132 حادثة اغتيال في 2022.. الإرهاب يضرب وادي حضرموت بحماية العسكرية الأولى

السياسية - Tuesday 07 February 2023 الساعة 09:38 am
سيئون، نيوزيمن، خاص:

تعيش مديريات وادي حضرموت، شرق اليمن، حالة من الفوضى والانفلات الأمني المتعمد، في ظل السيطرة العسكرية لقوات المنطقة الأولى الموالية لتنظيم الإخوان المسلمين.

خلال العام الماضي 2022، سجلت مديريات وادي وصحراء حضرموت، نحو 132 حادثة اغتيال، طالت قيادات أمنية وجنودا وشخصيات محلية ومدنيين، وفقاً لمصادر أمنية.

ليصل عدد حالات الاغتيال المسجلة خلال السنوات الخمس الأخيرة أكثر من (500) حالة تصفية تم تقييدها ضد مجهولين، على الرغم من انتشار نقاط وألوية تابعة للمنطقة العسكرية الأولى في سيئون الموزعة من مديرية تريم وحتى العبر في صحراء حضرموت، إلا أن الانفلات الأمني الذي تعاني منه المدن تصاعد إلى نحوٍ غير معتاد مع انتشار أعمال السرقة والتقطع والإرهاب.

الإرهاب عنوان

وأصبح وادي حضرموت عنواناً للانفلات الأمني والقتل والاغتيالات وعودة نشاط الإرهاب، وهو ما استدعى تحركا شعبيا وقبليا للمطالبة برحيل المنطقة العسكرية الأولى وتمكين قوات النخبة الحضرمية على غرار تجربتها في ساحل حضرموت منذ تحريره من تنظيم القاعدة بدعم التحالف وجهود دولة الإمارات.

تصاعد المطالب الشعبية برحيل قوات العسكرية الأولى أربك سلطة الإخوان في مدينة سيئون، خصوصا بعد تغيير أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى يحيى أبوعوجاء بقرار رئاسي، وهو ما أدى إلى تخبط القرارات داخل المنطقة العسكرية.

وأوضحت المصادر لـ"نيوزيمن"، أن الفترة الماضية جرى تشكيل معسكرات تدريب جديدة تابعة للعسكرية الأولى، واستحداث نقاط تفتيش في مختلف المناطق بالوادي، في حين أن دورياتها كثفت من انتشارها واستفزازاتها للمواطنين، علاوة إلى الدعوة للتجنيد خارج نطاق المؤسسات العسكرية والأمنية في حضرموت. 

تحركات مشبوهة

واستحدث اللواء (101) شرطة جوية، المكلف بحماية مطار سيئون الدولي التابع للمنطقة العسكرية الأولى، في مطلع ديسمبر 2022م كتيبة بالقرب من حقول المياه بمنطقة جثمة أقصى مدينة سيئون إلى الجنوب، بقوام يزيد عن الـ(700) جندي، دون أهداف مرسومة وواضحة للعيان، غير أن تلك القوات بانت أغراضها وأهدافها بالتمركز في المنطقة القريبة من حقول النفط (بترومسيلة) التي ترابط فيها قوات حماية الشركات التابعة لقوات النخبة الحضرمية التابعة للمنطقة العسكرية الثانية بساحل حضرموت، وهي أيضاً متاخمة لحدود الوادي مع الهضبة والساحل.

الحدود الجغرافية التي رُسمت بين المنطقتين العسكرية الأولى والثانية كانت في تلك الطريق ما جعل المنطقة العسكرية الأولى تقرب منها خشية من دخول قوات النخبة الحضرمية إلى وادي حضرموت لتحريرها من القوات الإخوانية، بحسب ما ذكر محمد الحامد لـ"نيوزيمن".

الحامد أشار إلى أن ثكنة عسكرية تم إنشاؤها بالقرب من حقول المياه تعد خرقاً لقوانين حقوق الإنسان وقانون نداء جنيف في حالة الحرب، مؤكداً على ضرورة محاسبة المتسببين بإنشاء معسكر جثمة لعبثه بمنظومة المياه داخل مدينة سيئون والذي قد يحرم الآلاف من شريان الحياة الأساسي.

 وفي الثامن من يناير المنصرم انفجرت عبوة ناسفة في زارعها أمام ذات المعسكر، موقعة زارعها قتيلاً في الحال والذي تناثرت أجزاء من جسده في موقع وضع العبوة، دون وقوع أي إصابة من المواطنين المارين أو الجنود من تأثير الانفجار.

في أواخر يناير الماضي رفعت قيادة معسكر جثمة تمركزها بالمكان وسحبت جنودها بعد توجيهات محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي ووكيل وادي حضرموت، عقب حملات الضغط الشعبي المستمر في وادي حضرموت.

الخلاص مسألة وقت

وأكد رئيس الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت محمد الزبيدي، أن الإرادة الشعبية جعلت المنطقة العسكرية الأولى تنهي وتسحب كامل المعسكر المستحدث أسفل عقبة جثمة وسحب كامل عناصرها من المكان، وأشار أنه "قريباً سيتم دحر المنطقة كاملاً من الوادي والصحراء وهي مسألة وقت لا غير".

