زيارة العميد طارق إلى تعز.. وحاجة الشمال إلى تجربة التصالح والتسامح

السياسية - Saturday 04 March 2023 الساعة 06:59 am
تعز، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

من داخل المبنى المؤقت للسلطة المحلية في تعز، ترأس عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح الأربعاء، اجتماعا لقيادات المحافظة المدنية والعسكرية والأمنية، في حدثٍ لم يكن ليتوقعه أحد قبل عام من الان.

يعكس الحدث ذروة المتغيرات التي يعيشها المشهد السياسي في المعسكر المناوئ لجماعة الحوثي منذ إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل من العام الماضي، وأنهى فترة حكم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، التي تميزت بحالة من الصراع الدائم داخل هذا المعسكر.

حالة الصراع التي اتسمت بها فترة هادي كنتاج لسياسة افتعال المعارك العبثية من قبل المنظومة المتحكمة بالقرار، أفضت بعد 7 سنوات من الحرب إلى تقسيم المشهد العسكري والسياسي في اليمن بين جنوب محرر وشمال تحت قبضة الحوثي باستثناء بعض مديريات في مأرب وتعز والحديدة.

محصلة تكشف الثمن الذي دفعه الشمال لهذه المعارك العبثية بتبديد كل الفرص لتحريره من قبضة مليشيات الحوثي كما حصل مع الجنوب، ويتضاعف هذا الثمن مع تزايد الحديث عن السلام وإنهاء الحرب وفشل الخيار العسكري منذ إعلان تشكيل المجلس الرئاسي.

فالحديث أو التوجه نحو البحث عن تسوية سياسية لإغلاق ملف الحرب في اليمن، يدفع بالمشهد في الجنوب إلى التشدد في فرض قضيته ومطالبته باستعادته دولته، مستفيدا من نجاح مقاومته عسكرياً بالتحرير أولا وفرض الأمن لاحقاً، والنجاح السياسي الذي حققه بوجود حامل سياسي لهذه القضية والمتمثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي والذي بات رقماً صعباً في المشهد.

وعكست الضجة التي أحدثتها تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حول القضية الجنوبية، حالة التشدد المفرط من قبل نخب الجنوب تجاه القضية، وأشبه برسالة تحذير واضحة لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية من محاولة تجاوزها في أي تسوية يتم الإعداد لها لإنهاء الحرب في اليمن.

حالة التوحد جنوباً نحو قضية ومطالب واضحة، يقابلها غرق الشمال ونخبه في حالة من التشتت والضياع في معارك جانبية بدلاً عن المعركة الرئيسية ضد مليشيات الحوثي، بل واجتراء معارك قديمة لم يعد لها قيمة في الوقت الراهن، كما يحصل كل عام مع ذكرى أحداث 2011م، بين أنصار لها يؤكدون بأنها "ثورة" وبين معارضين لها يصفونها بـ"النثرة".

ففي فبراير من كل عام، تصطف أبرز قوى الشمال وهي جماعة الإخوان وأنصار الرئيس الأسبق صالح، خلف هذا الجدل ويتبادل الطرفان خلالها الاتهامات القديمة بمسئولية الآخر في التحالف مع جماعة الحوثي والتسبب في سقوط الدولة بيد الجماعة في 2014م.

حالة الجدل بين نخب الشمال حول أحداث 2011م، يعيد التذكير بأهمية ما قام به الحراك الجنوبي عقب انطلاقته عام 2007م والمتمثل بملتقيات التصالح والتسامح بهدف تجاوز آثار أحداث 13 يناير 1986م والتي مثلت شرخاً سياسياً واجتماعياً، جعلت منها تحدياً أمام أي تحرك جنوبي تحت لافتة القضية الجنوبية.

هذه التجربة جنوباً بات الشمال اليوم مطالباً بالاستفادة منها، في ظل سهولة المهمة شمالاً بالنظر إلى الفارق الكبير بين ما خلفته أحداث 13 يناير 1986م وأحداث 11 فبراير 2011م، إلا أنها باتت اليوم ملحة بشكل أكبر لتوحيد المعركة شمالاً، فما خلفته حرب 94م من تداعيات بحق الجنوب يفوق ما خلفه ويخلفه بقاء الحوثي على الشمال وعلى الجنوب والمنطقة.