اليمنيين، لكن الأمر تغير بعد عودة الجنود إلى الإمارات، وإفساح المجال للسعودية وقيادات الإخوان، فتحول مسار المعركة من تحقيق الانتصارات إلى صناعة الهزائم.

كان مغادرة الجنود الإماراتيين أرض المعركة هو أكبر انتصار لقيادات الإخوان في الشرعية، حيث تمت إزاحة أكبر العوائق أمامهم لتحقيق أهدافهم من الحرب، لذلك وجدنا التراجع الكبير في الجبهات والانكسارات المتوالية في المعارك، واستشراء الفساد بشكل مخيف، كل ذلك والسعودية مطّلعة على مجريات ما يحدث من تراجع، رغم استمرار التحالف بضخ الأموال والأسلحة، لكنها لم تستوعب الحقيقة التي ربما أدركتها متأخرة أن بقاء الشرعية وقياداتها في قيادة المعارك هو استمرار لجني الهزائم واستمرار وصول صواريخ الحوثي إلى المدن السعودية.

عجزت السعودية عن إيقاف صواريخ الحوثي نحوها، وأضاعت فرصة ثمينة لإيقاف تلك الهجمات وذلك بإبقاء هيكل الشرعية وقيادات جبهات القتال، وذهبت في البحث عن أساليب ضعيفة عبر المفاوضات أو الاتفاقيات التي تحد من إسقاط الحوثي وتعرقل استمرار المعركة كما كان اتفاق استوكهولم الذي أنقذ ميليشيا الحوثي من السقوط في الحديدة، لم تدرك المملكة خطورة تلك الاتفاقيات والمفاوضات مع الحوثي في ظل إمكانية كسر شوكته وإسقاطه عسكرياً.

لا توجد إجابات عن سبب تماهي رغبة السعودية مع رغبة قيادات الشرعية الفاسدة في إبقاء الحوثي وتعاظم قوته العسكرية، حيث بالمنطق والعقلانية أن المملكة تستطيع حسم المعركة، ولديها القدرة على المساهمة في إبعاد وإزاحة تلك القيادات الفاسدة التي تبحث عن الثراء الفاحش من خلال استمرار الحرب وبقاء الحوثي، لكن السؤال الأخير الذي أعاد نفسه عن قدرة المملكة في قيادة المعركة بعد أن غادرت الإمارات بجنودها، أم أنها بالفعل تبحث عن إمكانية ضم الإخوان والحوثي -أعداء اليمن- في حوار يطعن دماء اليمنيين ويسقط حلمهم في جمهورية وعدالة ومساواة..!

مع استمرار السعودية باحتضان قيادات الهزائم وجنرالهم العجوز لن تحقق شيئاً في أرض المعركة، ولن تتوقف صواريخ الحوثي على المدن السعودية، وأي تقارب أو حوار يشرعن للحوثي البقاء دون تسليم السلاح والخضوع للإرادة الشعبية هو عبث ستكون نتائجه وخيمة على السعودية نفسها وعلى اليمنيين، وعلى الأمن والسلم الدوليين.