فاتن مشهور.. الفتاة التي ماتت بصمت وهي تصارع داء السكري والفشل الكلوي

متفرقات - Tuesday 17 May 2022 الساعة 09:29 am
القاهرة، نيوزيمن، خاص:

قبل عامين وصلت فتاة تسمى فاتن مشهور، في العشرين من عمرها، القاهرة بحثاً عن أمل للتعافي من داء السكري الذي لازمها منذ وقت مبكر.

خاضت فاتن تجربة مريرة مع داء أنهك جسدها، حاولت مقاومته في أحلك الظروف إلى جانب أخيها محمد وأختها ريم، انتزعت لحظات سعادة رغم وخز حقن الأنسولين الذي طاف بجسدها لسنوات.

عامان تتقاسم مع الأوجاع سيرة الحياة، تنقلت بين عيادات العيون ومراكزها، وعيادات الباطنة والغدد، طبيب الكلى والصدر والمفاصل والعظام.

سكنت غرف المستشفيات وأسرتها، لم تنحن أبدا، أرادت أن تبدو قوية حتى آخر لحظة من حياتها؛ تظاهرت بالبهجة والفرح كتمت أحزانها كأنها أشياء عابرة لن تعود، لكنها كانت تعود أقوى من ذي قبل.

كانت المضاعفات في تصاعد دائم، وكانت فاتن تصنع حوائط الصد، تعود من الرمق الأخير كأنها كانت في رحلة مغامرة حتى داهمها في إحدى ليلي رمضان الماضي الفشل الكلوي.

فاتن واحدة ضمن 7 أخوة، عائلة أغلبها مبدعون يجيدون الرسم والغناء والنقش والخياطة، أخذت منهم الحرب أشياء كثيرة، منها البحث عن سكن جديد في صنعاء بعد أن ارتفعت أسعار الإيجارات بسبب اجتياح الحوثي لمدينة صنعاء، تم مضايقتهم من قبل المؤجر السابق وانتهى الحال بهم في أقسام الشرطة التي لا تعين مظلوما ولا تأخذ حقا.

كان رمضان الشهر الأكثر إيلاما على الجميع، فقد نزل خبر إصابتها بالفشل الكلوي مثل الصاعقة، بعد عمليتين جراحيتين لإزالة المياه البيضاء من عينيها ومحاولة ضبط السكر التراكمي.

كانت المخاطر سيدة الموقف والنجاة هنا حلم الجميع، في أواخر رمضان تم جمع ما يقارب 10 متبرعين بالدم من أجل عيون فاتن وجسدها الذي أرهقته الأماني والأوجاع.

مر العيد لا نقول بسلام، مروره كان عابرا مثل بقية الأيام، المعاناة ما تزال تربك الجميع كأنها تقول لا وقت للفرح. حتى جاء نبأ الوفاة بعد يومين في العناية المركزة بمستشفى القصر العيني بالقاهرة.

كانت ريم، الأخت التي تلي فاتن ورفيقتها، أول المفجوعين أما محمد الذي وقف بكل ما أوتي من صبر وقوة فقد تم إخباره وهو يحاول أخذ قسط من الراحة بعد سهر استمر ليومين، وكان هو الآخر يخفي عن الناس قصة الفشل الكلوي.

رِحلة فاتن ليست التي رصدناها هنا، هذه ليست سوى هوامش لمتون عريقة وطويلة ومشاهد لافتة وحكاية تستحق أن تسجل على صفحات الأيام.

شاهد القبر كان آخر ما رأيناه في مقبرة ومدافن البساتين بالقاهرة، مقبرة الجالية اليمنية التي تتبع رجل الأعمال العمودي.. بعد أن فشلنا في إيجاد قبر ولحد على طريقة السنة النبوية.