وقال إن الإرادة الشعبية ستنهي ما بدأته من تضحيات ونضال كبير لأجل استعادة الأرض الحضرمية وإعلان دولة الجنوب مستقلة بكامل السيادة، وأن المعركة الأخيرة لقيام الدولة المنشودة هي معركة وادي حضرموت وليتحقق الحلم العظيم الذي يتمناه كل جنوبي. 

وأشار الزبيدي، أن قوات النخبة الحضرمية على مشارف سيئون وهم يراقبون المشهد وينتظرون الأوامر للتحرك وإخراج الإرهاب من الوادي.

يرى مراقبون أن الوضع الأمني المتدهور في وادي حضرموت بات مفتاحا لدخول قوات حضرمية من أبناء المحافظة من أجل بسط السيطرة وإنهاء حالة الفوضى وتولي زمام الأمن والاستقرار وإنهاء الاغتيالات المتصاعدة تحت رعاية المنطقة العسكرية الأولى.

نقطة خطيرة

وبالرغم من تعيين العميد ركن عبدالله بن حبيش الصيعري، مدير أمن وادي حضرموت في مايو العام الماضي، وما تلاه من تحسن ملحوظ في الجانب الأمني، إلا أن المنطقة العسكرية الأولى تمثل نقطة خطيرة في الملف الأمني، خصوصا في تحركاتها المستمرة لتأجيج الصراع بتحركاتها المشبوهة. وهو ما دفع برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لإصدار قرار بتعيين عامر بن حطيان، أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى بدلاً عن أبوعوجاء الحاكم الفعلي للمنطقة العسكرية الأولى.

وجاء تغيير أبو عوجاء في ظل الضغوطات الشعبية والمطالبات المستمرة برحيل القوات الإخوانية المتورطة في زعزعة الأمن والاستقرار وعودة انتشار الإرهاب وتنامي عمليات تهريب الأسلحة والطائرات المسيرة للميليشيا الحوثية.

سالم عبدالدائم أوضح لـ"نيوزيمن"، أن كل التدخلات السياسية الرئاسية هدفها إصلاح المنظومة العسكرية في وادي حضرموت وإنهاء حكم الإخوان فيه بعد سنوات من العبث والسطو والسلب والترهيب والاعتقال وقمع الحريات للسياسيين والناشطين المعادين لتصرفات حكمهم، مؤكداً أن وادي حضرموت قادم على مخاضٍ جديد سينبثق منه وطن للحضارمة عسكرياً وأمنياً وسيمكن لهم الحفاظ على أمنهم بأنفسهم دون أي تدخل من قوات أخرى معادية.

وشدد على ضرورة إخراج المنطقة العسكرية الأولى وجنودها من مدينة سيئون ومدن وادي حضرموت لجبهات القتال بعدما استوطنوا فيها وامتلكوا العقارات والمباني السكنية وخلقوا سوقاً في بيع المنازل بمضاعفة أسعارها للاستيطان في المدن بدلاً عن محاربة الحوثيين وطردهم من محافظاتهم.

وفي السياق، لفت المواطن محمد هادي، إلى أن قوات المنطقة العسكرية الأولى أصبحت عبئاً على المواطن في الفترة الحالية من الناحية الاقتصادية، مشيراً إلى أن الجبايات التي تفرضها قوات ابوعوجاء على قواطر النقل تزيد من معاناة المواطنين، والتي تصل جباية كل نقطة على امتداد السوم وحتى العبر بالطريق الصحراوي بوادي حضرموت نحو مليوني ريال يمني اجمالاً، ما ينعكس على البائع والذي يعكسه على المواطن، وهو ما يثبت أن المنطقة العسكرية الأولى وقواتها الموجودة شريكة في الارتفاع الحاصل في الأسعار والمنتجات والمواد الغذائية وحتى الأدوية.

كسر شوكة الإخوان

على الأرض، غيرت القرارات الرئاسية الأخيرة التي أصدرها رئيس مجلس الرئاسة رشاد العليمي حكم الإخوان في وادي حضرموت وكسر شوكتهم بإنشاء قوات درع الوطن التي سيكون لها النصيب الاكبر من وادي حضرموت، بعد تجنيد المئات من أبناء حضرموت في معسكرات تابعة للتحالف العربي، والمتوقع دخولهم وادي حضرموت منتصف فبراير الجاري.

ويرى سالم صبيح، أن قوات حضرمية مدربة ومؤهلة ستكون قادرة على ضبط الأمن في وادي حضرموت، كونهم الأعرف بتضاريس المنطقة وأماكن الاختلالات، علاوة على النزعة الوطنية لحماية أراضيهم وأهاليهم والحفاظ على ثرواتها المنهوبة.

وادي حضرموت هو الوكر الذي تتحصن فيه الخلايا النائمة، وهو الطريق السلس الذي يغذي جماعة الحوثي بالسلاح والمسيرات والتي من خلالها تستهدف الأبرياء والمصالح العامة والدولية، فبإخراج العسكرية الأولى وإحلال النخبة الحضرمية سيساهم في قطع خط التمويل الحوثي وثبيت الأمن ودعائم الاستقرار داخل وادي حضرموت ومناطقها التواقة للسلام والأمان.