لماذا ينشغل حزب الإصلاح بحروبه الخاصة!!

تقارير - Saturday 04 July 2020 الساعة 11:55 am
تعز، نيوزيمن، معتز الشوافي:

قد يحدث أن يعلن حزب الإصلاح -الذراع السياسي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين في اليمن- عن اشتراكه في معارك متوافقة مع المعارك الوطنية، وهي صدفة نادرة جداً ولا تستمر طويلاً، لكن ذلك يحدث لفترات قصيرة تتقاطع فيها -ولو تكتيكياً- مصالح الجماعة التي تعد الأقدس مع مصالح الوطن، ولذا فقد كان، على سبيل المثال، حزب الإصلاح سباقاً للإعلان عن تأييده لعاصفة الحزم منذ اللحظات الأولى لانطلاقها.

لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الموقفين القطري والتركي حينها، حيث كانت قطر -ولو صورياً- ضمن التحالف العربي خلال انطلاق عملياته الحربية في مارس 2015، كما كان الموقف التركي المعلن حينها هو التأييد لهذه العمليات، وطالما أن جماعة الإخوان التي يمثلها حزب الإصلاح هي أداة قطر وتركيا في اليمن فلم يكن موقف حزب الإصلاح مستغرباً يومها. 

كما أن دراسة موقف الإصلاح المعلن حينها ومقارنته بسلوكياته خلال الحرب يقودنا إلى الإقرار بأن الموقف المعلن للحزب من تدخل التحالف العربي في اليمن لم يكن إلا تكتيكاً سياسياً، خاصة إذا نظرنا إلى حجم المكاسب البراجماتية التي اكتسبها حزب الإصلاح وقياداته من ذلك الموقف، فلم تنطلق عاصفة الحزم ولم يباركها الإصلاح إلا ومعظم قيادات الحزب قد استقرت في الرياض باستثناء بعض القيادات التي تم تركها لقمة سائغة لفم الانقلابيين، مثل القيادي محمد قحطان، فك الله أسره. 

كذلك لم يتم الإعلان عن تدخل التحالف العربي عسكرياً في اليمن إلا وقد قام حزب الإصلاح ببناء مجاميع مسلحة تابعة له تم الترويج لها إعلامياً وتنصيب شخصيات إخوانية على رأس هذه المجاميع باعتبارها قيادة المقاومة الشعبية، وتم تضخيم هذه القيادات وإحاطتها بهالة إعلامية ضخمة تمهيداً للدور المرسوم لها بدقة والمهمة التي يجب تنفيذها في خدمة الجماعة، وهي نهب السلاح المقدم من التحالف العربي وتكديسه في مخازن خاصة تابعة للحزب، بالإضافة للاستحواذ على ملايين الريالات السعودية التي تم تقديمها من التحالف العربي كدعم لعمليات التحرير، وأبرز القيادات التي لعبت هذا الدور، على سبيل المثال، الشيخ حمود سعيد المخلافي الذي نهب السلاح والدعم المالي المقدم من التحالف ليصبح -قبل أن تنتهي الحرب وقبل أن يتم تحرير مدينة تعز- رجل أعمال مقيماً في تركيا، ويكفي أن عرف أن مبلغ 300 مليون ريال سعودي هو دفعة واحدة مما نهبه واتهمه بذلك رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية حينها المهندس خالد بحاح. 

انشغلت جميع القوى المؤيدة للشرعية -باستثناء حزب الإصلاح- بمعركة مواجهة الانقلاب الحوثي بهدف القضاء عليه واستعادة الدولة التي تم الانقلاب عليها، بينما انشغل حزب الإصلاح بمعركته الخاصة المتمثلة بمعركة السيطرة والاستحواذ على المناصب المدنية والعسكرية، وهذا هو ديدن الحزب الذي يتعامل مع الدولة كغنيمة يجب الاستئثار بها، خاصة وهو يرى أن معركته هي معركة الجماعة لا معركة الوطن، وهي معركة تهدف للاستحواذ وإقصاء الآخر وفقا لمبدأ ”التمكين الإلهي” المعروف في منهج جماعات الإسلام السياسي. 

ولقد ظل حزب الإصلاح متوارياً بمواقفه التكتيكية خلف الشعارات الفضفاضة التي يرفعها والتي تبدو في ظاهرها أنها الحصن الأول المدافع عن الشرعية في وجه الانقلاب، لكن الحزب سرعان ما فضح نفسه وتحديدا منتصف العام 2017 وتحديدا مع قيام الأزمة الخليجية التي تم بموجبها استبعاد قطر من عضوية التحالف العربي المساند للشرعية، لينتج عن ذلك تغيير واضح في مواقف حزب الإصلاح وفي خطاب إعلامييه وناشطيه وعدد من قياداته، حيث تحول الخطاب الإصلاحي لمهاجمة دول التحالف العربي واتهامها باحتلال اليمن وصولا إلى المطالبة بطرد دول التحالف من اليمن واستبدالها بتدخل عسكري تركي مباشر. 

ولقد اتضح موقف الإصلاح أكثر مع الكشف عن الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة بين الحزب وجماعة الحوثي الانقلابية، ووجود مكاتب تنسيق بين الطرفين مدعومة وممولة من دولة قطر، وقد انعكست هذه الاتفاقيات والتفاهمات عبر توحيد الخطاب الإعلامي بين الجانبين، واستضافة القنوات المدعومة من قطر لقيادات جماعة الحوثي ونشر أخبار الجماعة وإعادة فتح مكتب قناة الجزيرة القطرية في صنعاء، كما انعكست هذه الاتفاقيات والتفاهمات على الأرض من خلال تسليم عدد من الجبهات -التي يقودها إصلاحيون- بأسلحتها للحوثيين كما حدث في نهم والجوف.

كما أن تركيا دخلت على الخط من خلال الاتفاق مع إيران على تقاسم النفوذ في اليمن، بحيث يبقى النفوذ الإيراني في الشمال، حيث المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين، بينما تقوم تركيا بالاستحواذ والسيطرة على الموانئ والسواحل الجنوبية، بالإضافة لباب المندب والمخا، وذلك عبر التسهيلات التي يقدمها لها حزب الإصلاح مستغلا سيطرته على القرار السياسي والعسكري للشرعية. 

على أن نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الجنوبية مثَّل حجر عثرة أمام هذا المشروع، ما جعل حزب الإصلاح يقوم بحشد ميليشياته العسكرية في أبين وشبوة وتعز للبدء بحرب عبثية تستهدف اجتياح المحافظات الجنوبية المحررة، وهي الحرب التي يقودها علي محسن وتدعمها وتمولها قطر، وتأتي ترجمة لأجندة جماعة الإخوان المسلمين التي تعد جزءاً من أجندة قطر وتركيا في المنطقة، أي أن الحرب التي يشنها حزب الإصلاح لاجتياح المحافظات الجنوبية تهدف لتمكين تركيا من بسط نفوذها على السواحل اليمنية، وهو ما ترى تركيا أنه في حال تم لها ذلك سيساعدها على السيطرة على طرق الملاحة الدولية.