مليون غادروها قبل تنفيذ الحملة غالبيتهم يمنيون، وتداعيات بلغت حد الانتحار..العمالة اليمنية في السعودية.. معاناة لا تتوقف..!!

مليون غادروها قبل تنفيذ الحملة غالبيتهم يمنيون، وتداعيات بلغت حد الانتحار..العمالة اليمنية في السعودية.. معاناة لا تتوقف..!!

السياسية - Tuesday 12 November 2013 الساعة 04:24 pm

نقلا عن صحيفة الجمهورية ـ غمدان الدقيمي آ آ  آ  مطلع العام 2010م غادر ناصر أحمد آ«24 عاماًآ» العاصمة اليمنية صنعاء بداعي العمل في المملكة العربية السعودية، بدأ عمله سباكاً في جدة ثم انتقل إلى مدينة مكة وعمل في محل للتصوير، غير أنه اضطر قبيل شهر رمضان المنصرم إلى مغادرة المدينة ضمن آلاف العاملين التي تقول السعودية إنهم يخالفون أنظمة قانون العمل الجديد. آ وبدأت السعودية منتصف الأسبوع الفائت حملة تفتيش واسعة لملاحقة العمال الأجانب المخالفين لأنظمة قانون العمل والهجرة في البلاد، مع انتهاء المهلة التصحيحية، وامتناعها عن تمديد مهلة تصحيح أخرى.يقول ناصر، وهو أحد أبناء محافظة تعز: آ«بصراحة لم أكن أتوقع ما يجري الآن في السعودية.. أنا ومثلي كثير نبحث عن لقمة عيش ما تركونا نشتغل حملات تفتيش إلى أن تركنا السعودية وعدنا إلى صنعاء وحتى الآن نحن بدون عملآ». صدمة لم تكن في الحسبان آ وتُجبر التعديلات الجديدة في قانون العمل السعودي العمال على العمل عند كفلائهم فقط آ«منع العامل الأجنبي من العمل عند شخص آخر غير كفيله الأساسيآ» ما يهدد بفرض عقوبات تتضمن السجن لمدة قد تصل إلى عامين وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال، ومن ثم تم ترحيل عشرات الآلاف من العاملين اليمنيين إضافة لمئات الآلاف الذين رحلوا هروباً أو رحلتهم السعودية منذ منتصف العام الحالي. آ  ومنذ إقرار مجلس الوزراء السعودي هذا التعديل في القانون منتصف مارس الماضي صدرت ردود أفعال متباينة في اليمن حيث مثل القرار صدمة لم تكن بالحسبان. آ - يقول الأمين العام المساعد للاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، فضل العاقل لـ “الجمهوريةâ€‌: “بالطبع نحن كاتحاد نشجب الوسيلة أو الوسائل التي اتبعت في عودة المغتربين اليمنيين.. نشجب مثل هذا التصرف الذي يسيء إلى العلاقة بين البلدين الشقيقين الجارين..â€‌. آ وأضاف العاقل، وهو أيضاً مسؤول العلاقات الدولية في الاتحاد: “نحن ننشد السلام مع الجيران بشكل عام وفي كل مكان، وفي نفس الوقت نرجو أن نتعامل بالمثل أيضا من قبل الأشقاء، وحتى لا تتفاقم الأمور أكثر فأكثر وننجر إلى ما لا يحمد عقباه.. نتطلع من الحكومة السعودية أن تأخذ الموضوع بالجدية الكاملة وأن تراعي أوضاع أشقائهم، نحن نريد أن تكون هناك علاقات أخوية صادقة ومنظمة ما بيننا وبين أشقائنا في السعودية..