غرق ما يزيد عن 38 شخصاً في 7 أيام.. "الحسوم" خطر يواجه الصيادين في البحر الأحمر

المخا تهامة - Monday 13 March 2023 الساعة 03:29 pm
المخا، نيوزيمن، إسماعيل القاضي:

بملامح متعبة وحزينة، وجدنا الصياد عياش البطيل، أحد أبناء منطقة الزهاري شمال مدينة المخا الساحلية- جنوب غرب تعز، المخا، بعد عودته من رحلة صيد مخيفة استمرت لخمس ساعات، صارع فيها أمواج البحر الأحمر والرياح.

مغامرة خطيرة عاشها "البطيل" بعد نجاته من الموت المحقق، ساعات عاشها الصياد وزملاؤه في البحر، دون أن تثمر مغامرتهم في اصطياد أية أسماك. بل على العكس عادوا بحزن لما لقوه بعد نجاتهم من الغرق.

بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي خلفتها الحرب الحوثية العبثية، اضطر الصيادون في المناطق المحررة بالساحل الغربي إلى الخروج لمهنة صيد الأسماك التي تعد المصدر الرئيسي لرزقهم رغم مخاطر الإبحار في ظل تلاطم الأمواج واشتداد الرياح وهي ظاهرة تعرف محلياً بـ"الأزيب" أو "الحسوم".

لكن الصياد "البطيل" وزملاؤه، وبعد نجاتهم عرفوا عواقب مغامرتهم القاتلة، خصوصاً في هذا الأيام التي تتلاطم فيها الأمواج وتشتد فيها الرياح. فقرروا عدم المغامرة مرة أخرى والخروج للبحر في هذه الأيام.

أمواج لا تعرف الشفقة أو الرحمة، تشكلها تيارات الرياح القوية، فخلال الـ7 الأيام، تسببت هذه الرياح والأمواج بغرق ما يزيد عن 38 شخصاً على طول الساحل الغربي لليمن، من المخا جنوباً حتى الخوبة قرب جزيرة كمران شمالاً. 

أربعة حوادث غرق تعرضت لها قوارب صيادين في البحر الأحمر، بسبب هذه الظاهرة الموسمية التي يحاول الصيادون تجنبها وعدم الخروج فيها.

يقول عياش البطيل: إن أمواج الحسُوم يصعب ترويضها، لكننا نجونا اليوم منها ونحن على بعد ثلاثة أميال من شاطئ يختل.

ويضيف: "الأمواج دفعتنا إلى شواطئ المخا، لان عودتنا إلى مرسى الصيد بمركز الإنزال في يختل أصبح صعباً، ومصارعة الأمواج ليس سهلاً".

وتحسر عياش على ما أصاب الصيادين في الفترة الأخيرة، وقال: نعرف أن  البحر "الداخل إليه مفقود.. والراجع منه مولود"، لكنها الحاجة التي تدفعنا إلى العمل رغم المخاطر المترتبة على ذلك.

الرياح الموسمية

تضرب السواحل الغربية لليمن رياح موسمية شديدة تستمر لستة أشهر تعرف بالأزيب، تعطل بشكل جزئي حركة الصيد البحري في البحر الأحمر، عدا من أيام قليلة في الشهر تتحسن حالة الأمواج فيعود الصيادون لاقتناص الفرصة والصيد فيها.

ورغم التحذيرات التي تصاحب حالة الطقس السيئة لتجنب الاصطياد في أعماق البحر إلا أن الصيادين، يذهبون في رحلات صيد تتسبب في فقدانهم غرقاً، نتيجة هبوب رياح تتجاوز الـ40 عقدة في الساعة، أو تعطل محرك قاربهم أو تجرف القارب إلى حقول ألغام تزرعها ميلشيات الحوثي في المياه الإقليمية، من حين لآخر وعلى مقربة من الشواطئ ومعسكراتها الساحلية.

يقول هاشم الرفاعي عاقل الصيادين في المخا، إن حركة الرياح بالمجمل خطيرة، وتعطل حركة الصيد بشكل كبير، وتأتي الحسوم الأشد خطورة في تكوّن الأمواج لتضاعف خسائر الصيادين البشرية والمادية.

