نبراس عامر.. ومضة الضوء في زمن العتمة (فيديو)

تقارير - Tuesday 07 July 2020 الساعة 10:30 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

لا يخسف القمر إلا عند اكتماله، كمال الضوء والبهاء الذي ينير الدنيا ويشغل الناس، ليكون الخسوف موعداً للعتمة التي تدركها الأرواح قبل العيون، وهذا ينطبق على قمر الأرض التي انطفأت ذبالة روحها وهي في عز رونقها المكتمل جمالاً وبهاءً وألقاً. 

الثامن والعشرون من مايو آيار 2020 كان موعد الفاجعة التي جاءت مع اختطاف الموت لنجمة الشاشة اليمنية المذيعة المتألقة نبراس عامر، بعد صراع مرير مع المرض في إحدى مستشفيات العاصمة المصرية، ليكون رحيلها موجعاً جداً ومتدفقا بشلالات الألم لأنه جاء قبل الأوان وبلا إنذار مسبق. 

وحين نصفها بالمتألقة فإننا لا نحيد قيد أنملة عن معنى هذا الوصف الملازم لها في حياتها ومماتها، وهي الإعلامية التي عاشت ألقها طوال تجربتها التي كان عنوانها الكفاح، وحصادها التميز، لتكون الحصيلة هي أيقونة مشعة ظلت عنوانا ونبراسا للشاشة اليمنية، حيث جمعت بين هيبة الحضور وجمال الإطلالة وموسوعية الثقافة وإبداع الأداء، وقبل ذلك تميز الشخصية وانفرادها. 

في السادس والعشرين من سبتمبر 1984 ولدت في العاصمة السعودية الرياض، لتكون الفرحة الثانية لوالدها الذي عاش حياته مكافحا في بلاد الغربة متنقلا بين أمريكا والسعودية، وقد اختار لها اسم ”نبراس” وكأنه يرى أنها ستكون ومضة الضوء الذي يبدد وحشة العتمة، وكان يرى وهو يطلق عليها هذا الاسم أنها ستنال من اسمها كل النصيب. 

في العام 1994 أظلمت الدنيا أمام نبراس حين تجرعت مرارة اليتم، لتتحمل أختها الكبرى مسؤولية تربيتها مع أختها الصغيرة، فعاشت حياة مثابرة وكفاح، استطاعت خلالها أن تستمد من ضعف أنوثتها قوة في مواجهة جبروت الحياة. 

التحقت نبراس بكلية الشريعة والقانون وتخرجت منها بشهادة ليسانس، غير أنها لم تكن تجد في دراسة القانون سوى سلاح لها في مواجهة العالم، حيث كان قلبها وروحها يميلان نحو هوايتها التي عاشتها بالفطرة، وهي أن تكون نبراسا في فضاء الإعلام وهي التي لطالما حلمت أن تكون إعلامية، وأن تنقش اسمها في عنوان كتاب النجومية كنجمة للشاشة اليمنية. 

انتصرت نبراس لحلمها والتحقت بكلية الإعلام بجامعة العلوم التطبيقية التي تخرجت منها بشهادة البكالوريوس، لتحمل شهادتين جامعيتين تختصران حكاية مثابرتها وكفاحها في الحياة. 

دخلت نبراس عالم العمل الإعلامي مبكرا من منطلق إيمانها أن الممارسة هي عمود العامل في المجال الإعلامي، ومن مكتب قناة العربية بصنعاء كانت انطلاقتها في العام 2005 حيث عملت محررة صحفية في المكتب، بالتزامن مع عملها كمحررة صحفية في صحيفة ”اليمانية”.

كما عملت نبراس محررة صحفية في موقع نيوزيمن، بالإضافة لعملها كمسؤولة إعلامية لرئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، لتعمل بعدها مذيعة في قناة سبأ الفضائية قبل أن تلتحق بقناة اليمن اليوم التي ظلت مذيعة ومقدمة برامج فيها حتى رحيلها المبكر نهاية مايو 2020.

اشتهرت نبراس بالانشغال بالهم العام الذي يعكس انسانيتها واهتمامها بالإنسان بالدرجة الأولى، وكانت تدرك في ذلك أن السياسة هي المحرك الأساس الذي يتحكم بحياة الإنسان، فاشتهرت بإعداد وتقديم البرامج السياسية، حيث قامت بإعداد وتقديم الكثير منها وأبرزها ”وجهة نظر” و“صوت الشعب” و“فرحة شعب” و“عين على الأحداث” وغيرها الكثير.

وجاء اهتمامها بالبرامج السياسية بالتوازي مع ممارستها للعمل السياسي والحزبي من خلال توليها رئاسة دائرة المرأة في حزب التضامن الوطني والذي يعد واحدا من أبرز الأحزاب الجديدة التي تم تشكيلها مؤخرا.  

وعلى الرغم من انشغالاتها الإعلامية والسياسية كان اسم ”نبراس عامر” طاغي الحضور في المحافل الثقافية ككاتبة أدبية متميزة، بالإضافة إلى نشاطها المجتمعي والحقوقي، حيث استطاعت تخليد اسمها كواحدة من أبرز الناشطات اليمنيات المدافعات عن حقوق المرأة، حيث تبوأت العديد من المناصب في هذا الشأن أبرزها عضوية اتحاد نساء اليمن، ورئاسة قطاع المرأة بالاتحاد العربي للثقافة والإبداع، وعضوية مجلس إدارة الاتحاد.

وفي حياتها كانت نبراس عنواناُ للإنسانية وأيقونة معبرة عن ثقافة احترام الاختلاف والقبول بالآخر، فكانت قريبة من الجميع، لأنها تنتمي لقيم الحق، وتجد أنها ضالتها التي يجب أن تتبعها أينما كانت طالما هي أحق بها، ولذا فقد انعكس ذلك جلياً خلال رحيلها الحزين الذي وحدَّ اليمنيين باختلاف مشاربهم السياسية، فارتدوا سواد الحزن لفراق نبراس الضوء، نبراس الألفة والمحبة، نبراس الحياة.