أحمد سيف حاشد

أحمد سيف حاشد

تابعنى على

صهاريج عدن

Tuesday 10 January 2023 الساعة 04:51 pm

خزانات مياه الطويلة في عدن، أو ما تسمى بـ"صهاريج عدن" وصفها الرحالة والأديب اللبناني أمين الريحاني بأنها "أجمل الأعمال الهندسية في العالم". 

حالما تقرأ هذا الكلمات الموجزة الكاشفة عن ملمح أسطورة أجدادك، تداهمك الأسئلة؛ فتسأل: هل زرتها؟؟ هل قرأت عنها؟؟ ماذا تعرف عن تاريخها؟!!

أول ما تضع قدمك على أعتابها لا تشعر فقط برهبة ومهابة المكان، بل وأيضاً تتملكك الدهشة التي تزداد وتتضاعف مع كل خطوة ودرجة تصعد عليها، ليبلغ عجبك من قاعك إلى عنان السماء، وأكثر منه أن ترى هامة السماء تتدلى إلى قيعان هذا الصرح الأسطوري لتسجل إعجابها فيه.

وأنت تجول وتفكر وتتأمل في هذا الفن المعماري الهندسي تشعر ببهجة تستغرقك.. فرح يحلّق فيك.. امتنان مستحق لأولئك الذين تخلدوا به.. مجد مؤثل، ومنجز غابر وحافل بألف معجزة.

مستحيل صيروه واقعاً خالداً تشهد له الأجيال المتعاقبة.. صمود وتحدّ في وجه الزمن عمره أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة عام.

كل حجر فيه خلفه سر لا تدركه، وألف حكاية لا تعرفها، أو لم تصل إليك، ولكنها في الإجمال تخبرك بحضارة عظيمة، وشعب عظيم.

 شرودك المحلِّق ينزعك من واقعك وحاضرك واللحظة التي تعيشها إلى ماض عامر بالمجد، ورجال نالوا بما بنوه خلوداً لا يموت.

رجال افذاذ، عشقوا الخلود وأدركوه بكل هذا الذي تراه.. ومتى؟! قبل 3500 سنة.. ما تراه يحملك على السؤال مرة ثانية وثالثة وأنت مستغرق بالدهشة: من صنع كل هذا العجب؟!! 

عجب وأنت تعيش أوجه وذروته تخاله أنه لا يحد ولا ينتهي. 

غير أن ما يحدث اليوم يجعلك حذراً تعيش ريبتك بقلق قد يطول.

إن زرتَ عدن ولم تزر صهاريجها؛ فأنت لم تزرها. 

وإن لم تعرف صهاريجها وأقمت فيها ألف عام، حق عليك القول إنك جاهل بها، وجاهل أكثر بمجدها الغابر، وجمالها الآسر، وتاريخها البعيد، ومن حق عدن في حال كهذا أن لا تغفر لجهلك، ولا تعترف بانتمائك إليها، طالما أنت تجهل أهم ما فيها من معالم وتاريخ وعجب.

عدن عامرة بمجد وحضارة وعراقة ضاربة في عمق التاريخ.

 وقد قالوا عن صهاريجها: فن في التصميم.. اتقان معماري محترف.. عمل لا يتكرر.. تحفة فنية.. من أبرز المعالم التاريخية والسياحية في عدن.

 مأثرة تبرهن على ما بلغه الإنسان اليمني القديم من رقي وتقدم وابتكار.. أحد عجائب الدنيا في فن الهندسة المعمارية.

يا لفظاعة جهلنا بذاتنا وبتاريخنا ودارنا ودورنا..؟!! يا لمدى خوائنا بتاريخ أجدادنا الأوائل..؟!! 

ويبقى السؤال الأهم: ماذا نسمي من عبث فيها طولاً وعرضاً، بسطاً ونهباً وتشويهاً؟! 

من يثقلها بتخلفه وبلادته وغبائه؟! من يبني عشوائيته فيها؟! ويستهدف كل ما له علاقة بتاريخها وتراثها وموروثها الثقافي ومعالمها التاريخية والمدنية، بعلم أو بجهل؟!

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك