ذراع "طهران" في اليمن وتفخيخ طريق الملاحة العالمية

تقارير - Wednesday 19 January 2022 الساعة 07:22 am
الحديدة، نيوزيمن، محمد يحيى:

في يوليو 2017 هددت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً بقطع الملاحة في البحر الأحمر في حال واصلت القوات المشتركة العمليات باتجاه الحديدة، وقال الحوثيون حينها في بيان لهم إنهم سيحولون «البحر الأحمر إلى ساحة حرب».. كان ذلك بعد يوم من استهدافهم ميناء المخا بواسطة قارب مسير محمل بالمتفجرات، اصطدم بالرصيف البحري للميناء، بالقرب من مجموعة من السفن الراسية، لكن دون وقوع أضرار أو إصابات في الأرواح.

وتسيطر مليشيا الحوثي الإرهابية على أكثر من 300 كم من السواحل اليمنية غالبيتها في محافظة الحديدة التي تتخذها المليشيا وإيران نقطة انطلاق لهجماتها البحرية التي تهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.

لقد كان التواجد في البحر الأحمر، أحد الأهداف التي سعت إيران لتحقيقها كنقطة ارتكاز مهمة في استراتيجيتها، فضلا عن الرغبة في التحكم بأهم الممرات الدولية وتهديد طريق التجارة العالمية، وقد عملت طهران على دعم أدواتها في اليمن "مليشيا الحوثي"، لتحقيق مشروعها في المنطقة من خلالهم، حيث تقوم بتزويدهم من خلال سفنها الراسية جنوب البحر الأحمر، ببيانات استهداف السفن وقرصنتها، إضافة إلى تزويدهم بالألغام البحرية والقوارب المفخخة ذات القيادة الذاتية التي يتم توجيهها عن بعد، وتوفير الخبراء ووسائل التدريب لتفخيخ القوارب الحديثة التي يتم مصادرتها من الصيادين بالمتفجرات لاستخدامها في استهداف السفن في تهديد خطير للملاحة الدولية والتجارة العالمية ولأمن البحر الأحمر.

ومنذ توقيع اتفاق ستوكهولم وإيقاف العملية العسكرية الواسعة لتحرير مدينة الحديدة في ديسمبر 2018 أفشل تحالف دعم الشرعية في اليمن أكثر من 100 هجوم بحري لمليشيا الحوثي ضد سفن شحن وناقلات نفطية وسفن ذات مهام مدنية.

ويعد اختطاف وقرصنة مليشيا الحوثي للسفينة الإماراتية "روابي" أمام سواحل مدينة الحديدة مطلع الشهر الجاري مؤشرا خطيرا على إصرار المليشيا المدعومة من طهران على تهديد الملاحة في مضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر، واثارة القلاقل في المنطقة، وهو ما يستدعي التحرك لردع أي تهديدات إزاء تلك القرصنة البحرية التي تشكل سابقة وانتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.

وخلال الفترة من 2021-2019 وضمن عمليات مليشيا الحوثي الممنهجة في قرصنة سفن الشحن، تعرضت عدد من السفن التجارية للهجوم والاحتجاز من قبل المليشيا الموالية لإيران ومن بينها سفينة تجارية سعودية تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة جنوب البحر الأحمر، وسفينة سعودية أخرى صغيرة تعرضت للاحتجاز وزورق سحب يحمل علم كوريا الجنوبية، كما قامت المليشيا بقرصنة عبارة عمانية تعرف بـ"الراهية" اثر جنوحها بسبب الرياح إلى جزيرة صغيرة قبالة سواحل الحديدة، حيث اعتقلت المليشيا طاقم السفينة المؤلف من 20 بحارا من الجنسية المصرية والهندية لأكثر من عام، ووضعت المليشيا العبارة تحت التصرف العسكري لتموين عناصرها.

كما تزايدت هجمات الحوثيين بالزوارق المفخخة على السفن التجارية وناقلات النفط المارة بالبحر الأحمر، ففي ديسمبر 2021 أعلنت شركة "هافينا" للشحن أن ناقلة النفط المشغلة لها "بي دبليو راين" تعرضت لهجوم من مصدر خارجي قبالة ميناء جدة، كما قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إن سفينة تابعة لها تعرضت لهجوم قبالة سواحل اليمن، ولم توضح طبيعته، ولا الجهة التي تقف وراءه.

وفي نوفمبر 2021 قالت شركة يونانية، إن انفجاراً ألحق أضراراً بناقلة تشغلها في مرفأ سعودي مع الحدود اليمنية بالبحر الأحمر، ووصفه تحالف دعم الشرعية بـ"هجوم إرهابي محبط بواسطة زورق من دون ربان محمل بالمتفجرات"، كما أعلن التحالف في الشهر ذاته، أنه اعترض ودمر قاربين ملغومين جنوب البحر الأحمر أطلقتهما مليشيا الحوثي من محافظة الحديدة.

ومطلع العام المنصرم 2021، حدد التحالف العربي موقعا لورشة خاصة بتجهيز وتفخيخ القوارب التي تستخدمها مليشيا الحوثي قرب مدينة اللحية شمال مدينة الحديدة، يشرف على إدارته خبراء إيرانيون، حيث اتخذت المليشيا مرسى خاصا بقوارب الصيد في بلدة "العلوي"، وهي بلدة معزولة كثيفة الأشجار، كمركز صيانة وتجهيز للقوارب المفخخة التي تستخدمها لتهديد حركة السفن التجارية في البحر الأحمر.

وفي أكتوبر العام الماضي أعلن التحالف العربي عن إحباطه هجمات تستهدف خطوط الملاحة الدولية، عبر قصف معمل لتجميع وتفخيخ الزوارق بمعسكر الجبانة الساحلي بمحافظة الحديدة. وتم تدمير أربعة زوارق مفخخة تم تجهيزها لتنفيذ عمليات إرهابية، ليصل مجموع الزوارق التي دمرت 91 زورقاً.

وتواصل المليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخارجه عبر زرعها ألغام إيرانية الصنع في المياه الإقليمية، وباتت الألغام البحرية تشكل خطراً كبيراً يواجهه آلاف الصيادين، بالإضافة إلى تهديدها الملاحة الدولية وخطوط التجارة وإمدادات النفط العالمية.


ونشرت المليشيا الإرهابية منذ العام 2015 مئات الألغام البحرية في المياه الإقليمية بالبحر الأحمر، وعلى امتداد الساحل الغربي من محافظة الحديدة وصولاً إلى المخا والجزر المتناثرة على الشريط الساحلي والقريبة من الممر الدولي وممر باب المندب الاستراتيجي وخليج عدن، ووصل عدد الالغام التي تم تفكيكها خلال الأشهر الأخيرة إلى 200 لغم بحري إيراني الصنع من نوع صدف في جنوب البحر الأحمر، وتسببت الألغام البحرية بمقتل مئات الصيادين، وبحسب المحللين فإن هذه الألغام تعد أهم الأسلحة لدى الحرس الثوري الإيراني، والهدف من زراعتها هو تهديد الملاحة الدولية وفي الوقت نفسه ابتزاز المجتمع الدولي.