الفقر والبطالة بوابة الشباب اليمني إلى الحوثية والإرهاب

إقتصاد - Monday 22 April 2019 الساعة 02:50 pm
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

"عشرة أعوام وأنا من مكان إلى مكان ومن شارع إلى آخر، الفراغ والبطالة طاغيان على حياتي أصاباني بالملل والكآبة، وساءت إثرهما حالتي النفسية وواقعي الكئيب"، هكذا استهل الشباب كمال حسن (33 عاماً) حديثه لـ"نيوزيمن" عن واقعه الذي يختزل واقع كثير من شباب اليمن وخصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين.

مضيفاً: منذ أن تخرجت من الجامعة وأنا أبحث عن عمل، وجاءت الحرب التي نعيشها منذ 2014 وهو تاريخ "سيطرة الحوثيين" على صنعاء، أصبح الوضع أكثر سوءًا وانعدمت أي فرصة حقيقية للعمل. حتى الشركات الخاصة أغلبها يغلق أبوابه ويسرح موظفيه بسبب ما يعانونه جراء الحرب، والنهب الحوثي تحت مسمى "المجهود الحربي" وغيرها من الإتاوات، كل ذلك أعدم أي فرصة عمل نحصل عليها.

ويمضي في حديثه مبيناً الانعكاسات الأسرية جراء هذا الوضع قائلاً: من حق أهلنا أن يكرهونا فعلاً، ونحن لا نلومهم رغم أن الواقع المفروض علينا ليس بأيدينا تغييره، ويضيف: كل يوم أجلس في "الحراج" أنتظر لمن يحتاجنا في أي عمل نسد به حاجة يومنا، وكم نضحك ويعترينا الألم ونحن نسمع من يتغنى باسم الشباب من السلطات القائمة سواءً سلطات صنعاء أو حكومة هادي، وكأنهم لا يعرفون أن حالنا هو من سيء إلى أسوأ.

سراب

وربما حال محمد عبدالقوي (28 عاماً) لا يختلف كثيراً عن واقع كمال، فقد قال: أغلب الشباب، وأنا منهم، نمر بحالة نفسية سيئة جداً.. شباب تخرج من الجامعات إلى واقع مزرٍ وظروف صعبة وحروب عبثية، شباب حلمهم وطن ودولة وقانون وديمقراطية وجمهورية حاضنة للجميع، أحلامهم هذه تراوح مكانها لم تجد الطريق إلى الواقع.

ويصف حاله منذ أن تخرج من الجامعة قبل 3 سنوات: كنت أظن بأنني إن تخرجت سألاقي الوظيفة التي طالما حلمت بها واجتهدت ودرست وواصلت تعليمي الجامعي رغم الظروف المادية المتدهورة حتى أصل إليها، ولم أكن أتوقع أنني أمشي في سراب. فالخيبات والانتكاسات المتكررة على المستوى الاجتماعي والمعيشي أصابتنا نحن الشباب بحالات نفسية سيئة وتتفاقم هذه الحالة كل يوم، والبحث عن عمل قد يكون صعباً في ظل هذا الوضع وإكمال الدراسات أصعب لعدم توافر الإمكانيات المادية، والعمر يمضي وهؤلاء الشباب في معاناة كبيرة ربما يحدث لهم مكروه يصيبهم جراء ما يعانونه.

واسترسل محمد في حديثه قائلاً: نحن نعاني عندما نرى احلامنا تنهار، والمستقبل مظلما، وكل شيء حولنا يغرز مخالبه وينهش في افكارنا واجسادنا ويعيق خطواتنا نحو الأمام.. الحالات النفسية لأغلب الشباب هذه الفترة هي نتاج طبيعي للواقع الأليم، انا واحد من هؤلاء الذين اصيبوا بحالة نفسية سيئة أحاول أن اصمد لكن لا أعتقد أنني سأصمد كثيراً.

طاقة كبرى

أما الأخصائية الاجتماعية سوسن الريمي، فقد تحدثت حول هذه القضية بالقول: لعلكم تلاحظون أن أكثر الذين يكونون فريسة سهلة للتطرف والإرهاب والاستقطاب لجبهات الموت هم الشباب، ومن أبرز العوامل المؤدية إلى ذلك، الفراغ والبطالة المنتشرة بين أوساط الشباب. تخيلوا شابا عاطلا عن العمل يتمتع بصحة وقوة وطاقة كامنة بداخله يعاني من ضغوطات اجتماعية ونفسية تزيده عبئا بسبب وجوده كعالة على المجتمع والواقع خصوصاً في ظل انقطاع الرواتب التي حولت غالبية الأسر اليمنية إلى فقراء بل فقراء مدقعين.

وأضافت: ولهذا يبحث عن أي فرصة يفرغ بها طاقته وقوته ويشغل بها فكره وروحه بغض النظر عن تداعيات هذه الفرصة السانحة أمامه والعواقب المترتبة عليها ناهيك عن الخطر الجسيم والجرم الشنيع الذي يرتكب بحق هؤلاء الشباب حين يتم استدراجهم واستغلالهم من قبل الحوثيين ومختلف قوى التطرف والإرهاب، وهذا ما حدث للكثيرين وللأسف الشديد حين يغادرون أهاليهم أجساداً ويعودن لهم صورة وأشلاء.

وتؤكد الريمي أن الحل بأيدينا وبتضافر الجهود المجتمعية يدا بيد، والعمل على ضرورة وقف الحرب وعودة مؤسسات الدولة، وفتح آفاق مستقبلية تحمل بارقة أمل وفرص عمل ستمكن الشباب اقتصادياً وفكرياً وثقافياً وتحصنهم من أفكار التطرف والانحراف والإرهاب.

فلنأخذ بأيديهم

من جهتهم يرى مثقفون أن الحل يكمن في توقف هذا الحال وإنهائه، والعمل على التخلص من كل ما ترتب عليه ومد يد العون للشباب من خلال إعادة تأهيلهم نفسياً وثقافياً وعقد الندوات والدورات الفكرية والنفسية بما يحقق إعادة التوازن بداخلهم ويفتح لهم سبيلاً للتفكير الإيجابي والعمل على تحقيق الذات من خلال الحصول على فرص عمل واستيعاب هذه الطاقات المهولة بعيداً عن المزايدات والمحسوبيات.


مؤكدين على ضرورة عودة الدولة وإنهاء الانقلاب واستعادة اليمن من يد خاطفيه من كل الجماعات التي لم تخلف لليمن إلا الدمار وأرسلت شبابه للموت وفق أيديولوجيا دينية مذهبية ومصالح حزبية مقيتة، مشددين على ضرورة عودة الدولة ومؤسساتها الفعلية لممارسة دورها المناط بها لتأخذ بزمام مسئوليتها في توظيف الشباب وتمكينهم ماديا، والأخذ بأيديهم، وأن تكون أكثر قربا وملامسة لواقعهم ومشاكلهم حتى لا تدع أو تترك أي فراغ لضعاف النفوس ودعاة التطرف لاستغلالهم والإيقاع بهم.