خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

حديث الصدمة ‏

Tuesday 18 June 2024 الساعة 09:44 pm

كان حديث الصدمة، حجرا رماها في بحيرة الوهم، لغة صادمة لإيقاض الحالمين، ما قاله محمد الغيثي رئيس لجنة المصالحة والتشاور، هو ما لم يستطع الحامل السياسي للقضية الجنوبية أن يكاشف به قواعده، من أن الوصول إلى الهدف النهائي عملية سياسية نضالية تراكمية، وأنها ليست خاضعة للرغبات الأرادوية للوصول إلى نقطة النهاية، بضربة عصا سحرية أو بدورة عقارب الساعة دورة واحدة، لتتمخض بعدها عن دولة جنوبية كاملة السيادة. 

حجم ردود الفعل على حديث الغيثي لقناة الحدث لدى قطاع واسع من قواعد الانتقالي، هو خطأ التربية السياسية المؤسسة على الشعاراتية، ووهم تحقيق الهدف بلا خوض دروب وعرة، تحتاج لنفس تفاوضي طويل وأداء رفيع، وقدرة على رسم الخطوات ومراكمة الإنجازات، وحنكة في الإقناع وتوسيع الأنصار والتحالفات، ونقلها من حيز قضية الجنوب إلى قضية كل الوطن، وكل قوى التأثير الخارجي من منظمات وأحزاب ودول. 

خطيئة الغيثي أنه تحدث عن المسكوت، اخترق التابو التعبوي، وأطاح بالأمنيات غير القابلة للتحقق بفترة قصيرة المدى، ليعلن أن القضية الجنوبية ليست قضية الرئاسة ولا الحكومة، هي قضية الإقليم والمجتمع الدولي، وحلها لا يمكن أن يتخطى هذه الدوائر الحاكمة كممر إجباري، وأن العمل ضمن هذه الأُطر إلزامي للوصول لحل عادل، الغيثي فقط للإنصاف، كان صريحاً بانحيازه للقضية الجنوبية، والهدف النهائي “استعادة الجنوب شعباً وهوية”، حد قوله. 

الغيثي في تقديري الشخصي لم يخطئ هو قال ما يجب أن يكون معلوماً لدى الجميع، وإذا كان من شيء جدير بالملاحظة في كل ردود الأفعال الغاضبة بصدق، أن قنوات التواصل بين الانتقالي وقواعده تفتقد إلى الشفافية، وغياب تهيئة الحواضن لمعركة شاقة متعرجة كثيرة التعقيد، مليئة بالانتصارات والخيبات، التقدم والانكسار ثم معاودة السير إلى الأمام، قضية متشابكة الملفات من إسقاط الحوثي وحتى الإطار التفاوضي وصولاً لإنجاز مشروع فك الارتباط، ومعالجة القضية الجنوبية لا كمظلمة، بل كقضية سياسية، هي رمانة الميزان في ملفي الحرب والسلم في الجنوب وعموم اليمن.  

إذا كان للانتقالي رؤية أُخرى تتعارض مع ما قدمه الغيثي، عليه أن يخرج لقواعده وأنصاره ببيان، وإذا كانت السياقات التي عرضها رئيس التشاور هي آليات متفق عليها، فينبغي توكيدها أيضاً ببيان. 

على الانتقالي أن يعيد النظر في لغة التخاطب مع الناس، والانتقال بهم من بيع الأحلام سهلة التحقق، إلى الواقعية السياسية، ومن نهج القفز على الصعاب وإحراق المحطات والمراحل من خلال تجاهلها أو تبسيطها، إلى المكاشفة بأكبر قدر من الوضوح، وتجهيز بيئته الشعبية لتحديات لا تقل صعوبة وتضحوية عن إدارة جبهات القتال. 

من دون ذلك ستتزعزع الثقة بين المستوى السياسي والشعبي، ستضعف المصداقية، بما يهيئ مناخات تغذي التشظي، وتسهل مهام الاستقطاب المشبوه للكيانات المخلَّقة الوافدة،  والتي تتغذى على التململ والتيه والإحباط العام.

من صفحة الكاتب على إكس