عبدالكريم الرازحي يكتب: كورونا ونبع العشة

السياسية - Wednesday 03 June 2020 الساعة 11:30 am
نيوزيمن، كتب/عبدالكريم الرازحي:

كانت رحلتنا اليوم إلى النبع المقدس "نبع العُشّة" في شعبان البروية مديرية بني مطر.

كنت ونحن في طريقنا أسعل بطريقة مخيفة وبشكل متواصل حتى إن رفاقي في الرحلة توجسوا خوفاً وداخلهم شعور بأني خدعتهم حين اقترحت عليهم الخروج لكنهم خجلوا من ان يصارحوني بما يعتمل في نفوسهم 

قلت لهم -وقد حدست مخاوفهم -: 

- لا تقلقوا ولا تخافوا حتى لو صحت هواجسكم وصح بأني مصاب بفايروس كورونا إلا أننا الآن في طريقنا إلى نبع العشة.

قال أحدهم محتجاً وقد توجّس أكثر من كلامي: 

- ماكان في داعي تغرينا بالخروج وأنت مصاب بالمرض.

قلت: لم أقل بأني مصاب، وإنما قلت حتى ولو صح بأني مصاب فنحن في طريقنا إلى النبع. 

قال الآخر: وهل ماء نبع العشة يمكن أن يشفيك إن كنت مصابا بالمرض؟

قلت: نبع العُشّة ليس نبعا عاديا وانما هو نبع استثنائي ومقدس، وعندي يقين بأني بمجرد أن أقف بين يديه واستسلم له سوف لن يخذلني. 

ثم رحت أحدثهم عن نبع العشة وعن سمعته وكراماته عن المرضى الذين يفدون من كل قرى ومناطق اليمن إليه طلبا للشفاء من امراضهم وعللهم.

عن النساء العاقرات أو اللاتي عجز ازواجهن عن تلقيحهن وكيف انهن بمجرد ان يخلعن ملابسهن ويقفن عاريات تحته يحملن وتنتفخ بطونهن.

وحدثتهم عن شهادات أولئك المرضى الذين قابلناهم أثناء زياراتنا المتكررة للنبع، وعن الرجل المشلول الذي جاء محمولا على نقالة من اقصى محافظة حجة وبمجرد ان وضع قدميه في ماء النبع المنبجس من قلب الصخر حتى استعاد عافيته وراح في طريق العودة يركض كالوعل.

ثم حدثتهم عن تجربتي مع النبع المقدس وكيف اني كلما غطست في مياهه أشعر بنفس شعور الحية وهي تخلع جلدها وتجدد نفسها وتجد روحها قاب قوسين أو أدنى من ملامسة الخلود. 

قلت لهم كل ذلك وهم في حالة فزع حتى إنهم لشدة فزعهم من أن أنقل إليهم فايروس كورونا كانوا يصغون إلى سعالي 

بدلا من الإصغاء إلى حديثي. 

عندما وصلنا قال أحدهم يحذرني: 

-الماء بارد يا رازحي لا تنزل ولو أنت نزلت سرحتك. 

لكني وبنفس طريقتي البسيطة والعفوية في الاقتراب من الينابيع والنساء اقتربت من النبع المقدس واستسلمت له واسترخيت وشعرت لحظتها بنشوة تعادل تلك النشوة التي يشعر بها الصوفي في لحظة الانخطاف والتوحد ولم أعد أدري وقد توحدت بنبع العشة من منا يستحم بالآخر! 

هل أنا أستحم بالنبع 

أم هو يستحم بي!!

* من صفحة الكاتب بالفيسبوك