يوم 12 أغسطس عام 1965 ذهب المشايخ الجمهوريون: أحمد على المطري، عبد الولي القيري، مجاهد أبو شوارب، علي ناجي القوسي، سنان أبو لحوم، نعمان بن قائد بن راجح، أحمد ناصر الذهب، ناصر علي البخيتي، وحسين أحمد القردعي، إلى جدة، وقابلوا الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، كما قابلوا بعض الملكيين وتحاوروا معهم، فتحول حوار جس النبض إلى مؤتمر، سمي مؤتمر الطائف في جدة، وفيه توصلوا إلى اتفاق بأن تكون الدولة لا جمهورية ولا ملكية.. أي يتنازل الجمهوريون عن النظام الجمهوري، ويتنازل الملكيون عن استعادة نظام الإمامة على أن يتم إعلان دولة باسم دولة اليمن الإسلامية كحل وسط، وتنتهي الحرب.. أرسل الرئيس السلال محمد أحمد نعمان إلى هناك لإقناع المشايخ الجمهوريين بالرجوع عن موقفهم الانفرادي، لكن نعمان ضم توقيعه إلى توقيعاتهم، حسب رواية الشيخ عبد الله الأحمر في مذكراته.. بعد عودة المشايخ إلى صنعاء رجع أحمد علي المطري، ومجاهد أبو شوارب، وعلي بن ناجي القوسي عن موقفهم، الذي أغضب الرئيس السلال، وبسببه اتهمهم بالعمالة.
بعد ذلك وفي 22 أغسطس 1965 التقى الملك فيصل بن عبد العزيز والرئيس جمال عبد الناصر في جدة لتسوية الخلاف بينهما بشأن الحالة في اليمن، وبعد يومين وقعا اتفاقا لإنهاء الخلاف: أن يتم سحب القوات المصرية من اليمن خلال عشرة اشهر.. أن توقف السعودية دعمها للملكيين.. أن يتم اختيار مجلس يمني من 50 شخصاً يمثلون الطرفين ليتولى إدارة البلاد مؤقتاً، والاتفاق على طبيعة النظام، على أن يقره الشعب من خلال استفتاء، عام.
في نوفمبر من العام نفسه عقد مؤتمر حرض، الذي شارك فيه 25 ممثلاً عن النظام الجمهوري، ومثلهم عن الملكيين، ومندوبين عن السعودية ومصر.. وكانت مهمة المؤتمر تحديد فترة انتقالية.. تشكيل حكومة للفترة الانتقالية.. تقرير طريقة الحكم.. تقرير شكل نظام الاستفتاء الذي سيتم في موعد أقصاه 23 نوفمبر 1966 بإشراف مصر والسعودية.. لكنهم اختلفوا حول نظام الحكم، هل جمهوري، أم ملكي، أم دولة اليمن الإسلامية.. وقد تمسك الجانب الجمهوري الذي ترأسه القاضي عبد الرحمن الإرياني بالنظام الجمهوري، ورفض عودة النظام الملكي، كما رفض مسمى دولة اليمن الإسلامية (وهو مقترح سعودي)، وقال الإرياني لمندوب السعودية في المؤتمر: أنتم لم تطلقوا على نظامكم اسم الدولة الإسلامية، لأن الإسلام ليس مجرد عنوان وإنما مضمون تحت أي تسمية.
تلك المؤتمرات وما نتج عنها، لم يوقف النزاع المسلح بين الجمهوريين والملكيين، حتى بعد أن التزمت مصر وسحبت قواتها من اليمن في نوفمبر 1967، لكنها كانت مقدمة لاتفاق جدة في 26 مارس العام 1970، أو ما يعرف بمؤتمر المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين، الذي رعاه الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود.
قبل مؤتمر المصالحة كان عدد من المحسوبين على النظام الجمهوري مثل القاضي عبد الله أحمد الحجري، ومحمد أحمد نعمان، وعبد الله بن حسين الأحمر، يتواصلون مع ممثلي الملكيين في بيروت، وقاموا بعملية وساطة تلبي شروط السعودية.. فما هي هذه الشروط؟ مقابل سحب مصر قواتها من اليمن، الذي عزز موقف الملكيين، أبدت السعودية استعدادها وقف الدعم العسكري والمالي الذي كانت تقدمه للملكيين، كما أكدت أنها ستعترف بالنظام الجمهوري في اليمن، لكنها اشترطت عودة ممثلي النظام الإمامي إلى صنعاء، وتعيين عدد منهم في المجلس الجمهوري، في الحكومة، تعيين 18 منهم أعضاء في المجلس الوطني (مجلس نيابي معين يتكون من 45 عضوا)، تعيين عدد آخر منهم محافظي محافظات، سفراء في الخارج، موظفين في الجهاز الإداري للدولة، تعويض الملكيين ماليا، ووضع دستور جديد للجمهورية العربية اليمنية.