أطباء المخا: عوامل مرضية واجتماعية لسوء التغذية وخبير يقدم نظرة تشاؤمية

المخا تهامة - Saturday 04 July 2020 الساعة 03:16 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

ذات صباح مشمس من شهر يونيو الماضي، وبينما كان رجل وزوجته في طريقهما إلى مستشفى المخا لمعرفة السبب الذي يحول دون رغبة طفلتهما في تناول الطعام، أبلغهما الطبيب المعالج إصابتها بسوء التغذية.

كان نبأً غير سار للزوجين اللذين اعتقدا بداية الأمر إصابتها بالتهابات بسيطة يمكن تجاوزها بإعطائها المضادات الحيوية اللازمة، لكن ذلك لم يكن سوى رحلة ألم مريرة لطفلة تقترب اليوم من إكمال عمرها الثاني.

تسرد والدتها، معاناة طفلتها بصوت مخنوق أقرب إلى الرغبة في البكاء، قالت إنها حملت بها قبل الموعد المحدد، ولذا عندما وضعت كان شقيقها الذي يكبرها بعشرة أشهر يرضع معها يومياً.

يقدر أن حنان الأم كان دافعاً أساسياً للسماح له بمشاركة شقيقته حليب الأم، لكن تلك المرأة، لم تدرك أن ذلك سيكون اليوم سبباً بإصابة طفلتها بسوء التغذية.

وكأسرة تسكن في منطقة ريفية في المخا، حيث ينعدم توفر الأشياء الضرورية للأم المرضعة من فواكه وخضروات، فقد كانت تقتات على مواد غذائية خالية من العناصر الغذائية المهمة، كما أن الحالة المادية للأسرة، ربما حالت دون شراء الحليب لطفليهما، أو أن ذلك ناتج عن نقص معرفة وإدراك باعتبارهما كانا حديثي عهد بالزواج.

في الدور الثاني لمستشفى المخا، حيث قسم معالجة مرضى سوء التغذية، لا يزال طفلان يتلقيان المعالجة الطبية السريرية منذ أشهر.

قالت إحدى الأمهات، إنها نازحة من منطقة الصلو وقد ولد طفلها، البالغ من العمر عامين، بهيئته الحالية، نحيلا ورافضا لتناول حليبها منذ الساعات الأولى للولاة.

حديث الأم النازحة حاليا في المخا، يشير إلى المعاناة التي واجهتها أثناء الحمل، والحرمان الذي قاسته أثناء فرارها من بلدتها الريفية في محافظة تعز، بسبب حرب مليشيات الحوثي، لتنجب طفلا مصابا بسوء التغذية الوخيم.

أما الطفلة الأخرى التي كانت تشاركه حياة المتاعب على السرير المقابل، فإنها تعود إلى منطقة ريفية بالمخا، وهذا يكفي أن الفقر والحرمان، سبب لإصابتها بالمرض.

يقدم المدرب في مجال الصحة الإنجابية للأسرة، على التبعي، نظرة تشاؤمية لمستقبل الأطفال الذين يصابون بمرض سوء التغذية، إذ يشير إلى أن ذلك يجعلهم الأقل ذكاءً في تحصيلهم العلمي، كمان أن الأعراض الملازمة لسوء التغذية يحملونها حتى وفاتهم، ويقصد بذلك القدرات الإدراكية للشخص المتعافي من المرض.

يضيف التبعي، خلال دورة تدريبية عقدت في وقت سابق في المخا، إن مرضى سوء التغذية، يعانون من بنية جسدية أضعف من الحجم الطبيعي، كما أن له تأثيرات بعيدة المدى، فالأطفال المصابون يحصلون على أجسام صغيرة في بنيتها، تؤثر على كفاءتهم في القدرة على إنجاز الأعمال في عمر الشباب، عندما يتجهون إلى سوق العمل.

أما الدكتور محمد سعيد في مستشفى المخا فيضع أسباباً كثيرة لإصابة أطفال المخا بسوء التغذية، منها أسباب اجتماعية، كالحرمان الغذائي والنزوح والفقر وأخرى مرضية مرتبطة بأمراض الجهاز الهضمي، كأن يصاب الطفل مثلا بإسهال خلال فترة تجعله فاقدا للشهية، وغير متقبل لتناول حصصه الغذائية اليومية.

من جانبها ترى الدكتورة انيجلا الوائلي، أن كثرة الإنجاب وافتقار الأسر للوعي الكافي بصحة الأطفال يجعل الأطفال عرضة للإصابة بمرض سوء التغذية.

تضيف، إن الوضع الاقتصادي لكثير من الأسر والذي دفعها للتخلي عن الجزء الأهم من التغذية، وهو الفواكه والخضروات، جعلها تكتفي بتناول الأشياء البسيطة الخالية من القيمة الغذائية، والتي تؤثر على صحة الطفل.

تأثير مرض سوء التغذية متشعب بحسب أخصائي الأطفال الدكتور مصطفى القديمي، إذ يضعف مناعة الطفل المصاب بحيث يصبح عرضة للإصابة بالأمراض الأخرى.

يضيف، إن الأطفال المصابين بحاجة إلى أن تكون أسرهم على قدر واسع بالمخاطر التي تهدد حياتهم بما في ذلك إعطاؤهم الأدوية.

ينصح القديمي أن يكون الطبيب المعالج مشرفا على حياة الطفل، فمثلا لو قررت الأسرة إعطاءه سوائل وريدية، فقد يؤدي ذلك إلى وفاة الطفل.

لم نحصل على أرقام محددة حول إصابة الأطفال بسوء التغذية في مديرية المخا ومناطق الساحل الغربي، لكن أحد العاملين قال إن النسبة كبيرة، إذ يقدر استقبال المستشفى لحالات مصابة بشكل شبه يومي.

أما الأطباء الذين التقيناهم فينصحون بضرورة زيادة وعي الأسر بالتغذية الخاصة بالأطفال لتجنب إصابة أطفالهم بالمرض.