تجويع اليمنيين ورفد الجبهات بإغاثات إنسانية.. سرقة الغذاء من أفواه الجوعى

إقتصاد - Monday 07 October 2019 الساعة 03:28 pm
عدن، نيوزيمن، عمر القاضي:

حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير جديد صدر، يوم الخميس الماضي، بعنوان “تقييم تأثير الحرب في اليمن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة” من أن اليمن سيصبح أفقر بلد في العالم إذا استمر النزاع حتى عام 2022.

وأشار إلى أن الحرب تسببت في زيادة نسبة الفقر باليمن من 47 ‎%‎ من السكان إلى 75 ‎%‎ في نهاية 2019 وفقاً للإحصائيات.

وأوضح التقرير أن 79 ‎%‎ من السكان باليمن يعيشون تحت خط الفقر ويُصنف ‎%‎ 65‎ منهم على أنهم فقراء جداً.

هذا واعتبرت الأمم المتحدة، في وقت سابق، أن اليمن يشكل أكبر كارثة إنسانية في العالم، وبالرغم من تدفق المساعدات الإنسانية لليمن إلا أن أكثر 16 مليون يمني يواجه خطر الموت جوعاً.

وبالرغم من هذه الإحصائيات المخيفة إلا أن مليشيات الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- تتخذ المساعدات الإنسانية من أغذية وأدوية مقدمة من المنظمات والمانحين والوكالات الإغاثية والإنسانية أحد مصادر تمويل ما يسمونه بالمجهود الحربي المتمثل بدعم مقاتليهم في الجبهات والمناطق التي يسيطرون عليها، وممارسة سياسة التجويع بحق الشعب اليمني من خلال سيطرتها على ميناء الحديدة والصليف وفرض منافذ جمركية على الشاحنات الإغاثية في مداخل المحافظات غير المحررة، تنوعت الانتهاكات بحق المساعدات الإغاثية بين نهب الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية، وقصف مخازن المنظمات الأممية خصوصا في الحديدة إلى جانب قصف سفن وشاحنات محملة بالمساعدات وقتل عدد من سائقيها، بالإضافة إلى منع الفرق الميدانية للمنظمات الإنسانية من أداء عملها واحتجاز الموظفين التابعين لهذه المنظمات ومنعهم من الوصول إلى المحافظات للقيام بمهامهم الإنسانية ووضع عراقيل كثيرة تشل عمل المنظمات الإنسانية باليمن.

فشل الأمم المتحدة

منذ وصول لجنة إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة إلى محافظة الحديدة في 23 ديسبمر 2018 بعد اتفاقية السويد، ومليشيات الحوثي واصلت انتهاكتها بحق العملية الإغاثية، حيث فشلت الأمم المتحدة في إيجاد مساعدات من المانحين لتمويل خطتها للاستجابة الإنسانية في اليمن عام 2019 بالرغم من التقارير المخيفة عن الموت والجوع والأمراض في اليمن.

وبحسب الأمم المتحدة فإن الفجوة التمويلية لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2 مليار و780 مليون دولار حتى نهاية أغسطس الماضي وبنسبة عجز وصلت إلى 67% من إجمالي الاحتياجات التمويلية المطلوبة لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.

إحصائيات

سلسلة الانتهاكات التي مارستها جماعة الحوثيين في اليمن، توضح الإحصائيات مدى تجاهل الحوثيين لحاجة الناس وخطة الاستجابة الإنسانية التي وضعتها الأمم المتحدة، فبحسب تقارير حصل نيوزيمن على نسخ منها والتي أعدتها بعض المنظمات الحقوقية والإنسانية مع وزارة حقوق الإنسان في اليمن من 23 ديسمبر 2018 إلى 30 يونيو 2019 فقد قام الحوثيون باحتجاز ومنع 88 سفينة اغاثية ونفطية واستهداف 7 سفن اغاثية وتجارية في البحر الأحمر واحتجاز ونهب أكثر من 388 شاحنة في محافظات الحديدة وصنعاء وإب وحجة منها خمس شاحنات محملة بأدوية الكوليرا والملاريا و13 شاحنة إغاثية احتجزت في محافظة حجة التي يسيطرون عليها، وذكر التقرير أن الحوثيين قاموا بقصف مخازن برنامج الأغذية العالمي في كيلو 7 بالحديدة ومطاحن الحديدة التي تحتوي على كميات كبيرة من المواد الإغاثية التابعة لبرنامج الأغذية.

عرقلة المنظمات والضغط على الأمم المتحدة

إلى جانب الانتهاكات السابقة التي تمارسها مليشيات الحوثي فرضت الكثير من العوائق والعراقيل أمام المنظمات الأممية والدولية العاملة في المجال الاغاثي والإنساني في اليمن، وبحسب التقرير فإن أبرز تلك الانتهاكات التي قام بها الحوثيون تركزت في منع الفرق الأممية من الوصول إلى أحد مخازن برنامج الأغذية والذي كان يحتوي على 51 ألف طن من المساعدات ما يكفي 3.7 مليون شخص مما عرض أعداداً كبيرة من هذه الأطنان للتلف، كما منع الحوثيون 120 موظفاً من الوصول إلى مخازن برنامج الأغذية العالمي في الحديدة.

وبحسب منظمة (ACTED) شريك برنامج الأغذية العالمي في تنفيذ المشاريع الاغاثية- فإن الحوثيين قاموا باحتجاز 20 موظفاً ومنعوهم من تقديم المساعدات والمغادرة من مديرية بني قيس بمحافظة حجة.

من جانب آخر كشفت وكالة اسوشييتد برس عن الكثير من الانتهاكات بحق المنظمات الإنسانية وعرقلتها عن أداء مهامها وذلك عن طريق الضغط على مسؤولي وموظفي المنظمات بخصوص منحهم التأشيرات والتصاريح لمزاولة عملهم في اليمن إذا لم يمتثلوا لقرارات الحوثيين، كما أكدت الوكالة أن مسؤولي الأمم المتحدة حذرون في التصريحات العلنية والسبب خوفهم من أن المليشيات الحوثية قد يردون عن طريق منع وكالات الأمم المتحدة من الوصول إلى الناس المحتاجين للغذاء.

وكان المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي أكد في وقت سابق أن "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى"، وأضاف: "يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ. يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".

وقال بيزلي: "أنا أطالب السلطات الحوثية في صنعاء باتخاذ إجراء فوري للتصدي للتلاعب بالمساعدات الغذائية، والتأكد من أنها تصل لمن يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة"، وخلال حملات الرصد التي أجراها برنامج الأغذية العالمي، قام مسؤولو البرنامج بجمع عدد من الأدلة التي تثبت قيام الشاحنات التابعة لميليشيا الحوثي بنقل المواد الغذائية بشكل غير مشروع من مراكز توزيع الأغذية المخصصة لذلك.

هذه الجرائم الإنسانية التي تمارسها مليشيات الحوثي بحق الشعب اليمني فاقمت معاناة اليمنيين بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأصبح الجوع الهم الكبير والكابوس الذي يحاصر المواطن اليمني كل يوم، كما شهدت المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون العديد من حالات الانتحار بسبب الجوع، وهذا ما لم تشهده اليمن منذ زمن طويل.