محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

التوحش المجتمعي في الشمال

Sunday 20 June 2021 الساعة 04:30 pm

بين الفينة والأخرى تظهر أمامنا مشاهد مروعة من مشاهد التوحش المجتمعي في مناطق سيطرة الحوثي، هذا الأمر على الرغم من خطورته إلا أنه نتاج طبيعي لواقع معيشي وسياسي واجتماعي صعب للغاية فرضته جماعة الحوثي على الناس بقوة السلاح 

في الحروب تظهر الغرائز الشريرة للمجتمع، بسبب ما تصنعه الحرب به، وما تفرز عليه من واقع يخرجه عن طوره الطبيعي، وبسبب الخوف والقلق والفقر وضبابية المستقبل، يتحول المجتمع إلى وحوش ضد بعضه البعض، من أجل السيطرة أو المحافظة على القليل من الموارد والطعام. 

الفيديوهات التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي من مناطق سيطرة جماعة الحوثي، هي القليل مما يحدث في الواقع، بعد سبع سنوات من حرب طاحنة تحول المجتمع إلى أنياب يعززها الخوف والهلع وعدم الثقة بالسلطات في تحقيق متطلبات الحياة.

يحدث أن يُقتل شخص بسبب مائة ريال، ويحدث أن يتم الاعتداء على طفل بشكل وحشي بسبب سرقته "علاقية" قات، ويحدث أن يقتل أب أطفاله الثلاثة خنقاً وغرقاً في خزان ماء، بسبب شجار مع والدتهم، ويحدث أن يغتصب رجل كبير طفلا صغيرا وقتله بشكل وحشي، هذا التوحش هو ما يحدث في مناطق الشمال.

جماعة الحوثي تبني مجتمعاً في مناطق سيطرتها يحمل بذور التوحش والإرهاب، تغرس في عقول الأطفال متعة القتل واللهفة للموت، وتصور لهم الرجولة والبطولة في ممارسة الإرهاب والجرائم وكراهية الآخرين من أبناء المجتمع، وهنا صورة أخرى من صور صناعة التوحش المخيفة في مناطق الشمال الضائع في أتون الصراع والأزمة والحوثية الهمجية. 

نحن بحاجة إلى الدولة من أجل وقف تجريف الشمال نحو المزيد من التوحش، بحاجة إلى سلطات لها الثقة المجتمعية في حماية وتوفير متطلبات الحياة الأساسية، نحن بحاجة إلى وقف المزيد من النزيف في المجهول والظلام الذي يحجب المستقبل، نحن بحاجة إلى إعادة ضبط حياتنا ومعالجات حقيقية لأسباب التوحش الذي ساد في شمال حوّله الحوثي إلى سجن كبير.