ويضيف الرفاعي: فقدنا في الأسبوع الماضي قارب صيد على متنه 4 صيادين من أبناء منطقة يختل، ولم يزالوا في عداد المفقودين حتى اليوم، ولم تفلح محاولات العثور عليهم لا من قبل دوريات خفر السواحل ولا من دوريات الأهالي.

خسائر الصيادين البشرية

وأدت الرياح والأمواج إلى غرق قارب على متنه 24 شخصاً، كان يقل أسر صيادين من منطقة الخوبة، إلى جزيرة كمران شمال محافظة الحديدة، لحضور زفاف قريب لهم، ليسجل وفاة 14 امرأة وطفلا ونجاة 10 رجال من الغرق.

وغرق يوم الأربعاء الماضي، في سواحل الجشة بالخوخة قارب صيد على متنه أربعة صيادين، توفى اثنان، ونجا من الغرق 2 آخرين.

وفقد قارب صيد من الخوخة على متنه 4 أشخاص، قبل أسبوع ليرتفع عدد المفقودين في كلا من: المخا والخوخة إلى 8 صيادين. 

ومنذ بداية شهر يناير الماضي، تم تسجيل عدد من الحوادث، بينها  فقدان قارب صيد من صيادي المخا على متنه 7 صيادين وبعد أربعة أيام من البحث، خرج القارب على متنه جثة صياد موثقة بالحبال قرب ميناء الحديدة، مما دفع الأهالي بوضع علامة استفهام من أن يكون الفاعل ميلشيات الحوثي، التي رفضت تصوير القارب.

وبعد أيام من الحادثة غرق مركب "المروى" مخصص لنقل البضائع والماشية من اليمن، إلى الصومال، نتيجة الرياح والأمواج التي تضرب سواحل زيلع، لينجو عمال المركب، 4 يمنيين وصومالي و5 هنود، بعد إرسال نداء استغاثة إلى ميناء زيلع، ليتوفى قبطان السفينة نتيجة ضغوط نفسية، وينجو ال9 الآخرين.

لترتفع خسائر الصيادين البشرية في البحر الأحمر، من يناير الماضي حتى 8 مارس، إلى نحو 53 صيادا وعاملا بقطاع البحر تعرضوا للغرق، سجلت وفاة 24 صيادا، ونجاة 21 صيادا، وفي عداد المفقودين 8 أشخاص.

خسائر الصيادين المادية

يقول خالد الزرنوقي رئيس جمعية الصيادين في الخوخة، إن الرياح الموسمية ضاعفت خسائر الصيادين المادية بشكل كبير، ففي غياب لسان بحري يحمي قوارب الصيادين من الأمواج تتأثر قواربهم بشكل كبير.

وأضاف الزرنوقي، كل يوم يأتي يضاعف خسائر الصيادين البشرية والمادية منها، قبل أيام ضربت الأمواج قارب صيد حتى حطمته.

وأوضح أن هناك طريقة واحدة لحماية قوارب الصيادين ومعداتهم، في السواحل، وهي وضع لسان بحري يمنع الأمواج ويضعف من حدتها، حتى لا تصل بقوة إلى القوارب الراسية.

إضافة إلى خسائرهم من الأمواج تتأثر حركة الصيد وتقل مدخلات الصيادين خلال الفترة الموسمية، وما يقومون به من اصطياد يكلف السفر إلى الجزر لعدة أيام.

وقال مجاهد القب صحفي وحقوقي، إن قرار إيقاف تصدير الأسماك ضاعف خسائر الصيادين، متهماً وزير الثروة السمكية بمغبة قراره الذي كلف الصياد خسائر مادية بسببه، كما يقول.

وأضاف. إن هذا الأمر دفع وزارة الأسماك لعقد 

عدة لقاءات لكل من: المصائد السمكية في خليج عدن وبحر العرب، ومصائد الأسماك في البحر الأحمر لدراسة القرار وما ترتب عليه.

وأكد أن الأسباب التي تؤدي إلى خسائر الصيادين المادية، تكمن في غياب إرشادات ونصائح للصيادين بخطورة الأمواج، ومن اللامبالاة الصيادين أنفسهم، المتحدي للأمواج وركوبها بقواربهم الصغيرة.