â€‌. بصمات واضحة آ وقالت وزارة العمل السعودية في بيان على موقعها أنها دربت نحو680 مفتشاً ومفتشة لملاحقة المخالفين من خلال فرق الوزارة الميدانية، داخل الشركات والمؤسسات والأسواق ومنشآت القطاع الخاص، وأضافت أنّ عدد العمال الأجانب غير القانونيين الذين غادروا قبل انقضاء فترة العفو لتفادي العقاب بلغ حوالي مليون عامل وغالبيتهم من اليمن ودول آسيوية. ونقلت وسائل إعلام سعودية أن مديرية الجوازات منحت تأشيرات خروج نهائي لنحو 951 ألف وافد، منذ بداية فترة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لنظام العمل والإقامة في المملكة حتى مطلع نوفمبر الجاري. آ وعلى الرغم من أن القرار والإجراءات السعودية المتبعة تستهدف كافة العمالة الأجنبية في أراضي المملكة إلا أنها خطوة أرجعها رئيس المركز اليمني للجاليات، عارف الرزاع، إلى دوافع سياسية، وقال: نحن نأمل أن تعود مكانة المغترب اليمني كما كانت لما له من سبق ومن إمكانيات وبصمات واضحة، وهو الذي قام ببناء تلك البلاد بسواعده الفتية المباركة..â€‌. آ يوافقه جانبا من الرأي الباحث في مركز البحوث والتطوير التربوي، الدكتور شوقي الحكيمي، حيث قال: “كما هو معروف وجود المغتربين اليمنيين في السعودية في ظل هذا الظرف الحرج الذي تعيشه اليمن (مرحلة انتقالية) مهم جداً ويساهم في بناء الوطن اقتصادياً واجتماعياً، الجانب الآخر والأهم مساهمتهم في بناء الدولة المضيفة، فلا أحد ينكر أن المغترب اليمني في الماضي والحاضر كان له الدور الأكبر في بناء وإعمار السعودية. آ موت بطيء وطبقاً لوسائل الإعلام السعودية فقد شهدت مهلة تصحيح أوضاع العمال المهاجرين إجمالاً تصحيح أوضاع ما يقرب من 4 ملايين عامل، حيث وجدوا من يكفلهم في المملكة، ومع ذلك ما زالت معاناة العمال مستمرة. آ يقول عامل يمني ممن تم تصحيح أوضاعهم ويدعى (باسم ع) عبر البريد الإلكتروني أن العمال اليمنيين في السعودية يعانون حالياً وضعاً سيئاً للغاية، وأضاف باسم، الذي يعمل في السعودية منذ 12 عاما: “تم تصحيح وضعي بمبلغ وقدره 8500 ريال سعودي وانا اُعتبر محظوظاً، لديّ زميل يشتغل معي في نفس المؤسسة كلفته إجراءات تصحيح وضعه 21 ألف ريال سعودي..â€‌. آ وقال باسم إن العيش في المملكة في ظل الوضع الراهن والإجراءات الجديدة عبارة عن موت بطيء، “أصبح تجديد الإقامة بمبلغ خرافي يقارب 6 آلاف ريال سعودي سنوياً مقارنة بـ 1700 ريال قبل ثلاث سنوات، وبالنسبة للعقار فهو أيضاً شيء خرافي أنا مستأجر غرفتين ملحقة بحمام ومطبخ بـ 17 ألف ريال سعودي سنوياً، الوضع أصبح سيئاً للغاية لا يمكن أن نوفر شيئاً من أجورنا..â€‌، بحسب باسم. غياب دور الجالية من جهتها حملت الباحثة يسرا البكري القيادات المتعاقبة على الجالية مسؤولية ما يعانيه المغتربون اليمنيون، وأوضحت في ورقة عمل حول “الجالية اليمنية في السعوديةâ€‌ غياب مسئولية ودور الجالية وعدم تطبيق أي هدف من أهدافها منذ أن شكلت أول قيادة لها عام 1963م. آ وقالت البكري: “لابد من إعادة النظر في النظام الداخلي والهيكل العام للجالية - وآلية اختيار قياداتها وبما يتوافق مع واقع المغترب ويلبي حاجاته ويعالج مشاكله، مطلوب العمل على حصر رؤوس الأموال اليمنية الموجودة في السعودية ومحاولة استقطابها للاستثمار في اليمن، على قيادة الجالية أن تؤدي دوراً إيجابياً ترويجياً لخدمة قضايا الداخل اليمني من خلال إقامة الفعاليات والمعارض المختلفة لعرض فرص الاستثمار والترويج لعوامل الجذب السياحية والتسهيلات المقدمة للمستثمرين من الحكومة اليمنيةâ€‌. مشكلة يمنية لا سعودية آ لكن مراقبين ومهتمين يرون أنه من غير المجدي إلقاء اللوم على الجانب السعودي، وفي هذا السياق كشف الدكتور صادق القاضي، في ورقة عمل