في التسعين لكنه بحيوية شاب في العشرين.. صانع الحلوى الذي يرفض ترك مهنته

المخا تهامة - Friday 26 April 2019 الساعة 09:14 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

بيدين خفيفتين يضع الحاج عايش خضير كمية من السكر في إناء نحاسي أشعل تحته النيران، ثم يضيف إليه كمية من النشأ وقليلاً من المياه، ثم يقلب تلك المكونات رويداً رويداً، مضيفاً إليها قليلاً من التوابل الخاصة.

يستمر على ذلك التقليب مستخدماً عصا خشبية سميكة إلى أن تنضج، لكنه يضيف أشياء رفض التحدث إلينا بشأنها، إنها طريقته في صناعة "الحلوى المخاوية"، إحدى أشهر الحلويات وأقدمها، ويتمسك بأسرار تحضيرها لنفسه منذ سنوات.

يقول خضير "منذ خمسين عاماً وأنا أعمل في مجال صناعة الحلوى هنا، أصنع فيها أحد أقدم أنواع الحلوى وأشهرها والتي تحمل اسم المدينة ذاتها (المخا)".

منذ بداية إنشائها قاوم ذلك المعمل الصغير لصناعة الحلوى عوامل الزمن وبقى في ذلك المنزل حتى اليوم، فيما ظل ذلك الرجل ومساعدوه يحضرونها ليتولى آخرون توزيعها في أسواق ومناطق أخرى.

يضيف خضير، إن عمره يتجاوز التسعين عاماً، وقد عمل مع مؤسس هذه المحلاية ومع ابنه واليوم يعمل مع أحفاده.

عاصر ثلاثة أجيال، لكنه ما يزال يحتفظ بحيوية شاب عشريني، فهو يصحو مبكراً، ويعمل حتى ظهيرة اليوم دون تعب.

يحمّل خضير العام 2011 وما لحقه من أحداث تسببت في تراجع الطلب على حلاوته المشهورة بعد أن قطعت أوصال الكثير من المناطق وعزلتها عن بعضها البعض.

يقول بنبرة حزن "إن زبائننا في مدينة إب والقاعدة والتربة ومدينة تعز والحديدة ووصاب وريمة والمحويت، أحجموا عن طلبها، بسبب بُعد المكان، وزيادة أجور النقل التي تحرمهم من الربح، لذا تراجعت الكمية التي يتم صناعتها وتراجعت معها أرباحنا".

قديماً كان خضير وزميله الآخر في العمل يعدان الحلوى من كيسين إلى خمسة أكياس في اليوم، يزن كل كيس 50 كجم ويصنع من ال 100 كجم 625 كجم من الحلوى.

وفي الأيام التي يشتد الطلب فيها، كالأعياد والمناسبات، ينتجون من خمسة إلى ثمانية أكياس، ويستغرق العمل من الصباح حتى المساء، لكنه يكتفي اليوم بتحضير واحدة إلى اثنتين فقط بالكاد يتم توزيعها داخل مدينة المخا.

يحرص خضير على العمل والاستمرار في مهنته رغم بلوغه التسعين.. فالعمل، حسب قوله، يمنحه تجدد الطاقة والنشاط، ويحافظ على قوة شبابه.

ورغم مطالبة أبنائه بالتوقف عن العمل، إلا أنه يرفض ذلك، فالمهنة التي عشقها قبل أكثر من خمسين عاماً يستحيل تركها بسهولة.

يصف خضير الحرص الذي يبديه أولاده على ترك العمل "بالنابع من رغبتهم في رد الدين لي"، إنه جزء من العرفان بما قدمته لهم يوم أن كانوا أطفالاً، يضيف مبتسماً".

حينما سألته هل ذلك يشبه الدَّين الذي يتوجب سداده أم هي القيم التي تتسم بها العائلات اليمنية والتي يتميز أفرادها بروابط أسرية متينة؟ أجاب: هما الاثنتين معاً.

عندما ذهب لجلب بعض المياه من بئر مجاور أبهرتنا طريقته في المشي.. إنه يبدو كما لو كان في العشرين من العمر "إنها من فوائد العمل، فالحركة بشكل يومي تبقي صاحبها شاباً"، قالها ضاحكا.

سر شهرة الحلوى المخاوية هي المكونات التي تُصنع منها، فالسمسم البلدي بديل عن الزيوت المصنعة مع إضافة القليل من السمن البلدي ليمنحها نكهتها المميزة، أما البهارات الأخرى فيرفض التحدث عنها.. إنها سر شهرة حلاوته التي يخشى انتقالها لآخرين فيسرقون سر صناعتها.