حسن العديني: في اليمن.. إيران تزرع الطائفية وقطر تدفع وتركيا تحمي و"الإخوان" يتبعون من يدفع (حوار 2-3)
السياسية - Sunday 30 June 2019 الساعة 11:41 am
مدرسة في الصحافة، شديد الملاحظة، حياته كنهر يتجدد باستمرار، ونضاله قلم لا يجف وكلمة لا ترتعش، ناصري الهوى والهُوية، صاحب ذاكرة واسعة؛ حين يحدثك عن الأسماء، والتواريخ، والأحداث، والكتب.
يعتقد أن انتماءه السياسي كان عقبة أمام تدرجه في الوظيفة العامة، عُرف عنه كتاباته الحادة ضد نظام صالح، ينتمي إلى أسرة ريفية زراعية عُرفت ب"القُضاة" وما زالت تمارس القضاء حتى اليوم. له كتابات وقراءات سياسية واجتماعية عميقة في الصحافة اليمنية والعربية.
لديه عمود في صحيفة "الخليج" يقدم فيه قراءات دقيقة عن الراهن اليمني والعربي.
حسن العديني "أبو جمال" خريج سياسة واقتصاد جامعة القاهرة، صاحب امتياز صحيفة الأسبوع، أكثر من عرَّى زيف الإسلاميين، وتصدى للكثير من أكاذيبهم، حاولنا في هذا الحوار فتح نافذة للدردشة في بعض القضايا، وما زالت الكثير من النوافذ محكمة الإغلاق. حدثنا عن الكثير من همومه وأحلامه كواحد من هذه الأمة، توقفنا عند الكثير من القضايا، برغم أن الواقع اليمني أكثر إلحاحاً.
الجزء الأول من الحوار
حسن العديني: لم أترك ناصريتي أبداً ولم أثق بالإصلاح.. وإيران ليست عدوة لإسرائيل - حوار
> ما الذي حدث ويحدث في تعز في الوقت الحالي؟
- الذي يحدث أن مليشيا الإخوان تقتل المدنيين، والحوثي ليس عدوهم، أنا تأتيني أخبار من تعز تقول بأنهم في "معسكر التشريفات" يجلسون مع بعض، دبابتهم لم تستطع أن تحرر تبت فندق سوفتيل، فقط استطاعوا اقتحام وتحرير المدينة القديمة من كتائب أبو العباس، وهنا يحضر التحالف "القطري التركي”، فالإخوان المسلمون يتبعون أي دولة تدفع لهم، وهم كانوا يستلمون من دول الخليج وما زالوا. قطر تدفع وتركيا تحمي، الإخوان ليس لهم موقف خارج هذه المنظومة.
> بمعنى أنهم لن يقدموا شيئاً لتعز وهم اليوم مسيطرون سيطرة كاملة؟
- اليوم هم يقتلون وينهبون، دمروا المدينة القديمة، يأخذون الإتاوات، ينهبون الأراضي.
دخلوا مستشفى الثورة واعتدوا وطردوا مدير المستشفى، أنا لا أعرفه لكن أحاديث الناس عنه أنه طبيب ناجح وإداري نزيه. لكن هم يريدون السيطرة على المستشفى من أجل الفلوس المخصصة للجرحى.
* تجربة/تجارب الإخوان المخيفة
> ماذا عن تجارب الإخوان في السودان وتركيا نفسها؟
- في السودان الإخوان المسلمون عملوا تجربة مخيفة، وهي التجربة الوحيدة، فهم وصلوا إلى الحكم هنا في مصر ولم يستمروا، لأن الشعب والقوات المسلحة كانوا مستيقظين، وتركيا وهي مرشحة للسقوط بدليل ما حدث في انتخابات اسطنبول، اسطنبول اختبار، وكشف لموقف الإخوان الذين أرادوا الديمقراطية استثماراً للوصول إلى السلطة، وإلا فإنهم يعادون الديمقراطية ويريدونها ديكوراً حول الحاكم، لذا ما حدث في اسطنبول يعني أنه وعلى المدى البعيد تجربة مرشحة للسقوط.
