سياسة النفس الطويل للرياض بملف السلام ومأزق ذراع إيران
تقارير - Saturday 27 April 2024 الساعة 08:51 amفي خطاباته الأخيرة، شن زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي هجوماً حاداً على السعودية والإمارات، بشكل لافت وغير مسبوق منذ أشهر طويلة امتنعت فيها الجماعة عن ذلك.
وهاجم زعيم الجماعة السعودية والإمارات –دولتي التحالف العربي لدعم الشرعية– مؤخراً في خطاباته الأسبوعية، واتهمها بالوقوف إلى جانب إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة وتقديم الدعم لها ومساندتها إعلامياً وسياسياً، بحسب زعمه.
وشن الحوثي أعنف هجوم على الإمارات والسعودية في خطابه السبت، بتدشين المراكز الصيفية التي تقيمها الجماعة للأطفال بمناطق سيطرتها، بمزاعم قيامهما بتعديل المناهج الدراسية وحذف آيات قرآنية وأحاديث نبوية منها لإرضاء إسرائيل والغرب.
وبدا واضحاً تركيز زعيم الجماعة على توجيه الهجوم نحو السعودية، في موقف لافت يأتي بعد أن خففت الجماعة الحوثية من هجومها الحاد ضد الرياض التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية لأشهر طويلة ضمن أجواء التهدئة التي أحدثها اتفاق التهدئة الأممية في أبريل من عام 2022م والذي أنهى الاشتباك العسكري المباشر بين الطرفين.
كما أن هذا الهجوم يأتي على عكس اللهجة التي أبداها الحوثي في خطابه بالذكرى التاسعة للحرب أواخر مارس الماضي، والتي خاطب فيها الرياض بشكل ودي كان أقرب إلى الاستجداء، مطالباً إياها بالعودة إلى مسار السلام والتوقيع على خارطة الطريق التي تم التوصل لها بعد مفاوضات طويلة امتدت لعامين بوساطة عُمانية.
إلا أن التوقيع على الخارطة تعثر عقب تدشين الجماعة لهجماتها ضد الملاحة الدولية في نوفمبر من العام الماضي ليتوقف معها مسار السلام، مع تقارير ومعلومات تؤكد وضع أمريكا وبريطانيا شروطاً تربط بين العودة لمسار السلام ووقف هذه الهجمات، وهو ما يُفسر مطالبة زعيم الجماعة للرياض في خطابه بالذكرى التاسعة للحرب بعدم التجاوب مع الضغوط الأمريكية في ملف السلام.
مناشدة الرياض لتفعيل مسار السلام ثم مهاجمتها من قبل الجماعة الحوثية، هو ذات الأمر الذي مارسته الجماعة منتصف العام الماضي قبل تدشين هجماتها ضد الملاحة الدولية بمزاعم مناصرة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة بوجه العدوان الإسرائيلي، وهو ما يعني عودة الجماعة إلى ذات المأزق الذي عانت منه حينها.
مأزق يتلخص في عجز الجماعة عن تحمل حالة "اللاحرب واللاسلم" في الملف اليمني التي انتجها اتفاق التهدئة الأممية، حيث تمثل حالة الحرب بيئة مناسبة للجماعة في التخلص من أي التزامات تجاه السكان بمناطق سيطرتها من خدمات ورواتب، بالإضافة إلى أن حالة الحرب تشكل ضماناً للجماعة باحتواء الصراعات الداخلية لقياداتها وعدم خروجها عن السيطرة.
ما يعني أن توقف حالة الحرب يعني عودة المطالبة بهذه الالتزامات وصعوبة تحكم الجماعة بصراعاتها الداخلية، على عكس الحال بالنسبة للرياض التي لا ترى ضراراً من استمرار حالة اللاحرب واللاسلم" في الملف اليمني، بل أنها تتناسب مع سياستها المعهودة في التعامل مع الملفات والأزمات بنفس طويل.
كما أنها –أي الرياض– تدرك أن رضوخ جماعة الحوثي لوقف الحرب ولو مؤقتاً عبر اتفاق الهدنة لم يكن إلا نتيجة للعجز العسكري الذي مُنيت به في الجبهات بعد 7 سنوات، وصعوبة استمرارها بالحرب، كما أن اتفاق التهدئة الذي توصلت إليه مع إيران الداعم الرئيسي للجماعة برعاية صينية منتصف العام الماضي، يُصعب من قدرة جماعة الحوثي على أن تستأنف الحرب ضدها بغياب الدعم الإيراني.
معطيات ووقائع ترسم المأزق الذي تعاني منه جماعة الحوثي من استمرار حالة "اللاحرب واللاسلم"، خاصة بعد أن فشل رهانها على هجماتها ضد الملاحة الدولية التي بدأتها قبل 5 أشهر إرضاءً لرغبات إيران، في ابتزاز الرياض ومن خلفها الإقليم والمجتمع الدولي وإخضاعهم جميعاً لرغباتها وأحلامها بتسليم اليمن لها مقابل وقف الهجمات.
وهو ما يُفسر قيام جماعة الحوثي خلال الساعات الماضية بتسريب تقارير تزعم أنها تنوي مهاجمة القوات العسكرية الغربية في إريتريا، وأنها تنوي تصعيد هجماتها ضد الملاحة الدولية، بالإضافة إلى التصعيد داخلياً في الجبهات العسكرية.
كما زعمت هذه التقارير عقد اجتماع بين قياداتها ومستشارين في الحرس الثوري الإيراني في صنعاء للترتيب والكشف عن صواريخ نوعية جديدة ذات مدى وسرعة أكبر وقدرة انفجارية، بالإضافة إلى نقل عدد من الصواريخ الباليستية إلى الجوف وصعدة، في تهديد مبطن للسعودية، يهدف بشكل واضح إلى ابتزازها وإجبارها على التسريع بملف السلام هرباً من المأزق الذي تعاني منه الجماعة.