القرار دخل حيز التنفيذ.. العقوبات الأميركية تواجه "إرهاب الحوثي" بتعقيد تدفق المساعدات

تقارير - Saturday 17 February 2024 الساعة 12:05 pm
عدن، نيوزيمن:

مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية، الجمعة 16 فبراير، دخول قرار تصنيف "الحوثيين" جماعة إرهابية، حيز التنفيذ. وسط تباين بشأن ما إذا كان هذا التحرك الجديد لإدارة الأميركية سوف ينهي الإرهاب الذي تقوم به هذه الجماعة بدعم من إيران ضد الملاحة الدولية.

وبحسب بيان صادر عن الخزانة الأميركية: "إن العقوبات المفروضة سببها الرئيسي علاقة مليشيات الحوثي بالهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر". وجاء إعلان قرار الخزينة عقب انتهاء المهلة التي وضعتها الإدارة الأميركية للميليشيات الحوثية 30 يوماً لإنهاء هجماتهم وإرهابهم لخطوط الملاحة الدولية. وفقاً للقرار ستعمل الإدارة الأميركية عمليا لتجميد الأصول التي قد تملكها الحركة في الولايات المتحدة وكذا قطع مصادر تمويلها.

التصريحات الأميركية بينها بيان للبيت الأبيض، أكدت أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية جاء "ردا على التهديدات والهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون". وأن "هذا التصنيف يعد أداة مهمة لعرقلة تمويل العمليات الإرهابية للحوثيين، وزيادة تقييد وصولهم إلى الأسواق المالية، ومحاسبتهم على أفعالهم".

ويهدف التصنيف إلى منح وزارة الخزانة الأمريكية يداً أوسع لإصدار العقوبات والإشارة إلى الحكومات الأجنبية الأخرى أو الأشخاص أو الشركات بأنها قد تفقد إمكانية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، إذا خالفت العقوبات أو سعت للتعامل مع الحوثيين، حيث تستهدف العقوبات النظام المالي والمصرفي والشركات الحوثية.

استهتار حوثي 

ورغم التحرك الأميركي الجديد، إلا أن الميليشيات الحوثية لا تزال مستمرة في شن هجماتها ضد السفن التجارية المارة قبالة سواحل اليمن؛ رامية بالقرار في مياه البحر الأحمر الذي شهد تسجيل حوادث استهداف جديدة يومي الخميس والجمعة. 

وأكد بيان صادر عن القيادة المركزية الأميركية أن سفينة الشحن البريطانية "ليكافيتوس" تعرضت لهجوم صاروخي أثناء إبحارها في مياه خليج عدن. موضحا أن الهجوم أسفر عن إصابة السفينة بشكل طفيف، وأنها واصلت الإبحار صوب وجهتها. في حين أكدت هيئة التجارة البحرية البريطانية، الجمعة، أن سفينة تجارية تعرضت لهجوم شنته ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، على بعد 70 ميلا بحريا شمال غرب المخا. مضيفة: ربان السفينة أبلغ بوقوع انفجار على مسافة قريبة من السفينة، وأن الطاقم بخير.

ويرى عدد من المحللين والمراقبين الدوليين أن ميليشيا الحوثي غير مبالية بالعقوبات الأميركية أو إدراجها ضمن قائمة الإرهاب، موضحين أن الحد من الهجمات الحوثية بالبحر الأحمر لن يكون بهذه العقوبات.

وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية، محمد الباشا، إن الحوثيين لا يبالون بالعقوبات الأميركية، كون إن الأثر المباشر من هذه العقوبات قليل على الجماعة. موضحا في تصريح نشره موقع "الحرة" أن "قراءة حزمة العقوبات الأميركية السابقة، أظهرت أن الحوثيين لا يتعاملون مع المنظومة البنكية أو المالية العالمية، وإنما عبر صرافين ووسطاء ولهذا هم لا يبالون بهذه العقوبات".

وأشار إلى أن هناك قطاعات سوف تتضرر في حقيقة الأمر من هذه العقوبات هي "المؤسسات التي تتعامل بالدولار مثل: البنوك وهيئة الطيران وموانئ الحديدة وكذلك شركات الاتصالات والنفط والغاز".

من جانبه أكد رئيس مركز واشنطن للدراسات اليمنية في العاصمة واشنطن، عبد الصمد الفقيه، بالقول إن "هذا التصنيف يتكرر للمرة الثانية، ولن يؤثر بشكل كبير على قدرات الحوثيين". مضيفا إن "الحوثيين سيشعرون بوجود ضغط دولي على الجانب السياسي، ولكن على الجانب العملي هذه الجماعة كانت تتوقع هذا القرار ولهذا حصنت نفسها بشبكة تمويل بعيدة عن الأنظمة المالية الدولية التي يمكن ملاحقتها".

وزاد: إن قادة الحوثيين يتمركزون في اليمن "ولا يغادرونه أبدا، ولا يوجد لهم أملاك وأصول يمكن ملاحقتها في خارج البلاد"، مضيفا إن "الحد من قدرات الحوثيين لا يمكن أن يتم بهذه العقوبات، إذ سيستمرون في الحصول على السلاح كما حصلوا عليه خلال السنوات الماضية عبر طرق غير شرعية".

