الحوثية بعد 7 سنوات انقلاب.. نظرة دونية لليمنيين

الحوثي تحت المجهر - Tuesday 25 May 2021 الساعة 08:00 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

نقل عن السياسي اليمني المخضرم الدكتور عبدالكريم الارياني -رحمه الله- قوله: "من غضب الله عليه مد في عمره حتى يأتي اليوم الذي يفاوض فيه مهدي المشاط".

عبارة دقيقة تختصر المشهد الذي يعيشه اليمنيون مع مليشيات الحوثي الذراع الإيرانية في اليمن التي أثبتت السنوات السبع منذ انقلابها في سبتمبر 2014م صدقية مقولة الارياني، حيث ظن كثيرون أن تلك الفترة كفيلة بإظهار قيادات حوثية قادرة على تقديم خطاب سياسي مختلف يعطي نوعا من الثقة لدى الرأي العام بالحركة الحوثية، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، بل إن العكس هو الذي حدث تماما، حيث ظهرت شخصيات حوثية كثيرة وكثيرة على غرار مهدي المشاط الذي جعل الدكتور الارياني، وهو من هو في عالم السياسة والدبلوماسية والتفاوض، أن يخلص إلى تلك النتيجة ويطلق مقولته الشهيرة تلك التي ستظل خالدة وشاهدة على ما قدمته وأنتجته مليشيات الحوثي من أشخاص وشخوص عبثوا ويعبثون بالبلاد حكما وإدارة وقتلا وصراعات وتقسيما مذهبيا وعنصريا.

وللأسف الشديد فإن ثمة إهمالا كبيرا يظهر لدى خصوم مليشيات الحوثي في متابعة المواقف التي تطلقها القيادات الحوثية وتحليل مضمونها وقراءتها بأساليب تحليلية تظهر للرأي العام الداخلي والخارجي حقيقة الفكر الذي تحمله هذه المليشيات على مختلف المستويات.

ويبدو القيادي في المليشيات محمد علي الحوثي الذي يشغل عضوية ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، ورئيس ما تسمى اللجنة العدلية التي تسيطر على السلطة القضائية، هو أكثر القيادات الحوثية التي تطلق مواقف سياسية شبه يومية، ويظهر في كثير من وسائل الإعلام الدولية كمعبر عن مواقف المليشيات السياسية، بل إن قناة مثل الجزيرة القطرية تحول تغريداته على تويتر إلى عواجل خبرية رغم أنها لا تستحق ذلك، وفقا للمحللين والمهتمين.

ولإيضاح الصورة الجلية للمليشيات الحوثية دعونا نورد ثلاث تغريدات أطلقها محمد علي الحوثي لننظر لحقيقة الفكر الذي تحمله هذه المليشيات تجاه كثير من القضايا المختلفة.

اليمنيون في نظر الحوثي رعاع لا مانع من قتلهم

في تغريدة له على صفحته بموقع تويتر، حاول محمد علي الحوثي، أن يظهر وكأنه يريد إحراج المملكة العربية السعودية بالحديث عن قضية فلسطين بالتزامن مع الأحداث الحالية، وهو الأمر الذي تحول من محاولة لاحراج السعودية إلى إظهار جلي لحقيقة نظرة المليشيات الحوثية لابناء الشعب اليمني.

الحوثي طالب في تغريدته السعودية بقصف إسرائيل، ولكن المثير في الأمر كان هو المقابل الذي يقدمه لقاء مطالبته تلك حيث قال إن المقابل هو السماح للسعودية بقصف اليمنيين وحصارهم دون أي رد من مليشياته.

وبغض النظر عن الخوض في مشروعية الغارات والحصار الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية لدعم الشرعية فإن تغريدة الحوثي كشفت كيف تنظر جماعته لليمنيين بأنهم مجرد رعاع لا مشكلة في أن يقتلوا طالما كان ذلك بناء على قرار تتخذه المليشيات قد يحقق له مصلحة.