لكن في السودان كانت أطول تجربة، وهي تجربة مخيفة أدت إلى تقسيم السودان ومجازر في البلاد وحرب أهلية، وهي كشفت أن الإخوان ليسوا أبداً مع بناء الدولة، فهم بمجرد الوصول إلى السلطة يغلبون مصلحة الجماعة، مستعدون لتدمير الدولة من أجل وجودهم ومن أجل المال بدرجة رئيسة.
التجربة الثانية حركتا "حماس وفتح"، أنا أتذكر يوم وقعوا في مكة برعاية الملك الراحل (عبد الله بن عبد العزيز)، حينها كتبت بأن الاتفاق سيفشل، وكنت على قناعة لأنهم غير مأمونين.
* العرب وإيران واليمن
> ماذا عن القومية ومشروعها الأممي.. ألا ترى أنه مشروع فاشل فشلت معه النخب السياسية القومية في لملمة هذه الأوطان الممزقة؟
- القومية أولاً العروبة والأمة، هي ظاهرة فوقية تعبر عن وجود كيان مادي، تجمعها أمة واحدة، ولغة واحدة، مصالح واحدة ومصير واحد، هذه نتاج تطور حضاري.
فكرة الأمة العربية فكرة الكيان الواحد على طريقة الولايات المتحدة دولة مركزية؛ ممكن أن تقوم الوحدة العربية في ظل وجود ممالك ودويلات.
ما يجري استطاع الاستعمار مع قوى محلية أن يوقف ويمنع هذا التكتل، وتفتيت القوى الوطنية، لذلك نجد مصر تاريخياً لم تقسم حتى في إطار الدولة الإسلامية عكس سوريا بلاد الشام العراق، والآن يريدون لهذه الدولة أن تتجزأ بأي شكل، أقصد مصر.
> هناك نقطة مهمة حول العراق، وهي عملية التغيير الديمجرافي، كنت كتبت عنها في جريدة الخليج، بمعنى أن هناك عملية تقسيم سني شيعي واضح، إلى جانب ما ذكرت في مقالتك أن مشروع قانون يدرس الآن حول منح الجنسية لمن له عام في العراق.. كيف ترى ذلك؟
- لا أعرف إن كان صدر القانون أم لا، لكنه مشروع قانون موجود، ملايين العراقيين خارج البلد بسبب الحرب وهم يبحثون عن تجنيس أناس آخرين، هذا يخدم إيران بدرجة رئيسية، إيران لها طموح كبير في الخليج والعراق.
> ألا ترى أن ذلك ينسحب على اليمن التغيير الجغرافي، وتغيير المفاهيم، والتقسيم الطائفي؟
- في اليمن ليس هناك انقسام طائفي على الإطلاق، ولا صراع طائفي، والمذهب الزيدي غير متطرف وقريب للسنة، حتى في العراق لم تكن مطروحة على هذا النحو، إيران تحاول أن تزرع هذا الانقسام لتحقيق أطماعها.
إذاً في اليمن لا يوجد أي انقسام طائفي، هناك حساسية مناطقية، لكن في أعماق الناس لا يوجد ذلك بدليل الذين كانوا يستقرون في المناطق الوسطى، يصبحون جزءاً منها.
* كنت أعرف "للهاشميين مخطط"
> كتبت حول العملية التعليمية والخطر الذي يتهددها؟
- التعليم خارب في اليمن.
> ولكن كنت تحدثت بإيجابية بأنه كان تحسناً من بعد ثورة سبتمبر؟
- التعليم مشكلة موجودة في الوطن العربي كله، المناهج طرق التعليم وسائل التعليم ضعيفة جداً ولا تخرج مبدعين، على طريقة الفقهاء، لكن مشكلة التعليم أن الإخوان المسلمين كانوا مسيطرين على العملية التعليمية، وكانوا داخل جهاز الدولة ووزارة التربية والتعليم، عبثوا بالمنهج، لذا جاءت الجرعة الدينية على حساب المنهج، وهي جرعة تتكرر والمناهج رثة ومشوهة، جهد كبير يبذله الطالب على حساب وقته يجب أن يبذله في دراسة علوم أخرى.
