تحليل: هل يستمر تدليل أمريكا وبريطانيا للحوثيين بعد القرصنة البحرية؟

تقارير - Thursday 23 November 2023 الساعة 02:37 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

تصاعدت المؤشرات مؤخراً على اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية إعادة تصنيف مليشيا الحوثي-ذراع إيران في اليمن، كمنظمة إرهابية بعد ما يقارب ثلاث سنوات من إزالتها من القائمة.

وعلى إثر القرصنة البحرية التي نفذتها المليشيا الحوثية، الأحد الماضي، في البحر الأحمر ضد سفينة النقل البريطانية اليابانية، واحتجاز السفينة في ميناء الحديدة، خرج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، الثلاثاء، ليقول إن الحكومة الأمريكية "تدرس إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية".

وقال كيربي للصحفيين: "في ضوء هجمات الحوثيين الأخيرة على مدنيين ومع قرصنة سفينة في المياه الدولية، بدأنا مراجعة التصنيفات الإرهابية المحتملة وسندرس خيارات أخرى مع حلفائنا وشركائنا أيضا".

حدود الخيارات الأخرى

مع الأخذ بالاعتبار سلوك المليشيا الحوثية العدائي بشدة تجاه السكان في مناطق سيطرتها وخارجها وضد الحكومة الشرعية والأطراف المنضوية معها في محاربة المليشيا الانقلابية، إضافة إلى سلوكها العدائي تجاه دول المنطقة وخصوصا الإمارات والسعودية، قد تعني "الخيارات الأخرى" التي قال كيربي إن واشنطن ستدرسها مع حلفائها وشركائها لردع المليشيا الحوثية، قد تعني دعم جولة جديدة من التدخل العسكري للتحالف العربي ضد الجماعة الانقلابية.

يأتي هذا فيما تدور الأحاديث في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية اليمنية أن انتهاج المملكة العربية السعودية مسار المفاوضات مؤخراً مع الحوثيين وإبداء رغبتها في الانسحاب من الحرب ضدهم، كل هذا بمثابة خذلان للحكومة الشرعية ولليمنيين المتطلعين لإنهاء انقلاب المليشيا الحوثية وإحلال السلام على أساس تسوية سياسية لا يشكل فيها الحوثيون تهديداً على بقية الأطراف وبالتالي احتكارهم القرار السيادي للبلاد.

يدل سلوك الحوثيين الأخير في البحر الأحمر وإعلان قرار الانخراط في الحرب ضد إسرائيل، وهو القرار الذي لم تعلنه حتى إيران التي ينفذ الحوثيون سياستها وتوجيهاتها، يدل على أن المليشيا الحوثية لا تتصرف كدولة حريصة على مصالح شعبها ولا تحترم مصالح الدول الأخرى المتقاطعة مع مصالح اليمن. 

وعلاوة على ذلك، يتفاخر الحوثيون باستخدام الممر المائي للتجارة العالمية في باب المندب كسلاح "فتاك" من خلال أعمال القرصنة.

إزاء هذا السلوك، قد يأتي إعادة تصنيف المليشيا الحوثية كمنظمة إرهابية من قبل أمريكا، كخطوة أولى لتصنيفها كذلك أممياً، لكن إذا لم ترافق هذه الخطوة خطوات إضافية لتقليص القوة العسكرية التي استطاعت المليشيا بناءها بمساعدة إيران وحزب الله خلال سنوات الحرب الماضية، فلن يكون لهذا التصنيف أي معنى.

ثمن التدليل الغربي للحوثيين

خلال سنوات الحرب لإنهاء الانقلاب الحوثي على السلطة في اليمن، سنحت عشرات الفرص للقضاء على المليشيا الحوثية أو كسر شوكتها في أضعف الاحتمالات، لكن أمريكا وبريطانيا، كأبرز دولتين فاعلتين في الملف اليمني، كانتا تتدخلان لوقف إطلاق النار، وكان أبرز تدخل لصالح المليشيا الحوثية ما حدث في معركة الحديدة عندما كانت القوات المشتركة للتحالف العربي وقوات المقاومة الوطنية وألوية العمالقة على وشك تحرير مدينة الحديدة وشريطها الساحلي بالكامل من قبضة الحوثيين. ثم عززت بريطانيا وأمريكا تدليلها للمليشيا الحوثية باتفاق ستوكهولم وإنشاء بعثة عسكرية أممية لمراقبة وقف إطلاق النار، وهو ما لم تدعم أمريكا وبريطانيا تنفيذه في بقية جبهات القتال.

