أقواله تنكر وأفعاله تفضح.. "أرامكو" تبرز ارتزاق الحوثي لطهران بثمن يدفعه اليمنيون

السياسية - Sunday 15 September 2019 الساعة 09:57 pm
عدن، نيوزيمن، سهيل القادري:

أمريكا تعاقب، وإيران تهدد بأن نفطها لن يكون الضحية دون نفط غيرها، ومن زاوية الجزيرة العربية تبرع الحوثيون بالإعلان عن تنفيذ ضربات تستهدف القطاع النفطي للسعودية، أولى دول العالم تصديراً، ومنشآت شركة أرامكو المملوكة للحكومة السعودية، وكبرى شركات النفط العالمية.

اتهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إيران بالمسؤولية عن هجمات على منشأتين نفطيتين رئيسيتين لأرامكو في السعودية، مشيراً إلى عدم وجود أدلة على انطلاق طائرات من اليمن. ورجح انطلاقها من العراق أو إيران.

رداً عليه نفت الخارجية الإيرانية علاقتها بالهجمات الأخيرة، وبالمثل نفى مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أن تكون أراضي بلده منطلقاً للهجمات.

بالموازاة بادر الحوثيون للتبرع بإعلان احتفالي عن تبنيهم هجوم السبت على منشأتين لأرامكو في البقيق، وهجرة خريص شرق السعودية، بعشر طائرات مسيرة، فيما أسموه "عملية توازن الرعب الثانية"، في إشارة إلى عملية سابقة "توازن الرعب الأولى" قبل شهر على منشآت في حقل الشيبة الذي يضم أحد أكبر خزانات النفط في العالم، بعدد مساوٍ لعدد طائرات الضربة الحديثة.

نقلت وسائل إعلام دولية عن "متابعين" رأيهم، أن الاستهداف الأخير من المستبعد تقنياً أن يكون من الأراضي اليمنية لحاجة الطائرات المسيرة من أجل تنفيذه إلى "إمكانيات لوجستية وعمليات تنسيق محكمة"، وكذا تقنيات متطورة للتحكم، وكميات كبيرة من الوقود، لا تمتلكها الطائرات بدون طيار ذات الصنع الإيراني البدائي، التي يستخدمها الحوثيون.

وعززت فرضية تنفيذ الطائرات الهجوم من مواقع أقرب، ما أكدته مصادر أمنية كويتية من اختراق إحدى الطائرات المسيرة أجواء الكويت بالتزامن مع هجمات أرامكو.

نفذ الحوثيون استهدفات سابقة، محدودة، على منشآت نفطية لأرامكو السعودية، غير أن الإعلان عن هجمات كبيرة صاحب تشديد العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيراني أواخر العام الماضي، وما تلاها من تصاعد حدة التصريحات، الأمريكية الإيرانية، المتبادلة، المرافقة لتوتر عسكري بوصول معدات أمريكية مهمة إلى الخليج العربي، مطلع مايو الفائت، وهو نفس الشهر الذي أعلن فيه المتحدث العسكري للحوثيين عن عملية كبيرة بسبع طائرات مسيرة، استهدفت محطة ضخ بترول قرب مدينة ينبع السعودية.

وترافقت التهديدات الإيرانية لتدفق نفط الخليج مع تصريحات لوكلائها، حزب الله اللبناني، والحوثيين في اليمن باشتعال المنطقة كلها بالحرب، وعدم توقفها عند حدود إيران، ما يبرز بوضوح مدى تبعية مكونات عربية، سياسية وعسكرية لطهران.

الهجوم الجديد أوقف نصف إنتاج النفط السعودي، إلا أن وكالة الطاقة الدولية، وشركة أرامكو، والحكومة السعودية، صرحت جميعها بوفرة مخزونات نفط تفيض عن حاجة السوق العالمية أثناء إصلاح أضرار لحقت بالمنشآت السعودية جراء ضربة السبت.

استهداف إمدادات النفط الخليجي، خصوصاً السعودي، يصب في مصلحة تحسين شروط التفاوض الإيرانية في مواجهة العقوبات الأمريكية، ولا يخدم الحوثيين على المستوى الدولي، سياسياً، ويضر بالمواطنين اليمنيين.

يمثل الإنتاج السعودي النفطي، حوالى 13 بالمئة من الإنتاج العالمي، وإذا تم الأخذ بالاعتبار استهلاك كبار المنتجين الآخرين كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين من النفط، فإن السعودية تتحكم بأزيد من خمس تجارة النفط في العالم، وفي حال تأثر تدفق نفطها من المحتم ارتفاع أسعار النفط عالمياً، لا سيما مع قدوم فصل الشتاء. ما يوفر لإيران ورقة مجانية، لكن، ضاغطة على المتعاطفين معها، ضد العقوبات الأمريكية، من كبار المستهلكين في أوروبا وآسيا، مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند وفرنسا وألمانيا، من المرجح أن ينشطوا في دفع الأمريكيين إلى رفع العقوبات عن طهران، أو على الأقل تخفيفها، وتحقيق تقارب أمريكي إيراني.

أما في الجانب الحوثي، فإن تأثر إمدادات النفط بسبب طرزانات الحوثي سيضع المليشيا في خانة الجماعة غير المسؤولة في نظر المجتمع الدولي، وداخلياً سيرفع، أكثر، الأعباء المعيشية على اليمنيين. ما يكشف قدر الارتزاق، والارتهان الحوثي للمصالح الإيرانية بصرف النظر عن معاناة المواطن اليمني، ويبخر شعارات الاستقلال والتحرر من الوصاية الخارجية، أهم المبررات المعلنة للحرب الحوثية، أمام من لا يزالون مخدوعين من مكونات الرأي العام اليمني، ويجعل محاولات إخفاء طبيعة العلاقة مع إيران أكذوبة بحجم الوقاحة الحوثية.