مثال "حديث الذباب". والأحاديث كثيرة على هذا النحو الذي لا يفيد، وكان يمكن أن يبذل هذا الجهد والوقت في شيء آخر، الحوثيون جاؤوا بطريقة مختلفة، لكن الإشكالية هنا أن الإخوان المسلمين حاولوا نشر المذهب السني في مناطق المذهب الزيدي، فجاء الحوثيون اليوم ليعملوا العكس، ينشرون ليس المذهب الزيدي وإنما "الإثنى عشري" في المناطق الزيدية والمناطق الخارجة عن النطاق الزيدي.
* التصالح مع الإخوان
> متى يتصالح حسن العديني مع الإخوان المسلمين؟
- لماذا لا تقول متى سيتصالح الإخوان المسلمون مع مجتمعاتهم؟
> بالأمس عائض القرني اعتذر عن مرحلة التشدد، فهل بالإمكان أن يخطو على خطاه الزنداني وغيره؟
- وماذا يعني الاعتذار أنا شفت (القرني) وهو يتمنى خالد بن الوليد أن يعود ليذبح مليون ملحد في العالم الإسلامي، يشويهم حتى تؤكل لحومهم، هذا الاعتذار لا يعني شيئاً وليس عنده القدرة على التفكير والإبداع حتى ينجز مشروعاً فكرياً؛ ينسف أو يلغي كل ذلك الماضي، وإذا عاد سيكتب نفس الأحاديث، سواءً اعتذر أم لم يعتذر هو أو الزنداني لا فائدة.
*الحوثي.. والهاشمية
> هناك نقطة مهمة أتذكر في العام 2007م كنت تحذر بشدة من خطورة جماعة الحوثي عكس بقية النخب؟
- أنا كنت قريباً وأعرف أموراً كثيرة ولي علاقات، وكنت على معرفة بأن الهاشميين لهم مخطط، ودخلت في جدال مع محمد عبد الملك المتوكل، ما حدث اليوم هو أن هذا المشروع تحصيل حاصل، وهناك الكثير كانوا متنبهين.
* هادي وحوله الإخوان
> تابعت لك لقاءً في قناة "اليمن اليوم" وكنت دافعت فيه عن الرئيس (هادي) بطريقة معقولة نظرياً لكن على الأرض الرجل خذل الجميع حتى نفسه؟
- هادي لم يملك قراراً في أية لحظة، هادي وجد نفسه رئيساً بموجب المبادرة الخليجية، هو لم يكن يتوقع ووجد نفسه رئيساً في وضع معقد، أيضاً جاء اتفاق "السلم والشراكة" وكان كارثة مقابل الحوار الوطني ومخرجاته، ومن حينها سقطت القوى السياسية بتوقيعها على ذلك الاتفاق.
> ما يعني أن اتفاق السلم والشراكة نسف مخرجات الحوار الوطني؟
- كيف تُوقع معه اتفاقاً تحت الضغط، ثانياً كيف يدخل بالدبابات في نفس الليلة، كان المفروض على القوى الوطنية والأحزاب السياسية أن ترفض ذلك، لأن التوقيع على تلك الاتفاقية كانت تعطيه صكاً بأن الدخول إلى صنعاء شرعي، عبد ربه صار وحيداً، والقوى الوحيدة التي ظلت حوله حتى اللحظة هي جماعة الإخوان المسلمين، من مدير مكتبه حتى الجيش. والإخوان المسلمون غير مؤهلين لقيادة دولة، اليوم تجدهم يستلمون مرتبات لا أكثر.
... يتبع