لفشله بمنع الإبادة في غزة.. حقوقيون وفلسطينيون يقاضون بايدن

العالم - Tuesday 14 November 2023 الساعة 05:25 pm
نيوزيمن، وكالات:

رفعت منظمات حقوقية، وسكان من غزة، ومواطنون أميركيون لهم أقارب تضرروا من حرب إسرائيل المتواصلة على القطاع المحاصر، دعوى قضائية مشتركة ضد الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ووزير دفاعه لويد أوستن، لفشلهم في "منع وقوع إبادة جماعية" ضد سكان غزة، وفق موقع "The Intercept".

وترصد الدعوى المؤلفة من 89 صفحة، والتي تقدَّم بها مركز الحقوق الدستورية إلى المحكمة الجزئية الفيدرالية في ولاية كاليفورنيا، تاريخ "الاعتداءات الإسرائيلية على مدى 75 عاماً"، وتحلل "ما اقترفته الحكومة الإسرائيلية من انتهاكات لحقوق الإنسان، وما تبنته من خطابات تظهر بوضوح عدم اكتراثها للقانون الدولي".

وأرفق مقدمو الدعوى شهادة أحد الخبراء في جريمة الإبادة الجماعية، والتي وصف فيها الأعمال الإسرائيلية بأنها "تحمل دلائل على الإبادة الجماعية"، مؤكداً أن إدارة بايدن "انتهكت ما فرضه عليها القانون الدولي من واجبات لمنع هذه المذابح".

رفض وقف إطلاق النار

وورد في الدعوى القضائية أنه "بموجب القانون الدولي، يقع على عاتق الولايات المتحدة اتخاذ جميع التدابير المتاحة لمنع وقوع إبادة جماعية.. ومع ذلك رفض المدعى عليهم مراراً استخدام تأثيرهم الواضح ونفوذهم القوي لفرض شروط أو وضع قيود على أعمال القصف المدمر والحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على غزة".

وأضافت إنه "رغم تراكم الأدلة على أن السياسات الإسرائيلية موجهة لإلحاق أضرار جسيمة بالسكان الفلسطينيين في غزة، عارضت إدارة بايدن وقف إطلاق النار المنقذ للحياة ورفع الحصار، بل واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد إجراءات الأمم المتحدة الداعية إلى وقف إطلاق النار".

وتابعت: "وبدلاً من ذلك، شكلت سياسات التمويل والتسليح والتأييد (التي انتهجها المدعى عليهم) لحملة القصف الإسرائيلية المدمرة والجسيمة والحصار الشامل للفلسطينيين في غزة فشلاً ذريعاً في منع الإبادة الجماعية، وتواطؤاً في تطورها".

وجاءت معارضة إدارة بايدن لوقف إطلاق النار في الوقت الذي خرجت فيه الاحتجاجات الحاشدة إلى شوارع الولايات المتحدة والعالم، لحض الحكومة على العمل من أجل إنقاذ حياة الفلسطينيين.

وتأتي الدعوى بعد تحذيرات شديدة اللهجة من خبراء في حقوق الإنسان والأمم المتحدة، بأن إسرائيل ترتكب "جرائم حرب في غزة"، وأن أفعالها قد ترقى إلى مستوى "الإبادة الجماعية".

وكان مركز الحقوق الدستورية، وهو منظمة غير ربحية ومقرها الولايات المتحدة، حذَّر بايدن وبلينكن وأوستن الشهر الماضي من أنهم "قد يتحملون مسؤولية الإخفاق في منع جرائم إسرائيل في غزة، فضلاً عن دعمهم لها".

وطلب المدعون من المحكمة "منع المسؤولين الأميركيين من تقديم المزيد من الدعم العسكري أو المالي أو الدبلوماسي إلى إسرائيل".

وقال مركز الحقوق الدستورية في مؤتمر صحافي: إن بعض المحاكم وصفت "تقديم أسلحة ومواد أخرى لمرتكبي الإبادة الجماعية، كنوع من التواطؤ"، مؤكدة أن "مقدم الدعم لا يحتاج إلى مشاركة نية الإبادة الجماعية مع من يتلقون (دعمه) لكي يكون مذنباً".

"نكبة غزة"

وصعَّدت إسرائيل بضراوة حملتها العسكرية ضد غزة في الأيام الأخيرة، ما دفع بمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى النزوح من منازلهم في شمال غزة إلى الجزء الجنوبي من القطاع.

واستهدفت حملة القصف مواقع وصفها مسؤولون أميركيون بأنها "محرَّمة"، بما في ذلك المستشفيات والممرات التي صنَّفتها إسرائيل بأنها "آمنة".

 وقال مسؤولون في غزة إن 25 من مستشفيات القطاع باتت "خارج الخدمة" بسبب شدة القصف، إلى حد إخراج الأطفال الرُضع من الحضَّانات.

وبعد أسابيع من مطالبة المسؤولين الأميركيين إسرائيل بـ"الامتثال للقانون الدولي الإنساني"، كان المسؤولون الإسرائيليون واضحين بشأن نواياهم، حين قال آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي والرئيس السابق لجهاز الأمن العام "الشاباك"، السبت: "لقد بدأنا فعلياً تنفيذ نكبة غزة"، وفق "ذي إنترسيبت".