القرار يحمي المساعدات

بالعودة إلى قرار التصنيف الذي أصدره الرئيس الأميركي السابق ترامب مطلع العام 2021، نددت آنذاك منظمات أممية ودولية بالإجراء، معتبرة أنه يعقّد الاستجابة للأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها الشعب اليمني. ليتم لاحقاً إسقاط القرار بعد أسابيع فقط فور تولي الرئيس الأميركي جو بايد السلطة استجابة لمطالب تلك المنظمات.

 ومع إعادة صدور القرار اليوم، برزت ذات المخاوف من أن العقوبات ستكون عائقاً أمام تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، خصوصا وأن اليمن يمر بأوضاع إنسانية هي الأسوأ على العالم.

تلك المخاوف قابلتها الإدارة الأميركية مع إعادة التصنيف بتعهدات بأن القرار جاء لتحقيق التوازن وحماية تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها بشدة الشعب اليمني. حيث قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن واشنطن "ستجري تواصلا قويا مع أصحاب المصلحة ومقدمي المساعدات والشركاء الذين يلعبون دورا حاسما في تسهيل المساعدات الإنسانية والاستيراد التجاري للسلع الحيوية في اليمن".

التطمينات الأميركية قوبلت بتشكيك ومخاوف من قبل المحللين والمراقبين على الرغم من أن القرار الأميركي لن يتضمن عقوبات على تقديم "الدعم المادي" ولا حظر السفر وبالتالي لن يشكل عائقا كبيرا أمام تقديم المساعدات للمدنيين اليمنيين. وأكد المحلليين أنه من الصعب أن يتم الفصل بين ما هو مرتبط بالحوثيين أو الحكومة اليمنية.

ويؤكد كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية، محمد الباشا أن العقوبات ستؤثر على الشعب اليمني لا محالة خاصة في "ظل الارتفاع الملموس لكلفة تأمين الشحن البحري وأسعار النقل إلى اليمن، فإن التصنيف سيضيف إلى هذه التحديات ولن يشجع البنوك الدولية وشركات الشحن والمؤسسات التجارية العالمية من التعامل مع السوق اليمنية".

وتابع: إنه "خلافا للجماعات الأخرى المدرجة في القوائم الأميركية للإرهاب، جماعة الحوثي أمر واقع ويؤثرون بشكل مباشر على ما لا يقل عن 20 مليون نسمة، ومن الصعب الفصل بين ما هو مرتبط بالحوثيين أو الحكومة اليمنية".

وتوضح مديرة كلية غورتن في جامعة كامبريدج، إليزابيث كيندال، لفرانس برس أن الآلية التي اختارتها إدارة بايدن هي بالتأكيد أكثر مرونة من تلك السابقة، لكنها تشمل حتما "معاملات أكثر ومخاطر بالنسبة للمنظمات والمستوردين، ما سيؤثر على توصيل المنتجات وسيرفع الأسعار".

وترى الخبيرة في شؤون اليمن، كيندال، أنه حتى لو كان الحوثيون "يستحقون" بالفعل هذا التصنيف "فليسوا هم من سيتحملون" تبعاته، مشيرة إلى أن قادة عدة من الحركة "يجمعون ثروات على حساب الاقتصاد الخفي للحرب". وتضيف "قد يتبين أن التهريب مربح أكثر بعد التصنيف".

تحرك حكومي 

إصرار الإدارة الأميركية على تنفيذ قرار التصنيف والعقوبات، دفع بالحكومة اليمنية إلى مواكبة التغير الجديد من خلال تعميم أصدرته وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية دعت فيه المنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية المعتمدة في اليمن إلى نقل مقراتها في "مدينة عدن عاصمة البلاد، وفتح حساب مصرفي لدى البنك المركزي اليمني".

وأكدت الوزارة على دعمها "الكامل لجميع المنظمات المخلصة في تنفيذ المشاريع والبرامج التنموية والإنسانية، التي تصب في مصلحة الشعب اليمني، وتساهم في تحسين أوضاعه المعيشية".

غير أن المنظمات غير الحكومية التي تواجه أصلا تقليص التمويل الدولي للمساعدات في اليمن، تعرب عن قلقها إزاء عملياتها في البلد الذي يعتمد فيه ثلثا السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للعيش.

وتخشى مدير منظمة "كير إنترناشونال" إيمان عبداللهي، من احتمال أن تؤدي هذه العقوبة إلى "تأخير على مستوى تمويل اللوجستيات والعمليات". مضيفة: "حتى لو منحت استثناءات للمنظمات الإنسانية، فإن نظام العقوبات يشمل جهات أخرى ينبغي التعامل معها مثل: المصارف والتجار، ما قد يؤدي إلى "تأجيج الأزمة الإنسانية".

بدوره رئيس مركز واشنطن للدراسات اليمنية، الفقيه، قال إن "واشنطن عبّرت عن التزامها بعدم انعكاس القرار الأميركي على الشعب اليمني الذي يعاني أصلا من وجود الحوثيين". لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستكشف ما إذا كانت الإجراءات الأميركية قادرة على تحييد أثر هذه العقوبات على الشعب اليمني واستمرار دخول المساعدات الإنسانية.

ويؤكد نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، دييغو زوريلا، لوكالة فرانس برس أن "المنظمات الإنسانية تأمل بشدة ألا يؤثر تصنيف الإدارة الأميركية على إيصال المساعدات إلى الشعب اليمني".