حسابات حلف هادي والإخوان قادت الشرعية لفخ الحوثي - غريفيث في الحديدة

السياسية - Sunday 26 May 2019 الساعة 03:36 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

ضيقت العملية العسكرية لتحرير مناطق الساحل الغربي التي انطلقت منتصف عام 2018 ابتداءً من باب المندب وصولاً إلى جنوبي مدينة الحديدة، الخناق على ميليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن- وقلبت سير المعركة في اليمن بشكل عام لصالح الشرعية والتحالف.

واتسمت عملية الساحل الغربي بسرعة الحسم وتكاملت فيها دقة التخطيط العسكري وبسالة القوات المنفذة لتكون المحصلة انتصارات كاسحة وسريعة أرعبت ميليشيا الحوثي وحولت ساحات المواجهات إلى محرقة كبرى لقياداتها، عكس بقية العمليات في باقي الجبهات التي تراوح في دوائر مفرغة منذ أربعة أعوام.

ومثلت تلك الانتصارات في الساحل، بارقة أمل لليمنيين الذين تفتك المجاعة بنحو عشرة ملايين منهم بقرب الخلاص من كهنوت الإمامة ومشروعه الظلامي.

وقد كان لافتاً تكامل وانسجام واستبسال قوات المقاومة المشتركة المنفذة لتلك العمليات (ألوية العمالقة الجنوبية والمقاومة الوطنية -حراس الجمهورية- والمقاومة التهامة) والتي انصهرت لتشكل منظومة قتالية صلبة مستفيدة من إسناد ودعم التحالف العربي وخصوصاً القوات الإماراتية.

وتسارعت وتيرة العمليات التي بدأت بتحرير وانتزاع مناطق وسلسلة جبال هامة تطل على مضيق باب المندب الاستراتيجي، واتجهت نحو تحرير مفرق ومدينة وميناء المخا غرب تعز وصولاً إلى تحرير مفرق البرح الاستراتيجي ليتم قطع طرق إمداد المليشيا في مقبنة والوازعية وموزع وحوزان والعمري وكهبوب.

وتواصل التقدم الكاسح في مديريات سهل تهامة جنوبي محافظة الحديدة ومن ثم انطلقت العمليات بسرعة الصاروخ صوب مدينة وميناء الحديدة قاطعة مسافة تزيد عن 100 كيلومتر في ثلاثة أيام لتضع أقدام أبطال القوات المشتركة على أرض مطار الحديدة وفي مداخل المدينة الجنوبية والشرقية والغربية.

وبينما خطفت تلك الانتصارات الأضواء وكانت محط اهتمام وسائل الإعلام والقنوات الفضائية العربية والدولية، توقف الخبراء العسكريون كثيراً بالرصد والتحليل والإشادة، بالإضافة النوعية التي مثلتها قوات المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق محمد عبدالله صالح وإسهامها الفاعل مع القوات المشتركة في صنع تلك الانتصارات.

وخصص الخبراء حيزاً من تحليلاتهم للإشادة بالمهارات القتالية العالية التي يتحلى بها ضباط وأفراد المقاومة الوطنية وتفرد هذا التشكيل العسكري بتمثيل مختلف المناطق والمحافظات اليمنية بعيداً عن الولاءات الجهوية والحزبية التي تتسم بها بقية تشكيلات الوحدات العسكرية التابعة للشرعية، فضلاً عن الثناء على دهاء وحنكة قائدها وخبرته العسكرية المشهودة.

لكن في المقابل كانت هناك جهات داخلية وخارجية تحيك مؤامرات لإعاقة استكمال تحرير مدينة وميناء الحديدة الاستراتيجي.

فعلى المستوى الداخلي وبينما كان متوقعاً أن يدعم الرئيس عبدربه منصور هادي تلك الانتصارات التي تعجل بنهاية الحوثية وعودة الشرعية، انصهر في مؤامرة إخوانية سعت لإعاقة معركة الحديدة منذ انطلاقها بدءاً بإيقاف المواجهات في مختلف الجبهات القتالية مع ميليشيا الحوثي لتمكينها من جمع مقاتليها وإرسالهم إلى الساحل الغربي.

أما على المستوى الخارجي فقد بدأت الضغوط الدولية تتصاعد بتصاعد وتيرة الانتصارات ووصلت ذروتها مع بدء توغل القوات المشتركة في شوارع مدينة الحديدة من ثلاث جهات جنوبا وشرقا وغربا ووصولها إلى بعد مرمى حجر من ميناء الحديدة بذريعة مخاوف من تأثير العمليات العسكرية في هذه المدينة في إعاقة وصول الإمدادات التموينية للشعب اليمني ما سيؤدي إلى مفاقمة الأزمة الإنسانية.

وفي حين كانت بريطانيا حاملة القلم في ملف اليمن بالأمم المتحدة تقود تلك الضغوط في أروقة المنظمة الدولية كان مواطنها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يترجم أهدافها في إعاقة الحسم العسكري في اليمن وإطالة عمر الانقلاب الحوثي.

وفيما تسارع تقدم القوات المشتركة في عمق مدينة الحديدة وفي ظل انهيارات متتالية في صفوف ميليشيا الانقلاب، رمى غريفيث بطُعم حوثي مسموم لقتل معركة الحديدة تحت دواع إنسانية من خلال إطلاقه مبادرة لوقف إطلاق النار لتمكين الحوثيين من الانسحاب سلميا ليتم في ضوء ذلك تسليم مدينة وميناء الحديدة للشرعية وعلى أن يتم صرف رواتب موظفي الدولة المتوقفة من أكثر من عامين مع إعلانه أن جماعة الحوثي قد أبلغته موافقتها على هذه المبادرة.

وبناءً على تلك المزاعم سارعت الشرعية الرخوة وبنزعات انتهازية وأنانية بالتهام الطعم وإيقاف معركة الحديدة بينما استغلت ميليشا الحوثي الفرصة لإعادة رص صفوفها وحفر الخنادق وتلغيم أغلب الشوارع، وجلبت التعزيزات تحت تغطية سياسية من المبعوث الأممي عبر ما يسميه مسار السلام.

وكانت محطة السويد لمشاورات السلام اليمنية محطة فاصلة، إذ تبخرت خلالها الوعود الحوثية بالانسحاب السلمي وتقدمت الجماعة باشتراطات جديدة.

وبعد أن تعذر تنفيذ اتفاق ستوكهولم، تعالت الأصوات الوطنية للمطالبة بإعادة إطلاق عمليات تحرير الحديدة، فعاد غريفيث مجددا لينصب شراك مؤامراته ويتبنى مبادرات لتجزئة حلول مفككة لاتفاق السويد لم يلتزم الحوثيون بتنفيذ أي منها، بينما اتجه هادي وحكومته للتمسك بقشة غريفيث والتي لم توصلهم إلا إلى مسرحية انسحاب هزلية من موانئ الحديدة.

وقوبلت تلك المسرحية بالتنديد والاستنكار من الرأي العام اليمني ليضطر هادي لاحقاً بتحرك خجول اقتصر على توجيه رسالة شكوى إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دون أن يبلغه بموقف حازم فتلقى رداً قاسياً تضمن إغفال شكواه وتأكيد ثقة الأمم المتحدة بمبعوثها.