محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الحوثي "لص في منزل الشاعر البردوني"

Sunday 20 February 2022 الساعة 06:06 pm

في لحظة وضع البردوني كل إمكانياته الذهنية من أجل أن يعطي القارئ زاده الفكري والأدبي، بذائقة هي أكثر من أن توصف بالفردانية والتفرد العربي الذي كان يمتلكه الخالد في الذاكرة اليمنية الراحل عبدالله البردوني، وفي لحظة أخرى وسط انشغال الناس بجمع جماجم موتاهم وفتات ما تبقى من طعام مشرفي "الحوثي" يعمل الأخير على فقء عيون البردوني وسرقة منزله الذي أتعبه سقوط المطر بدون ترميم، وفكره المكتمل في أيادي الناس.

في ظل الحرب التي يقودها الحوثي الإرهابي ضد الشعب اليمني بأكمله وفي إطار تشويه الأدب والثقافة والرموز وسرقة وتغيير وتبديل وتحريف الإنتاج الفكري والأدبي للشاعر والأديب البردوني، يعلن الحوثي عن إصدار ديواني شعر للراحل، مما يجعل من احتمالية تزوير وتغيير وتحريف فكر البردوني واقعياً وممكناً، وخاصة أن جماعة الحوثي الإرهابية تقود معركة ضد كل مفكري وأدباء وشعراء اليمن سواءً كانوا تحت التراب أو من ينتظر الرحيل إلى الآخرة.

كانت ردة فعل الناس هي التشكيك في ديواني الشعر اللذين أعلن عنهما الحوثي من خلال مؤتمر صحفي في بيت الثقافة بصنعاء، ولم تلق ردوداً مؤيدة أو متلهفة لقراءة ما يُنسب إلى العظيم البردوني، لقد أصبحت الناس تدرك أن الحوثي الذي يقوم بتحريف وتأويل الدين وتفصيله حسب مصالحه وأهدافه لن يتوانى عن تزوير وتحريف وتأويل ما يُنسب إلى البردوني الذي يحتل مكانة التقديس لدى كل أبناء المجتمع اليمني.

ينبع حقد الحوثي ضد البردوني من الموقف الذي تمسك به العظيم البردوني في لعن الإمامة وإدانة جرائمها ولعن الاستبداد والعنصرية، وقام بتخليد هذا الموقف في فكره وأدبه وأشعاره المتوارثة إلى يوم الدين، ولذلك تحاول الجماعة الحوثية الإرهابية البسط على فكر الموتى بإصدار ما يُنسب إليهم من الشعر والأدب دون تحقيق في كيفية جمع تلك المواد الأدبية والمصادر إن كانت موثوقة.

"لص في منزل شاعر" هو عنوان لقصيدة للراحل البردوني يحكي فيها فقر الشعراء من خلال حوار فكاهي تراجيدي بين شاعر ولص دلف إلى منزل الشاعر بدافع السرقة ولم يجد ما يأخذه، وكأنه اليوم حيث اللص الحوثي يدخل كل منازل اليمنيين بوسائل مختلفة لسرقتها ومنها منازل الأدباء والشعراء، وإذا لم يجد ما يسرقه قام بنهب وتحريف مؤلفاتهم الأدبية والشعرية ولو بعد وفاتهم كي لا ينكشف وتظهر الحقيقة للناس.

الجماعة الحوثية لا تؤمن بالأدب وتكفر بكل ما يؤيد فكرة الجمهورية والعدالة والمساواة، ولم يقتصر الأمر على تغيير المناهج الدراسية وطمس معالم الجمهورية والديمقراطية والعدالة المتساوية، بل إنها الآن تقوم بالمرحلة الثانية وهي طمس تلك المعالم من كتب الأدب والشعر، وبث الشكوك في النصوص الأدبية والشعرية للأدباء الكبار الذين يحتلون مكانة كبيرة في قلوب الناس، وتعمد هذه الجماعة المارقة إلى نزع ثقة الشارع الأدبي بكل ما له من صلة بالجمهورية والديمقراطية.

اليوم لا أحد يصدق ما يعلن عنه الحوثي سواءً كان شعراً أو نصوصا دينية، لقد انفضح وانكشفت سوءته وأهدافه التي يسعى إلى تنفيذها وهدم كل معالم الجمهورية وقيم المجتمع الأدبية والثقافية والأخلاقية، تحت مسميات واهية لا تنطلي على الناس في القرن الواحد والعشرين.

من يسرق جيوب ومنازل الناس باسم الله ورسوله لن يتوانى عن سرقة الشعراء والأدباء، ومن يتحدث باسم السماء، لن يتورع عن تحريف وتزييف كتب الأدب والشعر بما يتناسب مع أهدافه ومشروعه الطائفي الإرهابي، ولن تتوقف الجماعة الحوثية فقط عند العظيم البردوني بل هدفها هو تجريف كل شيء يرتبط بقيم العدالة المتساوية والجمهورية والديمقراطية من كتب الأدب والثقافة.

يثق الناس بما جاء به البردوني من أدب وشعر ونقد، ولا أحد من هؤلاء الناس يثق بجماعة الحوثي حتى وإن كان ما أعلنته تحت اسم البردوني، ولن يتم تداول ما تم الإعلان عنه على أنه للعظيم البردوني، بل على أنه تحريف وتزييف قامت به هذه جماعة الإرهابية.