بساق واحدة وعكزين وكراس متحركة.. جرحى يمنيون في شوارع القاهرة

السياسية - Monday 31 October 2022 الساعة 08:29 am
القاهرة، نيوزيمن، خاص:

الحرب مفردة خطرة والأسوأ أنها فكرة قابلة للتنفيذ، لها سياقاتها المختلفة التي أودت بمئات الأفراد للتعرض للإعاقة طيلة الثمانية أعوام الماضية، بعضها دائمة وأخرى جزئية.

عشرات التقارير صنفت الصراع في اليمن بأنه الأسوأ بين كل الصراعات فقد ألقى بظلاله على كل شيء تقريبا بما فيها الحالة النفسية للأفراد.

أحمد جريح أصيب في جبهات مأرب، يتكئ على عكازين أثناء التنقل داخل السكن أو في الشارع، ساقه اليمنى مليئة بالصفائح والمسامير مثل سقالة بناء، تبدو ثقيلة عند حملها كوطن مُزقت أوصاله وعصفت بترابه الأحقاد.

هو واحد من عشرات الجرحى الذين يجوبون شوارع القاهرة وتحديدا منطقة فيصل ومحيطها ومناطق الدقي والمنيل، أمام محلات الصرافة وعند أبواب المطاعم وبعض الحدائق العامة وعيادات الأطباء.

جراح عن جراح يفرق

يتركز الجرحى في مناطق عديدة غير أن شارع العشرين منطقة "فيصل" هي الأكثر احتضانا لهم من الشمال والجنوب ودون مواعيد ستقابل الكثير منهم.

يقول المثل "عندما ترى مصيبة غيرك تهون عليك مصيبتك"، أحمد أفضل بكثير من غيره لا يزال يحتفظ بساق سليمة وهذا من وجهة نظره مكسب كبير خرج به من معركته مع المليشيا وأدواتها البشعة.

يقول مرافقه، هناك جرحى بلا ساقين ومنهم مشلول الحركة تماما نتيجة إصابته في الحبل الشوكي وآخرون فقدوا الرؤية تماما ومنهم من فقد جزءا منها.

رصاص القناصة الحوثيين والغامهم وعبواتهم الناسفة وقذائفهم وطيرانهم المسير جميعها تقف وراء إعاقة آلاف اليمنيين وبشكل يومي مقاتلين، أو مدنيين ليس لهم علاقة بهذه الحرب.

صعوبة التنقل

كثير من الجرحى مصابون بشلل نصفي وبعضهم بلا حراك في الأطراف السفلى والعليا وهم الأشد تضررا. يلاقون صعوبة أثناء التنقل والذهاب إلى الأطباء، يضطرون للتخلي عن العربات لبعض الوقت وركوب سيارات الأجرة.

المرافقون يجدون صعوبة كبيرة في التعامل مع المريض داخل السكن وحتى خارجه فهم مضطرون للقيام بدور الأم تماما كما تفعل مع طفل صغير.

يقول أحد المرافقين أقوم بالواجب وعلى أكمل وجه فالجريح أخي ولا بد أن أراعي وضعه وإصابته وحالته النفسية، فأنت أمام إعاقة قد تكون دائمة.

حالات حرجة

تختلف نوعية الإصابة من جريح إلى آخر وكأن هناك تقاسم أدوار بشكل عجيب، أغلب الإصابات في الساقين والساعدين.

هناك من فقد بصره بشكل كلي وهذا يتم علاجه باستخراج الشظايا وعمل اللازم من عيون صناعية أو الاكتفاء بنظارة سوداء، وهناك من لا يزال يحتاج لبعض الأدوية والحقن وهي مكلفة من أجل الحفاظ على ما تبقى من بصيص.

الإصابة في الساقين تكون بليغة بحيث يفقد الجريح ساقيه وفي حال تم إسعافه مبكرا يمكن إعادة الشرايين والأوردة وعمل الصفائح اللازمة والمسامير والحال نفسه مع إصابة الساعدين، ما لم فإن البديل هو "البتر" وهذا يعمل صدمة نفسية للكثير قبل الاعتياد عليه وتقبل الوضع.

عشرات المفاصل الصناعية

خلال فترة الحرب التي قاربت على العشر سنوات وصل القاهرة مئات الجرحى ممن هم بحاجة لتغيير مفاصل في مناطق متفرقة.

يقول أحد المندوبين لا توجد إحصائية دقيقة بأعداد المفاصل الصناعية التي تم عملها للجرحى خلال السنوات الماضية لكنها كثيرة جدا وتختلف باختلاف مكان المفصل ونوعيته. 

مضيفا إن أقل عملية تغيير مفصل تبدأ من ستة آلاف دولار إلى اثني عشر ألف وأكثر خلافا للعلاجات وبقية المتطلبات اللازمة خلال فترة التطبيب وهناك من هو بحاجة إلى ثلاثة مفاصل أو اثنين وربما أكثر بحسب الإصابة.