العطش لا ينتظر المزايدات.. تعنت إخواني وراء عرقلة مشروع مياه الشيخ زايد في تعز
السياسية - منذ 6 ساعات و 49 دقيقة
بينما كان يُنتظر أن يُحدِث مشروع مياه الشيخ زايد في محافظة تعز انفراجة حقيقية في أزمة المياه الخانقة التي تعصف بالمدينة المحاصَرة، أصبح المشروع نفسه رهينة لصراعات سياسية ومصالح ضيقة، تهدد بوأده قبل أن يرى النور، رغم أن تمويله وتجهيزاته تجعله أضخم مشروع مائي في تاريخ المحافظة منذ عقود.
المشروع أُعلن عنه رسميًا في مارس 2023، بوضع حجر الأساس من قِبل عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد المقاومة الوطنية العميد طارق محمد عبدالله صالح، وبتمويل سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة بلغت قيمته 10 ملايين دولار، ويهدف إلى تزويد المدينة بمياه جوفية نقية من منطقة طالوق جنوب غرب المدينة. ويشمل حفر 10 آبار ارتوازية، وشبكة توزيع تمتد على 12 كيلومترًا، وخزانات بسعة تصل إلى 5000 متر مكعب، ومنظومة طاقة شمسية بقدرة 850 كيلوواط، إلى جانب ثلاث مولدات كهربائية وبنية تحكم رقمية، مما يؤهله ليكون أكبر مشروع مياه في تعز منذ عقود.
ويشكّل المشروع طوق نجاة لعشرات الآلاف من السكان الذين يعانون من أزمة عطش حادة، فاقمتها سيطرة ميليشيا الحوثي على الآبار الجوفية الرئيسية في منطقة الحوبان وقطع الإمدادات عن المدينة منذ سنوات. ومع بدء الأعمال فعليًا، اصطدمت الفرق الفنية بعراقيل مفتعلة تنامت تدريجيًا، وأعاقت استكمال التنفيذ في أكثر من مرحلة. وتشير مصادر محلية إلى أن العراقيل بدأت منذ وضع حجر الأساس، وتنوّعت بين رفض منح التراخيص، وافتعال نزاعات في مواقع الحفر، والتضييق على الفرق الفنية، وتجميد الإجراءات الإدارية.
وتؤكد المصادر أن قيادات بارزة موالية لحزب الإصلاح الإخواني داخل السلطة المحلية، تقف وراء هذه العراقيل، بذريعة "مطالب حقوقية" أو "إجراءات تنظيمية"، في حين أن الواقع يكشف عن أجندات سياسية بحتة، ترتبط بجهة التمويل والتنفيذ واسم المشروع، وليس بمحتواه أو فائدته الإنسانية.
وخرج وكيل محافظة تعز عارف جامل عن صمته، داعيًا محافظ المحافظة نبيل شمسان إلى عقد اجتماع طارئ للجنة الأمنية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يعرقل تنفيذ المشروع الذي وصفه بأنه "إسعافي وحيوي" ويمثّل بارقة أمل لسكان المدينة المحاصَرة.
وقال جامل، في منشور على صفحته بـ"فيسبوك": "من المخزي أن يكون هناك مشروع بهذه الأهمية بينما لا يزال معرقلًا والجميع صامت"، مضيفًا أن ما يحدث هو استخفاف بمعاناة الناس. وأشار إلى أن الاتفاق الذي جرى مؤخرًا في لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، بمحافظ تعز الشيخ نبيل شمسان، والشيخ صادق الضباب، وعدد من المختصين، خرج بتوافق واضح على حفر ثلاث آبار في جبل حبشي، لكن العرقلة لا تزال مستمرة.
وأكد جامل أن على السلطة المحلية، ممثلة بمحافظ المحافظة بصفته رئيس اللجنة الأمنية، تحمّل المسؤولية الكاملة في حماية المشروع وإنجازه، مشددًا: "إذا لم تقم السلطة المحلية بمسؤولياتها، فإنها تكون بذلك شريكة في العرقلة".
ويحذر مراقبون من أن الازدواجية في سلوك السلطة المحلية، بين تعطيل مشروع إنساني حيوي من جهة، والسعي للتقارب مع الحوثيين من جهة أخرى، تكشف عن "نوايا سياسية غير وطنية"، تسعى بعض الأطراف من خلالها إلى تأمين نفوذها الحزبي عبر اتفاقات مشبوهة بدلاً من دعم مشاريع تنموية تخدم المواطنين بشفافية وتحت إشراف الدولة.
وقال نشطاء في تعز أن هذه العراقيل تقف وراءها قيادات محلية معروفة، وهي من تعرقل المشروع بذرائع واهية، في حين أن الحقيقة، تعود إلى خلافات سياسية مع الجهة المنفذة والممولة للمشروع، لا إلى أي اعتبارات فنية أو قانونية. ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، بالقول إن هذه الجهات تسعى لعقد اتفاقات غير معلنة مع الحوثيين لاستئناف ضخ المياه من الحوبان، وهو ما يُعد رهانًا على حصار المدينة بدل كسره بمشروع يوفر حلاً مستقلاً مستدامًا تحت إشراف الدولة.
بينما يتزايد عطش المواطنين يومًا بعد آخر، ويستمر العبث الإخواني بملف الخدمات، وسط مطالبة أبناء تعز بتحرك سريع من رئاسة الحكومة والمجلس الرئاسي لحماية مشروع الشيخ زايد، وتوفير الدعم الكامل لاستكماله، باعتباره مشروعًا إنقاذيًا لا يجوز أن يُجهض بسبب مصالح ضيقة أو صراعات سياسية.
وقال المواطن محمد الشرعبي، رب أسرة في مدينة تعز: السكان يعيشون على حافة العطش، والماء يُباع بأسعار باهظة، وسمعنا قبل سنوات عن مشروع الشيخ زايد الذي اعتبرناه طوق نجاة فعليًا وانتظرنا إنجازه بفارغ الصبر وهو مالم يتحقق حتى اللحظة". مضيفًا إن استمرار عرقلته من قبل جهات يُفترض بها أن تخدم الناس، يضع علامات استفهام كبيرة حول النية السياسية والإدارية الحقيقية لسلطة تعز الحالية.
وأضاف المواطنون يطالبون بتحرك القيادة العليا لفرض هيبة الدولة، وحماية المشروع، واستكمال تنفيذه في أسرع وقت، مؤكدين أن "الماء لا يُسيّس، والعطش لا ينتظر المزايدات".