الانتقالي ما بعد حضرموت والمهرة: صعود المشروع الوطني مقابل تعثر النخب التقليدية
السياسية - منذ ساعتان و 40 دقيقة
نيوزيمن، كتبت/وميض شاكر:
قبل اسبوعين، نفذت القوات الشرعية بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي هجوماً واسعاً مكنها من السيطرة السريعة على محافظتي حضرموت والمهرة. هذا التحرك وسع نفوذ الانتقالي ليكمل سيطرته على محافظات الجنوب التاريخي، في خطوة مهمة تجاه هدفه في استعادة دولة الجنوب، القضية الوطنية التي عُرف بها الانتقالي وجماهيره.
هذا الأمر، أحدث تحولاً جوهرياً في خريطة النفوذ في اليمن لصالح الانتقالي هذه المرة، وبات الانتقالي في موقع يتيح له فرض شروط تفاوضية أقوى، ليس فقط باتجاه الحكم الذاتي أو الاستقلال الفعلي لجنوب اليمن، بل أيضاً باتجاه تحرير صنعاء، كما صرح بذلك رئيسه عيدروس الزبيدي قبل عملية حضرموت والمهرة، وبعدها بنبرة أكثر وضوحاً.
لم تقف دلالات هذه التطورات عند حدود التحول الميداني أو العسكري، بل كشفت في الوقت ذاته هشاشة مجلس القيادة الرئاسي، الذي بدا عاجزاً عن صياغة رد فعل وطني لغياب "الوطني" عن تركيبته. فمنذ تشكيله، لم ينجح المجلس في إقناعنا كيمنيين بتبنيه قضية وطنية متماسكة، على غرار ما يطرحه الانتقالي، باستثناء شعار تحرير صنعاء الذي فشل عملياً في تحقيقه، كما اخفق في خوض مراجعة جادة ل أو تقديم بديل سياسي. نستثني من هذا القول، القوات الشرعية في الساحل الغربي بقيادة المقاومة الوطنية، التي بدت معركة تحرير صنعاء بالنسبة لها كقضية وطنية بل مركزية.
هكذا ظهر المجلس الرئاسي كمجموعة أفراد طامحين سياسياً، أو بتعبير ألطف، كنخبة سياسية معزولة عن الجماهير وعن "الوطنية"، تتحرك عبر البيانات والعلاقات البينية والخارجية- كما نفعل جميعاً دون ميزة في ذلك- ويعوزها بالتأكيد المشروع الوطني الجامع.
أما حزب الاصلاح، فقد بدا في حالة ارتباك واضحة، إذ انتقل خطابه من "تحرير صنعاء"- الذي أخفق في إنجازه ثم غاب عن أولوياته- إلى خطاب مشحون بثنائية الوحدة والانفصال عقب سيطرة الانتقالي. هذا التحول يعكس ضياع البوصلة السياسية، وانكفاء الحزب على حماية مصالحه التنظيمية ونخبه، والانغلاق على أجندة جماعته الداخلية أكثر من انفتاحها على رؤية وطنية شاملة.
ويعكس فيديو لرئيس هيئة الأركان الفريق صغير بن عزيز الأخير (المصدر أونلاين، 13 ديسمبر 2025) اصطفافاً تقليدياً إلى جانب المنطقة العسكرية الأولى التي سيطر عليها الانتقالي في حضرموت. وفي الفيديو، دعا بن عزيز قبائل أرحب للانضمام الى صفه. وهو اذ يفعل ذلك، انما يؤكد على الانقسامات التقليدية داخل المؤسسة العسكرية والسياسية في البلاد، التي طالما كان الاصلاح نجمها الأبرز.
في المقابل، لجأ رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي إلى تفعيل أدواته المدنية والإعلامية، عبر خطاب تحذيري يركز على مخاطر الانفلات الأمني أو الانهيار الاقتصادي، دون انسجام واضح مع الواقع الميداني القائم.
في المحصلة، فإن ما جرى في حضرموت والمهرة يتجاوز كونه تحولاً عسكرياً، ليشكل مواجهة سياسية بين فاعل يمتلك قضية وطنية ونضالية واضحة وأدوات تنفيذ، وبين أفراد يمثلون نخباً وأحزاباً تقليدية تفتقر إلى المشروع الوطني. وهنا، تميل الشرعية- بمعناها السياسي لا الشكلي او الهيكلي- إلى من يحمل المشروع والقدرة على الفعل، لا إلى من يحمل المناصب.
>
