محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

عن "غريفيث" والإثم الذي يصبغ إحاطاته الصفراء

Friday 13 March 2020 الساعة 07:23 pm

"غريفيث" ليس كمثله مبعوث أممي وجد الحرب وسيلة للاسترزاق وجني الدولارات على حساب دماء اليمنيين، وإطالتها وغض الطرف عن الانتهاكات التي تمارسها جماعات الإرهاب الدينية على حساب مستقبل البلاد والأجيال، يمنح الجماعات الإرهابية مزيداً من الوقت لسفك الدماء، ثم يقوم بتبييض جرائمها أمام مجلس الأمن.

الحرب في اليمن فرصة أُتيحت لكل نذل نُزع الضمير من جوفه، فرصة الثراء غير المشروع على حساب دماء الأبرياء، ولأن السعودية والإمارات أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية في اليمن، فإن ذلك يعزز من استغلال فرصة الحرب ونهب الأموال، والعمل على إطالة الحرب، حيث الانتهازيون يقفون حجر عثرة أمام حسم المعركة، وتمتد قائمة الانتهاز المخزية ابتداءً من "قيادات الشرعية" وانتهاءً عند "غريفيث".

في كل إحاطة يقدمها "غريفيث" إلى مجلس الأمن، يقدم صورة مغايرة للواقع، ويدفع نحو شرعنة الانقلاب بصورة فجة، ويقوم بتجميل قبائح "الحوثي" ورسمه بشكل يوحي بوجود جماعة مدنية لا دينية متطرفة تسلطت على حياة اليمنيين قتلاً ونهباً وتشريداً، ويمنحها المزيد من الوقت عبر الاتفاقيات المجزأة للتغلغل في المجتمع بفكرها الإرهابي والكهنوتي.

ليس هناك جدّية في خطة "غريفيث" لوضع حد يمنع المزيد من انزلاق المجتمع اليمني في وحل الأوبئة والأمراض والجهل بسبب استمرار الحرب، لأن وقفها يعني أن الخزينة التي تموله مع فريقه الأجنبي ستتوقف أو يمكن أن تخفض نسبة التمويل التي وصلت في عام 2019 إلى أكثر من 17 مليون دولار، إنه مبلغ يجعل استمرار الحرب فرصة لا يمكن تعويضها في أي بلد آخر.

يعمل المبعوث "غريفيث" على تجزئة الحلول عبر اتفاقيات مجزأة لم تُطبق في أرض الواقع، لأنها أساساً وجدت من أجل دعم ومساندة جماعة الإرهاب الحوثية، وتعطيل أي معركة يمكن لها أن تنهي الانقلاب وتحرر المدنيين من سطوة وبطش الإرهاب الحوثي، كما هو اتفاق استوكهولم الذي أوقف معركة تحرير الحديدة. تجزئة القضايا والحلول يعني استمرار الحرب، واستمرارها يعني استمرار الأموال التي ترفد حسابات قيادات الشرعية وغريفيث.

زوراً وبهتاناً يدلي المبعوث بإحاطاته عن اليمنيين، لا يدلي بالحقيقة الكاملة، ولا ينظر إلى الواقع بكلتا عينيه، يسقط كل إنسان عندما يؤتمن على نقل الحقيقة ولا يفعل ذلك ويخذل دماء الإبرياء من أجل البقاء في عمله، ويسقط ضمير "غريفيث" عندما يجعل من الإرهاب والجماعات الدينية "كالحوثي" رعاة للسلام والمدنية، في عملية تزوير مفضوح للحقائق وعدم الخجل من السقوط الإنساني الذي وقع فيه.

لقد وجد هذا المبعوث "غريفيث" في جماعة الحوثي غاية لاستمرار الحرب، وفي فساد قيادات الشرعية وانتهازيتها وسيلة لتغذية الحوثي واستمرار بقائه، ولولا تلك القيادات وفسادها لكانت إحاطات المبعوث بصيغة أكثر حصافة وجدّيةً لإنقاذ اليمنيين وإنهاء الحرب بإنهاء الانقلاب المدمر للدولة والمجتمع.