ترك البحر وفضّل العمل على دراجته النارية.. صياد المخا الذي يجد بالفيس ساحة انتصار أخيرة لقضيته

المخا تهامة - Wednesday 13 May 2020 الساعة 12:08 pm
المخا، نيوزيمن، فيصل الشارحي:

على دراجته النارية، يقف في واجهة الشارع العام بالمخا، يرقب دروب الغادين والقادمين من أجل توصيلهم إلى وجهتهم في مدينة اتسعت بساكنيها الجدد لتضم بين جوانبها مواطنين من أغلب مدن الجمهورية.

هو صياد، لكنه غادر بحره منذ أن بدأت نكبة كورونا تعصف بالأعمال المتوسطة، وعوضا عن الصيد، لجأ للعمل على دراجة نارية خسرت نصف عمرها الافتراضي، فكورونا لم يقتل الناس بالعدوى التي تصيبهم، بل بأعمالهم التي كانوا يسترزقون منها، بعد أن أغلقت أبواب التصدير إلى المملكة العربية السعودية.

في الخمسين من عمره، يعرف ذلك من قسمات وجهه التي ارتسمت على شكل خطوط عريضة في جبينه، لكأن كل واحدة منها تعبر عن حكاية، عن نضال، عن قصة كفاح تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، لأجل العيش الكريم، لا سواه.

عبدالله دخن، نحيل حنطي البشرة، ودود وصاحب قلب ليس كمثله، مولع بالفيس بوك، يلج إليه كفضاء فسيح، يبعد عنه هموم الدنيا ومتاعب الأيام وشقائها، ومتنفس لا يجد من أخبار الحرب والقتل والدماء والدمار سوى القدر الضئيل منها.

يتابع منشورات الكتاب والصحفيين بشغف، لأنها تتحدث باسمه وتجعله ينتصر لقضيته، هي آخر الساحات التي أبقت لديه من أمل للانتصار على مواجع كثيرة.

لكنه منذ شهر، يتجنب قراءة منشورات نبيل الصوفي، لأنها حزينة تعبر عن حادثة مريرة أوجعت الجميع، وكتاباته لها وقع مؤثر على نفسه، إلى حد أنها تجعله يبكي.

لديه خمسة من الأبناء، أكبرهم في السادسة عشرة، وهم كل ثروته التي يبذل جهوداً في حمايتهم، بل إنهم وطنه الذين يشعرونه بالدفء وبالأمان.

رجل عصامي يعتمد على زنده في كسب الرزق، هو كالملايين من التهاميين الذين يسطرون كفاحاً يومياً لأجل الرزق، لأجل الحياة، ومن مثل هؤلاء، نخشى عليهم من الجائحة التي تطل برأسها في محافظات يمنية عدة، من توقف مصادر أرزاقهم اليومية.