وفيما سارع أحد النشطاء التابعين للمليشيات، يطلق على نفسه الكرار المراني، إلى وصف محمد علي الحوثي بالدب الطيب، مطالبا إياه بالاعتذار عن تلك التغريدة.. علق الصحفي والكاتب عبدالله هاشم الحضرمي على تغريدة الحوثي تلك بالقول: "أعلنت جماعة الحوثيين عن شكل الدعم العسكري الذي ستقدمه لصالح المقاومة الفلسطينية، ودعا محمد علي الحوثي المملكة السعودية إلى قصف الاسرائيليين والمقابل ستسمح جماعته للسعودية بقصف اليمن دون رد، أي والله".

إظهار المذهبية المقيتة

في قضية أخرى تظهر الفكر المذهبي للمليشيات الحوثية نشر القيادي محمد علي الحوثي أكثر من أربع إلى خمس تغريدات تناول فيها صلاة التراويح بالتزامن مع الحملة الإعلامية التي كشفت تعمد المليشيات منع الناس من أداء صلاة التراويح في رمضان في المساجد مقابل فرض برنامجهم المذهبي الذي يتضمن إرغام الناس على سماع محاضرات زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي داخل المساجد وخارجها، ومحاضرات خاصة يلقيها قيادات المليشيات تركز على تحشيد الشباب إلى جبهات القتال.

وفي محاولاته لتبرير قيام مليشياته بمنع صلاة التراويح ذهب محمد علي الحوثي للمقارنة بين ممارسات مليشياته وما زعمه منع صلاة الفرائض في المسجد الحرام إلا بتصريح، وهو الأمر الذي يكشف سطحية فكره السياسي، وخطأ ربطه بين ممارسات مليشياته والضوابط التي وضعتها السعودية للصلاة في المسجد الحرام ضمن إجراءات مواجهة وباء كورونا، وفي الوقت نفسه يكشف حقيقة موقف حركته التي تنطلق في منع الناس من اداء صلاة التراويح من موقف مذهبي مستند إلى المذهب الشيعي الذي يرى ان صلاة التراويح بدعة، وهو الأمر الذي كرره في اكثر من تغريدة له بوصف صلاة التراويح بالبدعة.

الموقف المذهبي لمليشياته تجاه صلاة التراويح زاد عليه الذهاب لمهاجمة الأزهر الشريف وعلمائه ردا على بيانهم الذي انتقد واستنكر منع مليشيات الحوثي للناس من أداء صلاة التراويح في المساجد في شهر رمضان، ومهاجمة الأزهر الشريف بنفس مذهبي يؤكد أن مليشيات الحوثي تستند لفكر ديني مذهبي شيعي نابع وتابع للمذهب الشيعي الاثني عشري الذي يحكم ويقود إيران التي تعتبر مليشيات الحوثي ذراعها العسكري في اليمن.

تناقض يفضح الانتهاكات الإنسانية للحوثي

وفي دليل على حجم التناقضات التي تظهر بها المليشيات الحوثية نشر محمد علي الحوثي تغريدة على صفحته بتويتر نهاية شهر فبراير الماضي زعم فيها استعداد مليشياته لمبادلة السفير أحمد علي عبدالله صالح مع الإمارات إذا كانت تعتبره الأخيرة أسيرا لديها.

التغريدة تلك قوبلت بحملة انتقادات وسخرية كبيرة من الناشطين والمعلقين الذين وصفوا ما قاله الحوثي بانه مجرد مزايدة سياسية، ونوع من السطحية الفكرية، ودليل على التناقض الذي تعيشه المليشيات الحوثية بين مزايدتها وما تمارسه من انتهاكات إنسانية بحق المعتقلين والأسرى لديها، حيث كشفت هذه التغريدة مزايدة حوثية باسم السفير أحمد علي عبدالله صالح، فيما تواصل اعتقال قريبيه الاسيرين محمد محمد عبدالله صالح وعفاش طارق محمد عبدالله صالح منذ ديسمبر 2017م، بل ومنعهما منذ أكثر من سنتين من التواصل مع أسرهما أو السماح لأي احد من أقاربهما أو اصدقائهما بزيارتهما، وهو ما يشكل انتهاكا صارخا لحقوقهما الدستورية والقانونية كمواطنين يمنيين، ولحقوقهما كأسيرين وفقا لاتفاقية جنيف الخاصة بالأسرى.