ما وراء احتجاج أبناء إب على دار إيواء مهاجرين أفارقة..

السياسية - Wednesday 17 July 2019 الساعة 11:59 am
المخا، نيوزيمن، سهيل القادري:

عندما طرقت المعارك أبواب الحديدة قبل أكثر من سنة احتمت المليشيا الانقلابية بالمنشآت المدنية والأحياء السكنية ما اضطر الآلاف إلى النزوح إلى محافظات أخرى، أهمها محافظة إب. وقتها اقترح ناشطون على قيادة المحافظة تخصيص مراكز إيواء في مدينة إب استعداداً لاستقبال نازحي الحديدة، غير أن السلطات رفضت المقترحات بمبرر ازدحام المدينة بنازحين جاءوا من محافظات تعاني مواجهات عسكرية على رأسها تعز شكلوا ضغطاً على الخدمات الأساسية.

ذرائع الازدحام والأعباء الخدمية تلاشت لدى قيادة السلطة المحلية بمحافظة إب منذ أيام لكن لاستقبال مهاجرين غير شرعيين من بلدان إفريقية، ووافقت على إنشاء دار إيواء لهم في مدينة إب لاقى معارضة شعبية واسعة من أبناء المحافظة.

اجتماع مشؤوم

بدأت القصة في مسارها الشعبي والإعلامي مع اجتماع غاب عنه محافظ المحافظة عبدالواحد صلاح ورأسه أمين عام المجلس المحلي أمين الورافي بحضور مسؤولين حوثيين تابعين لسلطة المليشيا في صنعاء وإب.

ناقش الاجتماع تسهيلات إنشاء دار إيواء للمهاجرين غير الشرعيين، معظمهم من الصومال وإثيوبيا، وتبعه وضع المجتمعين برفقة رئيس بعثة الهجرة الدولية دايفيد ديرتك، حجر الأساس لمشروع الدار بتكلفة تقديرية أولية تبلغ 14 مليون دولار، ما يفوق سبعة مليارات ريال يمني.

الخبر الرسمي للاجتماع تحدث عن 120 مهاجراً ومهاجرة أفارقة تناقض مع تسريب من السلطات المحلية عن مهاجرات فقط بينما وضع معنيون أرقاماً بالآلاف في تقديرات دنيا مؤكدين أن الرقم الرسمي يخص مهاجرين محتجزين في السجن المركزي بالمحافظة.

وقالوا إن التكلفة الأولية للمشروع إذا قسمت على عدد 120 مهاجراً فسيتجاوز نصيب الواحد منهم المئة ألف دولار وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة للمستوى المعيشي لليمنيين ناهيك عن لاجئين تقطعت بهم السبل.

بؤرة تحشيد

يتخوف أحد ضباط الشرطة من أن يؤدي توطين لاجئين تختلف عاداتهم عن تقاليد المجتمع المحلي إلى تفاقم المشكلات الأمنية بما فيها ارتفاع معدلات الجريمة كما تبين سجلات أمنية رسمية.

وتنوه العاملة في المجال الحقوقي (ك. ح) إلى أن السلطة المحلية بالمحافظة عجزت عن توفير خدمات أساسية للأهالي "ولم تستطع التعامل مع الطفرة السكانية الناجمة عن النزوح الداخلي لولا أن خفف من تداعياتها المبادرات المجتمعية التكافلية، فما الحال مع إضافة ضغوط جديدة على الخدمات الشحيحة أصلاً؟".

وتواصل "السلطات الحوثية كثيراً ما تعرقل الأعمال الإغاثية لمنظمات إنسانية دولية كبرنامج الغذاء العالمي، وبلغ الأمر إلى حد إغلاق مكاتب بعضها كالأونكتاد" متسائلة عن سر ما وصفته بالنزعة الإنسانية حيال بعثة الهجرة الدولية.

ويقول (ع. م) ناشط في المجال الإنساني، إن حجم رفض الأهالي ليس اعتراضاً على مساعدة الإخوة الأفارقة "فاليمن، رسمياً وشعبياً، في إب وغيرها استضافت مئات الآلاف من اللاجئين، وكثير منهم انخرطوا في سوق العمل اليمنية، وبالتالي فالمشكلة لا علاقة لها بالجانب الإنساني سواء قرار السلطات المحلية، أو الرفض الشعبي".

ويضيف "معارضة أبناء المحافظة يعبر في حقيقته عن رفض السياسات الحوثية وروائح الفساد في الصفقة مع السماسرة الدوليين".

يتفق معه الناشط السياسي (ح. ه) إلا أنه يرجع أسباب الرفض إلى تخوفات من تحويل الحوثيين محافظة إب إلى بؤرة تجنيد للأفارقة في حربهم ويقول "إن السلطات الحوثية نشطت في الشهور الأخيرة في مساعي تحويل المحافظة الكثيفة سكانياً إلى بؤرة تحشيد مقاتلين استعداداً لما يتوقعونه من معركة في الساحل الغربي، بالإضافة إلى تصاعد العمليات العسكرية على جبهة الضالع المتاخمة لإب".

ويشير إلى فشل المليشيا في تجنيد أعداد كبيرة من شباب المحافظة للقتال في صفوفهم "فلجأوا مثلما حصل في محافظات عدة إلى استقطاب مقاتلين من بين اللاجئين الأفارقة مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 80 – 100 دولار للفرد".

ويتابع الناشط السياسي "تحشيد مقاتلين أفارقة تحت مظلة إنسانية يوفر على الحوثيين تكاليف مالية تكفلت بها بعثة الهجرة الدولية".

على المسرح الميداني قامت فعاليات احتجاجية من الأهالي، إذ تم عرض برلمانيين من دوائر المحافظة الموضوع في مجلس نواب واقعين تحت السيطرة الحوثية بصنعاء. وهدمت جماهير غاضبة حجر أساس المشروع، إضافة إلى نشاط إعلامي واسع في منصات التواصل الاجتماعي.

المتابع للمشهد الإبي يلاحظ اقتناص أبناء المحافظة أي فرصة تتيح لهم احتجاجاً مدنياً ضد الحوثيين دون الاصطدام المباشر هذه الفترة مع مليشياتهم. وليست قضية إيواء اللاجئين الأفارقة إلا واحدة من عناوين رفض السكان للتواجد المليشاوي الحوثي في محافظتهم.