تحليل أمريكي: إيران متوترة من إضرار الحوثيين بمصالح الصين والهند

السياسية - Friday 02 February 2024 الساعة 05:11 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

قالت شبكة CNN الأمريكية، إن إيران قلقة من أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر يمكن أن تزعزع المصالح الاقتصادية لكل من الصين والهند، الحليفين الرئيسيين لطهران.

وبينما يتوسع نطاق المخاطر التي تشكلها المليشيا الحوثية على اقتصاد حلفاء إيران، يتزايد انكشافها كلما زاد انتشار أنباء هجماتها على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتصعيدها ضد خصومها ومعارضيها في الداخل اليمني.

مؤخراً أصبحت قضية استمرار اعتقال القاضي عبدالوهاب قطران ورئيس نادي المعلمين أبو زيد الكميم وحكم الإعدام الذي أصدرته سلطات الحوثيين ضد الناشطة فاطمة العرولي، كأبرز الدلائل على أن هذه السلطات تدير المناطق التي تسيطر عليها بأساليب قمعية تتنافى مع الشعارات الدينية والإنسانية التي ترفعها لترويج موقفها مع القضية الفلسطينية. يضاف إلى ذلك العديد من قضايا القمع الوحشي الذي تمارسه الجماعة ضد معارضيها في مناطق سيطرتها، كقضية اختطاف الطبيب منصور الشبوطي وتعذيبه في معتقل سري حتى فارق الحياة. 

وفي سياق العديد من التقارير الحقوقية والإعلامية التي تكشف للعالم حقيقة الممارسات الحوثية الوحشية بحق اليمنيين، نشر موقع قناة CNN الأمريكية تحليلاً استضاف آراء عدد من المراقبين الأجانب واليمنيين حول المغالطات والتدليس الذي تمارسه المليشيا الحوثية في ترويج موقفها ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.

توتر إيراني بسبب الحوثيين

يقول التحليل، إنه في الوقت الذي كان يُنظر إلى الحوثيين كأداة إيرانية تشكل خطورة على استقرار المنطقة العربية، جاءت الحرب الإسرائيلية على غزة لتقدم خدمة لهم في تقديم أنفسهم كمدافعين عن الفلسطينيين. ورغم أن المليشيا الحوثية تقول إن هجماتها على السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتوجهة إليها تتم بالتنسيق مع ما يسمى "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، إلا أن شبكة CNN نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن القيادة الإيرانية تشعر بالتوتر بشأن تصرفات أذرعها في المنطقة، وعلى رأسهم مليشيا الحوثي.

وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم يعتقدون أن القيادة الإيرانية تشعر بالتوتر من أن يجرها تصعيد وكلائها ضد أمريكا وبريطانيا إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، مشيرين إلى أنه كانت هناك دلائل الأسبوع الجاري على أن إيران تحاول كبح جماح وكلائها، حيث قالت كتائب حزب الله في العراق، إنها ستعلق عملياتها ضد أهداف أمريكية في أعقاب ضربة أسفرت عن مقتل ثلاثة عسكريين أمريكيين في الأردن، لكن الحوثيين ما زالوا مستمرين في استهداف السفن.

وقالت الشبكة إن وصول صاروخ كروز حوثي إلى مسافة ميل واحد من مدمرة أمريكية قبل أن يتم إسقاطه الثلاثاء الماضي، هو أقرب هجوم للحوثيين على سفينة حربية أمريكية. وأضافت إن هذه الحادثة سلطت الضوء على التهديد الذي تواصل المليشيا الحوثية تشكيله على الأصول البحرية الأمريكية والشحن التجاري على الرغم من الضربات الأمريكية والبريطانية المتعددة على البنية التحتية للحوثيين داخل اليمن. 

صرف الانتباه عن الأزمة الإنسانية

يقول خبراء مراقبون للشأن اليمني والإقليمي، إنه على الرغم من أن القضية الفلسطينية كانت دائمًا محورية في أيديولوجية الحوثيين، إلا أن أفعالهم في البحر الأحمر تأتي مع فوائد أخرى. كما يقولون إن جماعة الحوثي، ومن خلال هجماتها المستمرة باسم القضية الفلسطينية، صرفت الانتباه عن الأزمة الإنسانية في اليمن وحتى في غزة، ووجهت الاهتمام المحلي والدولي نحو صورتها البطولية كمدافعة عن فلسطين.

وقال توماس جونو، الأستاذ المساعد في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا والمحلل السابق في وزارة الدفاع الكندية: "إن التضامن مع غزة ليس سوى أحد الدوافع وراء ضربات الحوثيين في البحر الأحمر".

وفي حين أن المواقف المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة تقع في قلب أيديولوجية الجماعة، قال جونو: "يجب أن يُنظر إلى حرب غزة على أنها ذريعة للحوثيين، لأنها تسمح لهم بحشد مشاعر قوية مؤيدة للفلسطينيين"، و"إظهار قوتهم خارج البلاد"، إضافة إلى تقديم أنفسهم كسلطة شرعية للبلاد مقارنة بالحكومة الشرعية التي تبدو ضعيفة مقارنة بهم.

