فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

الإمارات.. وذريعة العداوة الإخوانية

Thursday 17 October 2019 الساعة 10:09 am

أصبح حزب الإصلاح معروفاً لجهة عداوته الصريحة القوية لدولة الإمارات العربية المتحدة.. وفضلاً عن كون هذه العداوة يريد بها الإصلاح تدعيم الدليل أنه جماعة إخوان مسلمين، فإن الحيثيات ليست مفصولة عن هذا الدليل.. فالإمارات ضربت جماعة الإخوان المسلمين المحلية هناك، بعد محاورة ومداورة عناصر الجماعة لعلها ترشد، فإذا بها منذ العام 2012 تتآمر على الدولة، وتسعى من أجل القضاء على سلطة وفرت لمواطنيها أفضل سبل العيش الرغيد.. كما أن حزب الإصلاح يعادي دولة الإمارات بسبب عدم تصالحها مع الجماعات الإرهابية التي هي بنت جماعة الإخوان وحليفة الإصلاح في الوقت عينه.. لكن هذا الحزب يستر عداوته بمنافقة الشرعية وبأغطية مهترية، مثل الحرص على الوحدة، واتهام دولة الإمارات أنها الساعي الأكبر لإعادة فصل الجنوب اليمني عن شماله كما يقولون.. أما نفاقه في وجه الشرعية فمردود عليه بالممارسات المتعارضة مع الشرعية.. بينما العداوة للإمارات تحت الغطاء المهتري، فيه تفصيل:

دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة كونفيدرالية.. دولة اتحادية، شيدت من دويلات صغيرة، في اليوم الثاني من شهر ديسمبر عام 1971 على أساس دستور اتحادي وقع عليه حكام ست إمارات (أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القوين، والفجيرة) ثم في اليوم العاشر من عام 1972 انضمت إليه إمارة رأس الخيمة.. وقد بدأت فكرة الدولة الاتحادية بعد إعلان بريطانيا الانسحاب من محمياتها في الخليج عام 1968، وفي 18 فبراير من العام ذاته تم الإعلان عن قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة الذي ضم أبو ظبي، دبي، ثم الشارقة، عجمان، أم القوين، الفجيرة، رأس الخيمة، البحرين، وقطر.. لكن إمارة البحرين أعلنت استقلالها عن هذا الاتحاد منتصف أغسطس 1971، وتلى ذلك خروج قطر في أول سبتمبر من العام نفسه.

وعادة لا تتبنى الدول الكونفيدرالية والفيدرالية سياسات خارجية تشجع أو تدعم النزعات الانفصالية، بما في ذلك دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب مفهومة.. على سبيل المثال ألمانيا الاتحادية لا تدعم أي جماعات تنادي من أجل الانفصال أو الاستقلال في أي دولة أخرى، وذلك كي لا تعطي ذريعة لحركات أو تنظيمات مماثلة في ألمانيا.. ونعتقد أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا يمكنها التورط في تبني مثل تلك السياسات في اليمن أو غيرها كونها تدرك تأثيرها في مستقبلها الاتحادي، خاصة وأن هناك أنظمة معادية يمكن أن تدعم أي طرف في الاتحاد للإضرار بها.. وإذا كان ضرب المثل يفيد، نذكر هنا أن الشيخ عبد العزيز بن محمد القاسمي قام بانقلاب على أخيه الشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة في الوقت الذي كان الأخير يزور بريطانيا.. حدث ذلك يوم 17 يوليو عام 1987، حيث سيطر عبد العزيز القاسمي على السلطة من خلال قوات الحرس الأميري التي كان يتولى رئاستها، ونشبت أزمة استمرت أسبوعاً كاملاً رافقها عنف، لكن تلك الأزمة انتهت بعد أن عقد المجلس الاتحادي الأعلى -الذي يجمع حكام الإمارات- اجتماعاً برئاسة الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبو ظبي رئيس الدولة، وانتهوا فيه إلى قرار يقضي بعودة الشيخ سلطان إلى منصبه، وأن يصبح شقيقه -قائد الانقلاب- ولياً للعهد.. وقد وقفت إيران الخميني موقف المؤيد للانقلاب نكاية بدولة الإمارات التي طالما ظلت تسعى لاستعادة جزرها المسلوبة، وأيضا بسبب دعمها الرئيس العراقي صدام حسين في حربه مع إيران.

نعم.. لقد دعمت دولة الإمارات المقاومة الجنوبية التي كانت تقاتل الحوثيين في عدن ومحافظات جنوبية أخرى، وفي وقت لاحق ساعدت على تكوين نخب وأحزمة أمنية هدفها الأساسي إيجاد أمن واستقرار، ومكافحة الإرهاب، تقودها عناصر معادية للتنظيمات الإرهابية، وكانت البداية قبل تكوين المجلس الانتقالي الجنوبي الأعلى عام 2016.. لذلك لا نعتقد أن حكومة دولة الإمارات فعلت كل ذلك لكي تفصل جنوب اليمن عن شماله كما يزعم حزب الإصلاح.. وإذا كان المجلس الانتقالي الجنوبي قد كسب تلك العناصر واستغل الدعم الإماراتي في وقت لاحق لتوطيد نفوذه وتقوية مشروعه في استعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فهذا أمر آخر.. ثم ليقول لنا حزب الإصلاح أو جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، ما هي المصالح السياسية أو الاقتصادية التي سوف تجنيها دولة الإمارات إذا سعت لتقسيم اليمن من جديد؟ لا شيء من ذلك.

على أنه من المناسب هنا ختم مقالنا بإشارة لطيفة، وهي أن رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح عبد الله بن حسين الأحمر كتب في مذكراته، أن الرئيس علي عبد الله صالح أرسله إبان حرب صيف 1994 لمقابلة الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة يسلمه رسالة مؤداها أن الوحدة اليمنية انتصرت أمام مشروع عودة الانفصال، وأن الشيخ زايد قال له إن القوة لا تصلح أساساً للوحدة، وأنه جادل الشيخ زايد بهذا الخصوص، لكنه أظهر تذمراً منه، ثم ظل صامتاً، كأنه يريد من الأحمر مغادرة مكتبه، لكنه بقي جالساً إلى أن دخل عليهما رئيس الديوان الأميري!