وطن الاتصالات الخاصة.. ماجد زايد يحكي عن حدود المصالح في مواجهة الشعب

تقارير - Sunday 31 May 2020 الساعة 06:30 pm
نيوزيمن، كتب/ ماجد زايد:

سافرنا لساعات مرورًا بعشرات النقاط الأمنية حتى تجاوزنا منطقة الحوثيين الجغرافية، وبمجرد أن وصلنا أول نقاط الشرعية في "قانية" أوقفنا الجنود وأطلقوا الرصاص الحي علينا..

كان بجوارنا نساء وأطفال وعلم يرفرف في الهواء، كان الجنود يطلقون النار وهم يرتدون بزاتهم النظيفة والأنيقة ويرفعون صور رئيسهم البعيد، كان أحدهم يصرخ في وجوهنا قائلًا: اذهبوا إلى الحوثي وموتوا معه بفيروس كورونا، اذهبوا إليه ودعوه ينقذكم، هيا اذهبوا قبل أن أقتلكم، لن يعبر أحد من هنا على الإطلاق!!

تراجع الكثير من العالقين برفقة أطفالهم ونسائهم، وهممنا بعدهم بالمغادرة، وبينما نحن كذلك، أشار أحد الجنود لأحد العالقين بالاقتراب، شخص من آل الشامي يعمل في بنك سبأ الإسلامي، طلب منه تشغيل سيارته والدخول ثم ابتسم إليه قائلاً: لقد اتصل أصدقاؤك وطلبوا منا السماح لك بالمرور، تفضل وسامحنا على عرقلتك وعدم معرفتك!

عبر الشخص صوب وطنه الخاص وعاد بقية الشعب من حيث أتوا، هذا ما يحدث للشعب طيلة حياته!

لا شأن لي بما حدث، ولا أفكر بطريقة سلالية أو عنصرية، ولكني أستغرب من تناقض الحقيقة عند تجريبها في الواقع من ناحية الادعاءات بين الانقلاب والشرعية، بين الجمهورية والسلالية، بين تفخيخ الجغرافيا بالكثير من المسميات المزيفة في عقول الشباب، لكنهم بعد عمليات التفخيخ يحبون بعضهم ويسهلون لبعضهم ويتواصلون ببعضهم، ومع الشعب يتصرفون كـ قُطاع طرق، ليس لشيء فقط لأن ما يقدمونه دائمًا مرهون بصدق نواياهم وما يتمنون فعله لاحقًا فيما لو تغيرت المعطيات والموازين.

بعد هذا التشدد والتعالي والغرور، غادرنا وبقينا في مكان قريب، بقينا ننتظر بجوار بعضنا ومآسينا، كنا شعبا متنوعا ينتمي لأماكن كثيرة من جغرافيا الوطن القديم، مرت ساعات ونحن ننتظر بلا جدوى، وبعد ساعات تفاجأنا بأنهم أدخلوا سيارتين لاحقتين كانتا عالقتين معنا وتحملان على متنها عددا من موظفي بنك التضامن الإسلامي، ومعهم كان يركب زميلان لنا، عبروا بالحيلة ضمن فريق آخر وتسوية مالية أخرى!

لن أكتب المزيد، لأني ما زلت هنا وسأعود في الغد لأحاول العبور مجددًا، وإن كرروا هذا التبجح والغرور والمحسوبية سأعود مغادرًا للأبد صوب أعظم مدينة وأشرف مكان، صوب صنعاء عليها السلام من قلبي للأبد.

سلام عليكم من وطن الآخرين، من هذا المكان الترابي الذي لا أعرف حتى اسمه.

* نقلاً عن حساب الكاتب في فيسبوك