"طريقة للهروب"

وبما أن المليشيا الحوثية لم تظهر أي علامات على التراجع عن هجماتها ضد سفن الشحن البحري، يقول الخبراء إنهم بذلك يسعون إلى تأمين ما يعتبرونه انتصارا لسمعتهم في الخارج وتوسيع نطاق قاعدتهم الشعبية في الداخل كونهم وقفوا في وجه إسرائيل وأمريكا وبريطانيا. 

وقال أحمد ناجي، أحد كبار المحللين اليمنيين في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل: "على المستوى المحلي، زادت شعبيتهم في بعض المناطق"، مضيفاً إن الاستياء لا يزال قائماً تجاه ما يُنظر إليه على أنه تهميش للقضايا الداخلية في اليمن، مشيراً إلى أنه بالنسبة لبعض اليمنيين، فإن هجمات الحوثيين أعادت إحياء ذكريات العنف الذي مارسته الجماعة في الداخل وسط الحرب الأهلية التي استمرت قرابة عقد من الزمن.

وتشير شبكة CNN إلى أن فشل التحالف العربي في القضاء على قوة المليشيا الحوثية خلال سنوات الحرب التي استمرت من 2015 إلى 2022، أتاح لهذه المليشيا مساحة أكبر للاستقواء على الحكومة الشرعية وتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي، كما أتاح ترك البلاد في حالة خراب لإيران لزيادة دعمها للحوثيين.

ويرى توماس جونو أنه لا يوجد منافس عسكري أو سياسي يمكنه تحدي الحوثيين محلياً، لكن حكمهم في اليمن كان قمعياً وغير فعال اقتصادياً، وهذا الاعتقاد لدى المحلل الأمريكي هو إحدى نتائج التخلي عسكرياً عن دعم الحكومة الشرعية وإتاحة الفرصة للحوثيين باستعراض قوتهم على جبهات القتال والملاحة البحرية. 

وقال جونو، إن تعبئة الحوثيين للمشاعر القوية المؤيدة للفلسطينيين هي بالتالي تكتيك مفيد للغاية لصرف الانتباه عن التحديات الداخلية التي تواجههم، حيث يحتاج اليوم أكثر من 24 مليونا من سكان اليمن إلى المساعدات الإنسانية. 

وكانت مليشيا الحوثي وافقت خلال الأيام القليلة الماضية على استبعاد 4 ملايين يمني من قوائم المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية.

وقال أحمد ناجي، إنه خلال سنوات الحرب الماضية في اليمن، كان الحوثيون يلقون اللوم في مشكلات البلاد على الصراع، مضيفا: "لقد هدأت الحرب، لذلك هناك ضغوط على الحوثيين للوفاء بوعودهم"، ومع تصاعد المطالب الشعبية لسلطة الحوثيين بتحسين المعيشة، كان التصعيد في البحر الأحمر والأحداث في غزة بمثابة مهرب لهم من هذه الاستحقاقات.

وتقول ندوى الدوسري، زميلة غير مقيمة في معهد الشرق في واشنطن العاصمة، إنه من المحتمل أن المليشيا الحوثية تريد جر الولايات المتحدة إلى حرب مباشرة.

وقالت: "يعتمد الحوثيون على نفور الولايات المتحدة من الصراع"، مضيفة إنه بعد حربهم التي استمرت ثماني سنوات مع التحالف الذي تقوده السعودية، "ظهروا أكثر ثقة" و"أجبروا السعوديين على القدوم إليهم يائسين" من أجل الخروج من الصراع في اليمن.

وفي حين أنه من غير المرجح أن تؤدي الحرب مع الولايات المتحدة إلى توحيد اليمنيين خلف الحوثيين، لأن صراعًا بهذا الحجم سيكون مدمرًا للسكان الذين يعانون بالفعل، فإن "الضربات الجوية الأمريكية المستمرة يمكن أن توفر للحوثيين ذريعة لإجبار المزيد من اليمنيين على الانضمام إليهم أو يساهمون في "المجهود الحربي" الذي نصبوا أنفسهم أوصياء عليه، بحسب الدوسري.

واختتم التحليل بما قاله توماس جونوا: "يشعر الحوثيون بالغطرسة، فهم لم ينجوا من سنوات من القصف السعودي فحسب، بل خرجوا أقوى بكثير". "لذلك من المرجح أنهم يعتقدون أن بإمكانهم أيضًا النجاة من الضربات الأمريكية، واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية"، وفي حال تم السماح للمليشيا الحوثية بتحقيق مثل هذه المكاسب بعد الضربات الأمريكية والبريطانية، يكون المجتمع الدولي قد غذّى تربية مسخ شرّير على ضفاف إحدى أهم طرق التجارة العالمية.