"شعب البطنين" يخرج للعلن.. الحوثي يعتسف اليمن الكبير في "سلالة" صغيرة

تقارير - Friday 25 December 2020 الساعة 12:10 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

فضح تصريح حديث للقيادي الحوثي، حسين العزي، المعين في منصب نائب وزير الخارجية، في حكومة المليشيا غير المعترف بها، عن نظرة جماعته لليمن كدولة وشعب، حيث اختزل أكثر من ثلاثين مليون مواطن يمني بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم المذهبية والسياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية في فصيل مذهبي صغير.

وعلق العزي، على تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، بالقول: "(واشنطن تصنف السعودية وشقيقتها اليمن (أنصار الله) مصدر قلق خاص)"، بحيث وضع جماعته المتمردة، مكان اليمن دولة وشعبا وجغرافيا وهوية.

وعرف حسين العزي -الذي كان يمسك بملف العلاقات الخارجية في جماعة الحوثي، قبيل سيطرتها على الدولة في سبتمبر 2014م– بأنه واحد من قياداتها المرنة والتي يمكن الحوار والنقاش معها، لكن "العزي" الذي فقد موقعه في إدارة ملف العلاقات الخارجية بعد تعيين الناطق باسم المليشيا محمد عبدالسلام رئيسا لوفدها المفاوض، كشف مثل غيره من القيادات الاخرى عن الوجه القبيح الذي تحمله المليشيات كفكر وثقافة وايديولوجية ومنهج ومشروع وتوجه ورؤية تجاه الشعب اليمني وتجاه المنطقة برمتها.

العنصرية تحكم عقليات الحوثيين

منذ تأسست حركة التمرد الحوثية في جبال مران بمحافظة صعدة في العام 2004م بقيادة الصريع حسين بدر الدين الحوثي، حملت فكرا مذهبيا عنصريا مستندا إلى خرافة "الحق الإلهي"، و"الولاية".

ورغم محاولات القيادات الحوثية الادعاء بان حركتهم تمثل النهج الفكري والديني لمذهب الزيدية الا ان ثمة اجماعا لدى معظم الفقهاء ان النهج المذهبي الديني للمليشيات الحوثية مزيج من أسوأ ما تضمنته التفسيرات الهادوية والاثنا عشرية في المذهب الشيعي، والتي تعطي المنتسبين لـ"الهاشمية" افضلية في كل شيء على ما عداهم من المواطنين، وترى في الاخرين مجرد أناس سخرهم الله لخدمة السلالة المقدسة.

ومع أن قيادات المليشيات الحوثية ظهرت بهذه الرؤية الفكرية وبدأت تنشرها منذ اليوم الاول لتأسيس الحركة على يد حسين الحوثي وعبرت عنها تصريحات لوالد مؤسسها بدرالدين الحوثي في مقابلة نشرتها صحيفة الوسط الاهلية أكد فيها على مزاعم الحق الالهي ونظرية حكم البطنين.

وقد كانت هذه المزاعم سبب إعلان نظام الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح الحرب على التمرد الحوثي في معقله بمحافظة صعدة الا أن الجماعة الحوثية استغلت المواقف السياسية المعارضة لنظام الرئيس صالح والتي كان يتبناها اللقاء المشترك بقيادة تنظيم الإخوان المسلمين (حزب الاصلاح) لصالحها واستغلت وجودها ضمن الاطر والمكونات السياسية التي انضوى بعضها في تحالفات مع جماعة الإخوان لتضفي على نفسها مشروعية سياسية.

ورغم محاولات الحركة ارتداء معطف سياسي من خلال استغلال بعض القيادات ذات الطابع المدني والاكاديمي للترويج لـ"مظلوميتها" الا ان كل تلك القيادات سرعان ما ظهرت على حقيقتها بعد اجتياح صنعاء، إذ جاهرت تلك القيادات "المعتدلة" بتأييدها المطلق لزعيم المليشيات وذابت في فكر ومشروع الجماعة القائم على وهم الأفضلية العرقية والسلالية والطائفية.

المذهبية والعنصرية منتج إيراني 

يجمع السياسيون والمحللون أن حركة الحوثيين كانت وستظل مجرد مليشيات مذهبية عنصرية تأسست بدعم ايراني لأهداف متعلقة بمشروع طهران لتصدير الثورة الخمينية من جهة، ومن جهة اخرى لتصفية حساباتها مع دول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في اطار خلافها المذهبي اولا والسياسي والحقد على دعم الدول العربية للعراق في الحرب مع ايران.

وقد بدا واضحا ان "الحوثية" ليست سوى نسخة مكررة من حزب الله اللبناني والحشد الشعبي وبقية الفصائل الشيعية المسلحة في العراق والتي تستخدمها إيران لتنفيذ اجنداتها، وهو الامر الذي أكدته "الحوثية" فور سيطرتها على مؤسسات الدولة من خلال تنفيذ مناورة عسكرية على حدود السعودية الجنوبية دون مبرر سوى ايصال رسالة ايرانية للسعودية مفادها اننا بتنا نتواجد عبر اذرعنا على حدودكم الجنوبية.

وانطلاقا من ذلك لم تستطع قيادات المليشيات الحوثية اخفاء ارتباطها الفكري والمذهبي والسياسي بإيران سواء من خلال محاولتها استنساخ تجربة الحكم الايرانية عبر تنصيب زعيم المليشيات قائدا لما يسمونها "الثورة"، فيما يتم تعيين قيادات تابعة للحركة في مناصب مؤسسات الدولة على ان تكون مرجعية اتخاذ القرار لزعيم المليشيات مثلما هو الحال في ايران حيث المرشد الاعلى هو صاحب القرار.

وباتت قيادات المليشيات الحوثية تجاهر اليوم اكثر من اي وقت مضى بمشروعها الذي يحاول اعتساف الشعب اليمني في هذه المليشيات العنصرية كما هي تغريدة القيادي الحوثي حسين العزي.

وعكست تغريدة العزي حقيقة الفكر الذي تحمله المليشيات الحوثية التي لا ترى في اليمن سوى صعدة والمناطق التي تديرها وتلغي بقية الجغرافيا اليمنية الخارجة عن سيطرتها، وايضا اصرارها على الزعم بانها "هي الشعب اليمني" والغاء وجود بقية المكونات والفصائل التي تقف معارضة ومواجهة لها أو حتى تلك التي تقف معها في نفس الموقف، وهو ما يؤكد ان هذه المليشيات لا يمكن ان تقبل باي تعايش مع الاخرين الا وفقا لرؤيتها القائمة على افضليتها السلالية والمذهبية.