وتشمل قائمة المدعين منظمتي "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فلسطين"، و"الحق" الفلسطينيتين الحقوقيتين، وعمر النجار، وأحمد أبو ارتيمة، ومحمد أحمد أبو ركبة وهم من سكان غزة، إضافة إلى محمد مناضل حرز الله، وليلى الحداد، ووائل البهاسي، وباسم القرة، وهم مواطنون أميركيون تسببت الحرب الإسرائيلية في سقوط ونزوح بعض من ذويهم.

وقال النجار، وهو طبيب مقيم بمجمع ناصر الطبي في خان يونس بغزة في بيان: "فقدت 5 من أقاربي، وعالجت الكثير من الأطفال الذين هم الناجون الوحيدون من عائلاتهم، وتسلَّمت جثامين زملائي من طلاب الطب وعائلاتهم".

وأضاف: "رأيت المستشفى يتحول إلى مأوى لعشرات الآلاف من الأشخاص في الوقت الذي نفتقر فيه جميعاً إلى الوقود والكهرباء والطعام والماء".

وتابع النجار بقوله: "يجب على الولايات المتحدة أن توقف هذه الإبادة.. يجب على كل شخص في العالم أن يوقف هذا".

"تاريخ من الانتهاكات"

وتتَّبع المدعون جذور قضيتهم من نكبة عام 1948، عندما هجَّرت إسرائيل مئات الآلاف من الفلسطينيين، إلى الوقت الحاضر لإثبات انتهاكات إسرائيل المستمرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

ولفتت الدعوى، من بين أشياء أخرى، إلى أنه في سبتمبر الماضي، أي قبل وقت قليل من الهجوم الذي شنته حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى على إسرائيل، رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحمل عنوان "الشرق الأوسط الجديد" والتي محت تماماً وجود فلسطين.

وقدّمت الدعوى أيضاً جدولاً زمنياً دقيقاً ومفصلاً من 7 أكتوبر وحتى 8 نوفمبر، لأعمال العنف التي مارستها إسرائيل ضد غزة، بما في ذلك الحصار الشامل وحملة القصف التي أدت حتى الآن إلى سقوط أكثر من 11 ألف ضحية، ونزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين.

كما تفصل الدعوى أهداف إسرائيل خلال حملتها العسكرية، بما في ذلك "القصف المتكرر لمعسكرات اللاجئين والمستشفيات، والتصريحات التي أدلى بها المسؤولون الإسرائيليون، والتي تُظهر عدم اكتراثهم للقانون الدولي".

وضمت الدعوى، ما قاله المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري في 10 أكتوبر بأن "التركيز ينصب على الضرر وليس الدقة"، وذلك خلال مناقشته "مئات الأطنان من القنابل" التي ألقتها إسرائيل بالفعل بحلول ذلك الوقت.

كما قال الجنرال الإسرائيلي غسان عليان إنه "يجب معاملة الحيوانات البشرية على هذا النحو.. لن تكون هناك كهرباء ولا مياه في غزة.. لن يكون هناك إلا الدمار.. أنتم أردتم الجحيم، سوف تحصلون عليه".

وقالت الدعوى إنه رغم ذلك، أكد بايدن وبلينكن وأوستن مراراً دعم إسرائيل، وفي إحدى الحالات بعد أن تردد على نطاق واسع أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت وصف الفلسطينيين في غزة بأنهم "حيوانات بشرية"، أكد أوستن لنظيره الإسرائيلي أن الولايات المتحدة "مستعدة لتقديم مساعدات عسكرية إضافية إلى تل أبيب".

"مساعدات عسكرية ضخمة"

ويستعد الجمهوريون ومعظم الديمقراطيين في الكونجرس الأميركي لإرسال مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار، طلبها بايدن في من الكونجرس في أكتوبر الماضي، كما يتضمن طلب بايدن "ثغرة غير مسبوقة" من شأنها أن تسمح للبيت الأبيض بالموافقة على تقديم 3.5 مليار دولار في شكل مبيعات أسلحة في المستقبل من دون إخطار الكونجرس، وفق "ذي إنترسيبت".

وأشارت الدعوى إلى أن إسرائيل كانت أكبر متلق تراكمي للمساعدات الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية. 

واعتباراً من يناير 2023، بلغ حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدمتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ عام 1946، ما يقدر بـ260 مليار دولار (معدلة حسب التضخم)، كما بلغ حجم الذخيرة الأميركية التي حصلت عليها تل أبيب اعتباراً من مارس 2023، نحو 4.4 مليار دولار.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، استخدمت الولايات المتحدة في أكثر من مرة، حق النقض "الفيتو" في الأمم المتحدة، لعرقلة القرارات التي تنتقد انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

 كما عارضت واشنطن في خضم الحرب الجارية العديد من القرارات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار.

وقال حرز الله، أحد المدعين الذين تقيم عائلاتهم في غزة: "لقد فقدنا العديد من الأشخاص، ولكن لا يزال هناك كثيرون على قيد الحياة، ونحن مدينون لهم ببذل ما في وسعنا لوقف هذه الإبادة الجماعية".

وخلص الى القول: "لقد فعلت كل ما في وسعي من مشاركة في احتجاجات واعتصامات.. والآن أطالب المحكمة بإنهاء هذه الإبادة الجماعية المستمرة".