فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

رؤية ترينا أن أمامنا حزباً نهماً وما يزال إقصائياً

Sunday 13 March 2022 الساعة 07:54 am

نعتقد أن الذين تأملوا في رؤية التجمع اليمني للإصلاح حول المشاورات والسلام.. نعني بذلك الرؤية البتراء التي استعرضها في العاصمة الأردنية ثلاثة قياديين في الحزب أمام هانس جروندبرج المبعوث الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة، قد لاحظوا أن هذا الحزب لم يتغير، وأن التجارب والسنين لم تروض تصلبه ولو قليلا.. لعل هذا أيضا يفسر سبب جمود الشرعية على الموجود منذ نحو سبع سنوات، بحكم أن حزب الإصلاح هو حزب الشرعية، الذي لا يقبل بأي شركاء حتى في المشاورات التي احتكرها له وللعصابة الحوثية، كي لا يفقد في المرحلة التالية شيئا من الممتلكات التي استحوذ عليها: المال، الجيش، الوزارات، نواب الوزراء، وكلاء وزارات، رؤساء هيئات ومصالح حكومية، مديرين عامين، سفراء، وله أيضا ثلاثة أرباع الملحقين في السفارات.

لكن لا يبدو أن المبعوث الخاص يتقبل مبدأ الإصلاح في الاستبعاد أو الإقصاء، فقد تشاور في عمان خلال الأيام الماضية مع غير حزب سياسي، بما في ذلك حزب المؤتمر الشعبي العام، وقبل يومين تلقى المكتب السياسي للمقاومة الوطنية دعوة من المبعوث الخاص لتقديم رؤيته للحل السياسي.

لقد أكد وفد الإصلاح للمبعوث هانس أن إجراءات التفاوض للحل النهائي، ينبغي أن تكون بين طرفين اثنين فقط: الطرف الأول الحكومة الشرعية، والطرف الثاني ميليشيا الحوثي الانقلابية.

ثم ساق مبرراته للاقتصار على هذه الثنائية الجبرية، فقال إن مطالبة الإصلاح قصر مفاوضات الحل النهائي على هذين الطرفين فقط، تعكس خشيته من تحول عملية السلام إلى متاهة سياسية جديدة، لأن إشراك قوى أخرى سيفتح الباب أمام شهية العديد من المكونات للحصول على مكاسب ذاتية.

إذن ثمة خشية.. مجرد خشية، احتمال، شك.. ولديهم مشكلة، هي أن مكونات ستفتتح شهيتها.. ولا ندري ما المانع لو افتتحت، بينما لهاة الإصلاح قد افتتحت، فلم تسدها حتى لقم (الخانوق).. ولاحظوا أيضا، قال شهية لتحقيق مكاسب ذاتية، ولم يقل مكاسب سياسية.. وقال مشاركة مكونات أخرى مع الشرعية سوف يصب في مصلحة الميليشيا الحوثية!

مكونات ترغب أن تكون ضمن الشرعية، ومع ذلك هذا في مصلحة الحوثية، والسؤال مرة أخرى أيضا، كيف؟ الجواب الإصلاحي: الحوثية سوف تحرص على انتزاع مكاسب من كل طرف.. كيف يستقيم هذا التفسير مع اقتناع الإصلاحيين أن ثمة قوى تناجز العصابة الحوثية دون هوادة، وتمقت مداهنته لها؟

طيب.. ماذا بالنسبة للمجلس الانتقالي؟ فهو حسب البند الرابع من اتفاق الرياض شريك الشرعية في مفاوضات الحل النهائي.. لكن هذا ليس مهما، فرغبة الإصلاح هي الأصل، ورؤيته هي الرؤية النهائية: إذا كان ما يسمى المجلس الانتقالي يريد المشاركة في المفاوضات فإن عليه أولا تنفيذ كامل اتفاق الرياض تنفيذا كاملا، بما في ذلك الشق الأمني والعسكري.. وطبعا، ليس مهما أن ينفذ ذلك تنفيذا كاملا من طرف الشرعية وحزبها.. لماذا على ما يسمى المجلس الانتقالي تنفيذ كامل... أولا، وأولا؟ لأن التنفيذ الكامل لاتفاق الرياض يعتبر الإجراء الكفيل بدخول المكونات المناهضة للميليشيا الحوثية تحت إطار الشرعية.. يقولون هذا، وفي نفس الوقت يكابدون كي لا تتقبل الشرعية رغبة أي طرف الانضواء في إطارها.

هذا في ما يتعلق بجانب من الرؤية الإصلاحية، أما الجانب الآخر منها، ففيه مجازفة، وبؤس فكري، وكثير من التدليس.. إن القول -مثلا- إن الحل السياسي (يجب) أن يقوم على أساس المرجعيات الثلاث، أي المبادرة الخليجية، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي، وإنه دون هذه المرجعيات الثلاث، لا توجد حلول بديلة يمكن الاستناد إليها كمرجعيات للحل السياسي! وإنها محل إجماع عام!! وإنها بمنزلة عقد سياسي واجتماعي توافقت عليه مختلف القوى اليمنية!! قول فيه مجازفة، وفيه تدليس، كالتدليس الذي ورد في الرؤية بأن المبادرة الخليجية أوجدت حلا للأزمة بين النظام السابق وشباب ثورة 11 فبراير 2011.

 فالمبادرة كانت وما تزال موضوع مقت منظمي اعتصام 2011 والمشاركين فيه، والتسوية حصلت أصلا بين السلطة والمعارضة، وبعيدا عن الشباب.. أما مخرجات مؤتمر الحوار الوطني فلم تكن موضوع إجماع، ولا هي التي تصلح أن تكون بمثابة عقد اجتماعي- سياسي، فليست دستورا.. المتحفظون على بعض المخرجات كان بينهم الإصلاح نفسه، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، لم يعد فعالا لأن متغيرات كثيرة حدثت بعده، تتطلب تعديل بعض بنوده.