وبعد توقيع الهدنة في 2 أبريل 2022، وجدت مليشيا الحوثي فرصة لإعادة ترتيب صفوفها وتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية تمكنت من خلالها من استهداف موانئ تصدير النفط والغاز في شبوة وحضرموت ومنع وصول الغاز المنزلي من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرتها، وتحويل استيراد البضائع من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة الذي أصبحت تستخدم إيراداته في تمويل خروقاتها للهدنة والتصنيع الحربي، إضافة إلى جباياتها الجائرة ضد المواطنين في مناطق سيطرتها.

لم يتوقف ثمن التدليل الأمريكي والبريطاني لمليشيا الحوثي عند هذا الحد، فقد أصبحت الآن تنفذ هجمات على المصالح الأمريكية في المياه الإقليمية لليمن وخارج مياهه الإقليمية، وهو ما اعترفت به المليشيا في إعلانها عن اختطاف السفينة جلاكسي ليدر. وبالتوازي مع ذلك، الهجمات التي تشنها أذرع إيران في العراق ولبنان وسوريا على القواعد الأمريكية.

بعد كل هذه النتائج للسياسة الأمريكية والبريطانية في اليمن، بدأ مسؤولون أمريكيون يتهمون إدارة بايدن بالتسبب بكل هذه الفوضى. وفي وقت سابق صوّت أكثر من 40 عضوا في مجلس النواب الأمريكي على إعادة تصنيف مليشيا الحوثية كمنظمة إرهابية. وبعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ازدادت تهديدات أذرع إيران في المنطقة وضوحاً، مما دفع محللين أمريكيين إلى القول إن الشرق الأوسط يدفع ثمن إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب.

ورغم مطالبة واشنطن للحوثيين بالإفراج الفوري عن السفينة جلاكسي ليدر "فوراً ودون قيد أو شرط"، لا تزال السفينة محتجزة لديهم وليس هناك أي بوادر للإفراج عنها عبر التفاوض الدبلوماسي.

وحث المنتقدون الولايات المتحدة على النظر في إعادة تصنيف الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية، حيث شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد إسرائيل والأصول العسكرية الأمريكية.

وبحسب موقع قناة (فوكس نيوز) قال بهنام بن طالبلو، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "بالقول والفعل، يثبت الحوثيون في اليمن للعالم ارتباطهم بمحور المقاومة الإيراني ولماذا كان ينبغي أن يبقوا على قائمة الإرهاب الأمريكية". 

وأضاف: "إن توجيه الضربات والفشل في محاسبة إيران ووكلائها، حتى على المستوى الدبلوماسي، يظهر إلى أي مدى وصلت الأمور".

وفي وقت سابق من أكتوبر الماضي ناقش مسؤولون كبار في البنتاغون "التصعيد الكبير" المتوقع للهجمات ضد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط مع تصاعد التوترات في المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة. 

ربما أصبحت الأوضاع اليوم أكثر وضوحاً لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وبالمثل، لدول التحالف العربي (السعودية والإمارات) لمراجعة سياساتها تجاه مليشيا الحوثي، والكف عن الضغط على مجلس القيادة الرئاسي والأطراف المنضوية معه بقبول تسوية سياسية مع مليشيا انقلابية تتعامل مع اليمن كإرث عائلي من أجدادها الذين حكموا شمال اليمن بنظام الإمامة الرجعي، وعزلوا البلاد عن محيطها العربي والدولي، وهو ما تكرره المليشيا الحوثية اليوم.