خلافات داخلية وانقسامات مالية وعسكرية.. الحوثيون يواجهون أزمة وجودية

السياسية - منذ 24 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

كشفت معلومات استخباراتية حديثة منشورة على موقع "إنتليجنس أونلاين" الفرنسي عن أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تمر بمرحلة حاسمة من الضغوط الداخلية والخارجية، في ظل تزايد الانقسامات داخل صفوفها وتراجع ملحوظ في مواردها المالية. ويقول التقرير إن هذه الصعوبات قد تقود إلى إعادة هيكلة عميقة داخل الجماعة أو حتى تآكل نفوذها.

وبحسب التقرير، تشهد صفوف الحوثيين توترًا متزايدًا بين القادة، مع ظهور انشقاقات بارزة واستهداف بعض الضباط بعمليات اغتيال موجهة. وقد تمكن المصدر الاستخباراتي من تتبّع رجوع بعض القادة المنشقّين إلى واجهات علنية، ما يعكس هشاشة الولاء التنظيمي داخل الجماعة.

أحد أبرز هؤلاء هو الشيخ عبده أحمد عبده عواض من مديرية مقبنة في محافظة تعز، والذي كان يشغل قيادة السرية الثانية في اللواء السادس "كرّار". وعبّر عواض عن استياءه من استراتيجية الميليشيا التي تواصل استهداف إسرائيل، مؤكّدًا أنه رغم وجود إجماع شعبي داخل الجماعة على القضية الفلسطينية، إلا أن الهجمات لم تثمر حتى الآن عن مكاسب استراتيجية ملموسة.

وأضاف عواض أن خلافات عميقة اندلعت داخل صفوف القيادة عقب تغييرات في الضباط أو الكوادر، خصوصًا أولئك الذين قُتِلوا في عمليات اغتيال نسبت إلى الولايات المتحدة أو إسرائيل، مما أدى إلى شرخ في الثقة التنظيمية.

وحسب التقرير إن بعض القادة من خارج الدائرة المقربة من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي يرغبون في التركيز على الصراع الداخلي والابتعاد عن "محور المقاومة" المرتبط بطهران وأجندته. مشيرا إلى أن عشرات الضباط الكبار سلّموا أنفسهم للسلطات الشرعية خلال الأسابيع الأخيرة، لينضموا إلى معسكر الخصم.

واضاف "معظم هذه الانشقاقات بقيت سرية، لكن بعضها ظهر إلى العلن، مثل انشقاق عبده عواض، وكذلك الشيخ صلاح الصلاحي، قائد اللواء العاشر صماد العامل في منطقة تعز، والذي تخلى عن مواقعه في الأول من أكتوبر".

كما يسلّط التقرير الضوء على خروج بعض القادة العسكريين من الخطوط الأمامية للجماعة، وهو ما ينعكس على القدرات القتالية للطرف الحوثي، ويشكل ضربة لتنظيمه الميداني. إضافة إلى ذلك، يذكر التقرير مقتل رئيس الأركان الحوثي، محمد الغماري، كأحد أبرز ضحايا هذه الأزمة. الغماري كان مكسبًا مهمًا للجماعة بفضل خبرته العسكرية واتصاله بالمستشارين الإيرانيين، وغيابه يثير مخاوف من صعوبة ملء هذا الفراغ بسرعة.

لا تأتي الانقسامات وحدها، بل ترافقها أزمة مالية كبيرة، حسب ما يؤكده التقرير. فمصادر التمويل التي كانت تعتمد عليها الجماعة بدأت تتراجع، مما يضع عبئًا كبيرًا على ميزانياتها، سواء ما يتعلق بالجانب العسكري أو الإداري.

ويشير التقرير إلى أن الجنود في الجبهات لا يتلقون رواتب ثابتة، بينما تمنح بعض القيادات "عوائد رعاية" متواضعة تصل إلى نحو 30 دولارًا فقط لبعض المقاتلين. كما أفاد المنشقون بأن الإمدادات الأساسية مثل الذخيرة والوقود نادرة في بعض المواقع، وأن الدعم العسكري يُركّز فقط على وحدات معينة، خصوصًا المرتبطة بمنطقة صعدة، حيث تتركز الولاءات القوية.

وفي خضم هذه الضائقة، تقول المصادر إن الحوثيين قد يكونون مجبرين على إعادة تقييم أولوياتهم، مبدِّين استعدادًا للحفاظ على ما لديهم بدلاً من شن توسّع جديد، خاصة إذا أصبحت تكاليف المواجهة كبيرة جدًا مقارنة بالفوائد.

من جهة أخرى، يرى المنشقون أن الضغوط على السعودية لا تقتصر على مطالب مالية، بل هي جزء من هدف إيراني أوسع من خلال الحوثيين، وهو ما يوضح استمرار النفوذ الإيراني داخل الجماعة على المستوى الاستراتيجي. ويضيف التقرير أن القدرات التقنية للصواريخ والطائرات المسيّرة التي يمتلكها الحوثيون لا تزال تعتمد إلى حد كبير على الخبرة والتكنولوجيا الإيرانية، مع بقاء مهندسين إيرانيين يعملون في مصانع سرية داخل اليمن.

وبحسب التقرير، فإن الحوثيين يواجهون تحديًا وجوديًا حقيقيًا الآن: إما أن ينهاروا تدريجيًا تحت ضغوط الانقسامات والتمويل، أو يدخلوا مرحلة تحول تنظيمية كبيرة تغير من بنيتهم القيادية وربما توسع من قواعدهم التنظيمية بطريقة جديدة.

وقد يشكل هذا التراجع فرصة لدعم خصوم الجماعة، سواء من الحكومة اليمنية أو التحالف الدولي، لاستغلال نقاط ضعفها وتحقيق مكاسب ميدانية. كما أن الاعتماد المتزايد على مصادر تمويل خارجية غير تقليدية قد يزيد ارتباط الحوثيين بداعميهم الإقليميين، مما يضاعف رهان الخصوم على ضرب الجماعة من الداخل.