فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

الإعجاز العلمي معرفة مغشوشة.. ولا يبنى عليها عمل

Tuesday 22 February 2022 الساعة 01:55 pm

سألني صديق: كيف عرف الشيخ عبد المجيد الزنداني عرض باب الجنة بهذه الدقة، فقد ذكر أن المسافة بين مصراعي الباب 1273 كيلو متراً؟ قلت: دعك من كلمة دقة، فلا دقة ولا دقيق، إنما قرأ حديثاً منسوباً للنبي محمد، أو سمع ممن قرأه، أن ما بين مصراعي باب الجنة كما بين مكة وحمير، وفي رواية أخرى كما بين مكة وهجر، وفي رواية كما بين مكة وبصرى، وفي رواية مسيرة 40 سنة، وفي رواية مسيرة 500 سنة، فاستحضر المقياس العلمي للمسافات(متر)، وقاس، وزيد ونقص، حتى هداه جهده إلى الرقم 1273، واعتبر ذلك من الإعجاز العلمي في السنة، وقد اختار حديثاً، وغفل عن أخرى أشرنا إليها قبل قليل، وهي متناقضة بالجملة، كما تناسى أحاديث تقول إن للجنة ثمانية أبواب، وليس واحداً.. ولكن السؤال يا صديقي هو، ما الفائدة من معرفة لا يترتب عليها عمل؟ فما الذي سيتغير في حياتنا إن قيل لنا عرض باب الجنة 1273 كيلومترا، أو عرض باب جهنم 2000 كيلو متر؟

وعندي أن مقولاتهم عن الإعجاز العلمي في القرآن لا قيمة لها، بينما القرآن محفوظ، فكيف يكون إعجازا علميا في السنة التي داخلها الوضع والكذب والنقص والتناقض، وقد دونت بعد مائتي عام من وفاة صاحبها؟

يزعم المشتغلون بالإعجاز العلمي في القرآن، أن المعرفة التي ينتجونها عن هذا النوع من الإعجاز تعد من صميم القرآن، ومعبرة عنه، بينما هي نتاج جهد فكري خاص بهم، حصلوه من خلال تعاملهم مع بعض آيات القرآن، بشتى الحيل.

لو أن بين أياديهم دليلا صحيحا أو حجة صريحة من القرآن والعلم، لما اعترض على منهجهم أو طريقهم أحد، لكنهم إنما يصلون إليه بحيل مختلفة يتوارثونها في التعامل مع القرآن، كتحريف معاني ألفاظه، واعتساف صريح آياته، واجتزاء ربع آية أو جملة قرآنية من نص متكامل متماسك مترابط، فضلا عن تحطيم المعاني الحقيقية لألفاظ لغته العربية.

كتاب الإسلام الذي وصفه الله أنه: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.. لا تتضارب ألفاظه، ولا تتناقض معاني آياته، فصيح، بليغ، فصيره المشتغلون بالإعجاز العلمي، قرآنا ذي عوج، يقول: والشمس تجري لمستقر لها.. ويقولون: إن كلمة تجري هذه معناها تدور، على الرغم من وضوح الاختلاف بين المعنيين تجري وتدور.. لكن من الضروري أن يصبح المعنى الجديد لكلمة تجري تدور، لأن هذا المعنى الجديد سيكون مناسبا مع النظرية العلمية القائلة إن الشمس تدور حول محورها.

والقرآن يقول لنا: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}.. أي بسطها، وهم يقولون: اللفظة القرآنية دحاها، تدل على الشكل البيضي أو الكروي، فمعنى الآية أن الله جعل الأرض كالبيضة، والأرض كروية شبيهة بالبيضة، بينما كلمة دحا، لا تتضمن أي دلالة لكرة أو كروية، كما أن لفظة دحية لا تعني بيضة.. ثم ليس المقصود بالأرض هنا الكرة الأرضية، إنما الأرض المقصودة هي التربة الزراعية، أو الطبقة الترابية التي تحرث وتزرع، وهي تقع في سطح الكرة الأرضية، وهي مبسوطة مسطحة في كل بيئة فلاحية محدودة المساحة.

ومسطور في القرآن: وإذا الشمس كورت.. أما في قراءتهم فمعناها: إذا الشمس كروية! وفي القرآن: يكور الليل على النهار.. وهم يحولون معنى كور إلى كرة.

كلمة أقطار في الآية القرآنية: يا معشر الجن والإنس أن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض.. صيروها قطرا هندسيا، أي الخط الذي يمتد من نقطة معينة على محيط الدائرة إلى النقطة المقابلة مرورا بمركز الدائرة.

وفي القرآن: غلبت الروم في أدنى الأرض.. وعندهم أن القرآن لا يقصد بكلمة أدنى، أقرب، بل يقصد أخفض، لأن منطقة البحر الميت هي أخفض مكان على كوكب الأرض، وقد كانت ميدان المعركة بين الروم الفرس، بينما أحداث المعركة لم تدر في منطقة البحر الميت، بل جرت في مكان آخر بأرض العراق كما قال المؤرخون.

وفي القرآن: من يعمل مثقال ذرة خيرا يره.. قالوا القرآن لا يقصد هذا الكائن البيولوجي الصغير المسمى عند العرب ذرة، أو نملة صغيرة، بل يقصد الذرة التي اكتشفها علماء الفيزياء.. ذرة لها نواة والكترونات وبروتونات.. فإذا قلت لهم: يا قوم الآية تحدثنا عمن يعمل مثقال ذرة خيرا.. أي ذرة من خير وليس من بروتون والكترون ونيترون، ردوا عليك: بل مثقال ذرة، وزن ذرة كربون، والوزن الذري لليورانيوم!

وذكر القرآن أن جهنم (عليها تسعة عشر)، وهم يقررون: لا ليس لهذا ورد الرقم 19، أنما لكي نضرب 19 في الرقم 6، فيكون محصول عملية الضرب 114، أي عدد سور القرآن، وهذا إعجاز عددي، نزلت من أجله الآية!