محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

"الحرب" واقعية الحوثي.. "السلام" مثالية مؤتمرات الفنادق

Thursday 23 June 2022 الساعة 05:25 pm

تعيش المنظمات الأوروبية التي تهتم باليمن وبإيقاف الحرب حالة ازدحام للمشاركين اليمنيين الذين يعيشون في الخارج من أجل جمع رؤاهم وأفكارهم حول سُبل إيقاف الحرب في اليمن وإرساء دعائم السلام في هذا البلد الذي طحنته حرب ثماني سنوات، وعلى الرغم من الهدف النبيل "شكلاً" الذي تسعى إليه تلك المنظمات إلا أنها في مأزق حقيقي يتمحور حول حصولها على مشاريع واقعية ومنطقية لكيفية إحلال السلام وإيقاف الحرب، لأنها تعتمد على شخصيات يمنية ليس لديها الواقعية في الطرح والمنطقية في الأفكار بالإضافة إلى أن تلك الشخصيات معزولة عن الواقع الفعلي للحرب في اليمن، لأنها تعيش خارج إطار الحرب.

على الرغم من الميزانية الكبيرة لإقامة مثل تلك اللقاءات والمشاورات في بلدان أوروبا، إلا أن تلك المنظمات المستضيفة لمثل تلك اللقاءات لا تمتلك رؤية واضحة عن خارطة الحرب اليمنية وجذورها وتشابكها، لأنها تعتمد على تقارير ومحاضر اجتماعات شخصيات وقيادات يمنية منفصلة عن الميدان وبعيدة عن السياسة الفعلية، هذا يجعل من قوة المعلومات ومنطقيتها في حالة شك وريب، وهذا ما لا تتنبه له تلك المنظمات أو الدول الأوروبية.

تداولت المشاورات واللقاءات اليمنية التي جرت في أكثر من بلد أوروبي مفردة السلام وإحلاله في الميدان، ومنع استمرار الحرب، هذا التداول السطحي لتلك المفردة هو انعزال وانفصال كامل عن الحقيقة التي هي ظاهرة وواضحة لكل المتابعين، حيث أن السلام الذي تسعى إليه تلك الشخصيات لا يمكن تطبيقه في الواقع، ومن المستحيل أن يكون، نظراً لعوامل كثيرة منها: أن الحوثي لديه مفهوم آخر للسلام ولديه الإمكانيات التي تجعله متمسكا بمفهومه للسلام المتمثل في أحقيته في الحكم والسيطرة على الدولة والأرض بدون وجود منازع، وهذا ما أثبتته التجارب السابقة من خلال المفاوضات والمحادثات والهُدن.

مفردة السلام التي توزعت وكثر الحديث حولها في أوروبا، تمثل حالة هلامية ومثالية أمام الواقعية الحوثية، هذه الواقعية التي تؤمن بالقوة كوسيلة لاستمرار الحرب، وانتهاء الحرب مرهون بالسيطرة على كافة الجغرافيا، واستتباب الحكم، ومن ثم يكون السلام الذي يراه مناسباً للتعايش معه وتحت سلطته، السلام هو مفردة يستخدمها الحوثي كواجهة إعلامية يتودد بها إلى الأجانب والأمم المتحدة، أما فعلياً فهي شيء آخر مقروناً بقوة سلاحه وتحقيق أهدافه كاملة.

الشخصيات التي تجوب الدول الأوروبية بحثاً عن السلام لليمن، هي مجرد رحلات ترفيهية تقبض من ورائها ما تيسر أن تتكرم به تلك المنظمات أو الدول، كيف يمكن البحث عن سلام منفصل عن الواقع!! 

الواقع الذي يقول إن السلام مع الحوثية الإرهابية بعيد المنال، وأن التنازلات من أجل تحقيق مفردة السلام المثالية أمام الواقعية الحوثية، هو استسلام وتقديم انتصار للحوثي ليستمر في التشبث بمفاهيمه وأجندته وسلاحه، لا يمكن الحصول على السلام بدون القضاء على مسببات الحرب، ومنها إنهاء سيطرة الحوثية على الشمال وإنهاء التواجد والدعم الإيراني في اليمن، وهذا يمكن تحقيقه عن طريق البندقية وقلب موازين المعركة والسيطرة لصالح الشعب وتقليص حجم الحوثية وإضعافها، بدون ذلك تبقى الواقعية الحوثية عن السلام هي الأكثر ثباتاً أمام مثالية التجمعات التي تجري في أوروبا.

الحوثي يريد الحرب، ويقول إن كل شيء حصل عليه بالحرب لا يمكن تسليمه من خلال مفاوضات، هو ينظر إلى الحرب طريقا لفرض أجندته وأهدافه وبدونها لا يستطيع أن يصمد ويسيطر على الشمال، بينما تجمعات أوروبا تتمسك بمفردة السلام لجلب الحوثي من حالة القوة والاستبداد والسيطرة إلى حالة التشاركية والتعايش، وهذا من المستحيلات أن يحدث.