رفيق الكوز والقات.. عامل الميناء الذي تجوّل بين السودان والحبشة ثم أكمل حياته صامتاً تحت شجرة المخا

المخا تهامة - Sunday 14 April 2019 الساعة 03:24 pm
المخا، نيوزيمن، فيصل الشارحي:

لا شيء يعكر صفو مزاجه، وكل ما عليه فعله هو تحضير نرجيلة التنباك الخاصة به "الكوز"، وحزمة من القات، ثم يسند ظهره على صخرة صغيرة تحت شجرة وارفة الظلال على الشارع الرئيس لمدينة المخا الساحلية.

منذ سنوات و"محمد سعيد" يتخذ من ذلك المكان موضعاً يمارس فيه طقوسه اليومية، فلا أبواق السيارات ولا المارة تقلق راحته، كما لا يرى شيئاً يثير اهتمامه من عيون العابرين التي ترمقه بفضول.

فهذا المهمش الذي يبلغ من العمر نحو تسعين عاماً تنحصر حياته اليوميه بثلاثة أشياء: "القات والتنباك ومسند صخري" يتكئ عليه، أو إن جاز التعبير يرمي عليه همومه ليسعد بالراحة أثناء تناوله القات.

يقول محمد المحويتي، البالغ من العمر نحو 40 عاماً وهو من سكان المدينه، "منذ أن كنت طفلاً وأنا أرى هذا الرجل يعيش حياته على هذه الوضعية دون تغيير، لكأن حياته توقفت عند هذا السن، دون أن تظهر عليه علامات الشيخوخة".

يضيف: "بحسب من يعرفون قصته هنا فـ"سعيد" كان يعمل حمالاً في الميناء أيام شبابه، ثم لدى المحلات التجارية بالمدينة قبل أن يسافر إلى دول أخرى مثل السودان والحبشة، وعند منتصف عمره عاد إلى هنا مرة ثانية، ولكن هذه المرة عاطلاً".

وبحسب المحويتي يكتفي ذلك المسن بتناول القليل من الخبز من مقاصف المدينة ومطاعمها، لكنه يحرص على تناول القات على مدار الساعة.


يعيش وحيداً

لا أبناء، ولا زوجة، ولا أقارب.. كما لا يعلم أحد شيئاً عن أسرته، إنه يجلس وحيداً على قارعة الطريق بثيابه الرثة وممسكاً بطرف "الكوز"، رفيقته المصنوعة من الطين، والتي قاومت عوامل التلف وصمدت بجانبه.

يقول عبدالله مكتفياً بإعطائنا اسمه الأول: "الكوز صديقه المفضل".

يحصل سعيد على الأموال التي ينفقها على نفسه من معارفه ومحسنين يمنحونه بعض ما تجود به أنفسهم.. إنهم رجال أعمال صغار وملاك للمحلات التجارية الصغيرة يقدرون كبر سنه ووضعه المادي الصعب ثم إن حاجته قليلة.

يرتدي ملابس رثة، ولا أحد يعلم المرة الأخيرة التي اغتسل فيها.. أما أغراضه الأخرى فيضعها داخل صرة صغيرة يحملها على ظهره أثناء تجوله داخل حواري وأزقة هذه المدينة، وعندما يدركه النعاس يضعها تحت رأسه ثم يتمدد وينام.

يرفض الكلام، وكل ما يبيحه لنا هي أشارات كأنه يوافق على أن يسمعنا، لكن دون إجابة.