تحتاج عقودًا لانتزاعها.. ألغام الحوثي القاتل الأول للأطفال في اليمن
السياسية - Wednesday 05 July 2023 الساعة 06:20 pm
لم يكن يتوقع الطفل حمزة أحمد الغرباني، أن الجسم الغريب الذي وجده سيكون آخر شيء يلمسه ويشاهده في حياته التي قضى معظمها تحت الحرب والحصار في محافظة تعز، وسط اليمن.
حمزة، ذو الـ13 عاما، من أبناء حي الجحميلة بمحافظة تعز، خرج للعب كعادته عصراً مع صديقه أحمد الكمالي (15 عاما)، وأثناء تجواله في الحي الذي شهد أعمال قصف عشوائية من قبل الميليشيات الحوثية خلال السنوات الماضية، عثر الطفل حمزة على جسم غريب، لم يعرف حقيقته أو ماهيته. قام بأخذ الجسم الغريب بيده واللعب به قبل أن ينفجر ذلك الجسم ويتسبب في مقتله وإصابة صديقة أحمد بجراح خطيرة.
حادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل الانتشار المخيف لمخلفات الحرب والألغام والعبوات الناسفة المموهة التي تقوم ميليشيات الحوثي -ذراع إيران في اليمن- بزراعتها في الأحياء السكنية والقرى وعلى الطرقات الرئيسية والفرعية بهدف الانتقام من المدنيين وإلحاق الضرر بهم لعقود قادمة.
لا تزال كميات الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية منذ اندلاع الحرب العبثية في مارس 2015 مجهولة وغير دقيقة، إلا أن تقارير أممية وحقوقية يمنية أكدت أن الكمية مأهولة وتزيد عن مليوني لغم وعبوة متفجرة. وتحتاج اليمن لعشرات السنين من أجل تطهير المناطق الملغومة وإنقاذ حياة المدنيين الذين يتساقطون بفعل تلك الأجسام بشكل شبه يومي.
الأطفال أكثر الضحايا
يعد الأطفال الفئة الاكثر تضرراً من الألغام ومخلفات الحرب التي تركتها ميليشيا الحوثي في الأحياء والمدن قبيل دحرها على يد القوات الحكومية والمقاومة الشعبية. فالكثير من الأطفال يقومون بالعبث بمخلفات الحرب والألغام المنتشرة بشكل عشوائي قرب المناطق السكنية.
ووفقاً لتقرير أممي حديث فإن الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب تسببت بوقوع أعداد كبيرة من الأطفال خلال العام الماضي في اليمن. وأشار التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاع المسلح، إلى أن الألغام وأخواتها أوقعت ما مجموعه 282 ضحية بين الأطفال، وهو ما يمثل حوالي 52%، من إجمالي الضحايا الأطفال، والبالغ عددهم 544 طفلاً الذي تحققت الأمم المتحدة من سقوطهم العام الماضي بين قتيل وجريح.
وأوضح أن قذائف الهاون والمدفعية جاءت كسبب ثان لسقوط الضحايا الأطفال، بعدد 103 ضحايا، ثم عمليات إطلاق النار وتبادل النيران التي أوقعت 77 ضحية.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره، عن قلقه إزاء استمرار وانتشار قتل الأطفال وتشويههم في اليمن، خاصة بسبب الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب التي لا تزال القاتل الأول للأطفال في البلاد. داعيا إلى ضرورة التحرك الجاد واتخاذ إجراءات فورية لتسهيل إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة والتوعية بمخاطرها من أجل حماية المدنيين والأطفال من شرورها.
انتزاع نصف مليون
خلال الخمس السنوات الماضية، وتحديدا خلال الفترة من (يونيو 2018 - يونيو 2023)، تمكن مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام من نزع وإزالة وتدمير 405,818 مادة متفجرة كانت ميليشيا الحوثي زرعتها في المناطق الحكومية المحررة. وهذه الكمية تدل على أن ما تم زرعه أكثر بكثير.
ووفقا للقائمين على مشروع مسام، فإن الفرق الهندسية العاملة ميدانياً تمكنت من تطهير مساحة إجمالية على الارض وصلت إلى 47,485,089 مترا مربعا، وهي مساحة بسيطة مقارنة بباقي المساحات الملوثة التي لا تزال تحصد أرواح الأبرياء في مختلف المحافظات اليمنية.
هذه الجهود والأرقام الكبيرة لم تكن بالهينة، خصوصا وأن هناك عشرات من العاملين في نزع الألغام كانوا ضحايا لتلك المتفجرات الخطيرة التي لا تزال الميليشيات الحوثية تزرعها تحت الأرض وحتى في البحر.
أكثر من 84 شخصا من العاملين في نزع الألغام قتلوا وأصيبوا أثناء تأدية مهامهم في مواجهة أشواك الموت الحوثية خلال الخمس السنوات الماضية، بحسب تصريح لمدير العمليات بمشروع مسام لنزع الألغام في اليمن، والتابع لمركز الملك سلمان للإغاثة، "سلمان رتيف".
وأضاف إن مسام مشروع لإعادة الحياة وتأمينها، ولأجل هذا الهدف ضحى المشروع خلال القيام بمهامه الماضية بالعشرات من العاملين منهم 34 شهيدًا، وأكثر من 50 جريحًا ومعاقا من نازعي الألغام. لافتا إلى أن ما تم انتزاعه أكثر من 400 ألف لغم زرعتها مليشيا الحوثي في عدد من المحافظات اليمنية منذ تدشينه العمل منتصف 2018، معتبراً ذلك "انتصارا إنسانيا كبيرا حققه المشروع".