قدمها مؤخراً في ندوة بصنعاء، أن نسبة كبيرة من العمالة اليمنية في السعودية باتت تعمل بصفة غير شرعية، ومعظمها غير مؤهلة فنياً، وتفتقر إلى الخبرة والتأهيل النوعي، فضلاً عن أنهم باتوا يعملون في الأعمال العضلية البسيطة التي لا تتطلب مهارات خاصة، فيما برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة تسول بعض المغتربين، وتهريب الأطفال، والزواج السياحي. وقال القاضي: “إصدار المملكة السعودية قوانين تنظم العمالة الأجنبية فيها هو حق سياسي سيادي خاص بالمملكة السعودية، وأن أزمة العمالة اليمنية فيها إثر القانون الجديد، هي مشكلة يمنية لا سعودية، جوهرها كون اليمن عالقة منذ عقود خارج الزمن في ثقب طاحونة الصراعات الداخلية، وعدم مواكبتها للتحولات الإقليمية والدولية المتتابعة..!â€‌. تنظيم العمالة آ بدوره يقول فضل العاقل، أن الدخول غير المشروع يعرض الكثير من العمال إلى الممارسات اللاإنسانية، وأضاف: “نحن مع مسألة تنظيم العمالة وأن تكون بإشراف بين الجانبين السعودي واليمني، بحيث تراعى حقوق العامل ونكفل حقوقه وكرامته ونضمن أن لا تتعرض الأيدي العاملة اليمنية للإجحاف والذل..â€‌. آ وناشد الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن على لسان الأمين العام المساعد (فضل العاقل) رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني بالتواصل مع السلطات السعودية وحثها على ضرورة تمييز اليمنيين وعدم مقارنة العامل اليمني مع أي عامل آخر بخصوص الإجراءات المتبعة حالياً، نظراً لصلة القربى التي تربط الشعبين الشقيقين، فضلاً عما تقره معايير العمل الدولية فيما يتعلق بقضايا التأمينات والضمان وإصابة العمل والمستحقات المحددة نهاية الخدمة، “المغتربون اليمنيون يقدمون خدمات جليلة للسعودية ويتحصلون للأسف الشديد على أجور متدنية، لا تتوفر لديهم الحماية الاجتماعية والتأمينات وكثير من الحقوق الإنسانية المغيبة عنهمâ€‌، بحسب العاقل.. تداعيات وخسائر اقتصادية آ يقول عارف الرزاع: “عودة المغتربين كارثية جدا على بلادنا لأننا ما زلنا في خضم الإشكالات السياسيةâ€‌. آ إلى ذلك يرى الدكتور شوقي الحكيمي أن أبرز التداعيات تتمثل في زيادة حجم البطالة في المجتمع اليمني الذي يعاني قلة توفر فرص العمل، “ممكن يعود مليون مغترب، أين سوق العمل الذي ستستوعبهم.. التداعيات لاشك معيشياً واقتصادياً واجتماعياً اليمن لا يحتمل المزيد من هؤلاء العمال في هذه المرحلةâ€‌، طبقاً للحكيمي. آ ولا يساعد الوضع الاقتصادي المتردي في اليمن، واتساع رقعة البطالة، على منح الحكومة للأسر التي تضررت من ترحيل العمال اليمنيين في السعودية إعانات مالية أو وظائف. آ لكن ذلك لا يعفي الحكومة اليمنية من القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها إذ يطالبها عارف الرزاع، بتكثيف الجهود لإقامة مشاريع استثمارية وإجراء ترتيبات ورزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي تتيح فرص عمل للعائدين وغيرهم، فضلاً عن السعي لدى صانع القرار في المملكة بمنح امتيازات لليمنيين. انتحر عقب ترحيله ومهما يكن الأمر فقد بلغت تداعيات ترحيل العمال اليمنيين من السعودية حداً ينبغي الوقوف أمامه بجديه، فبحسب مصادر مقربة من أسرته وعلى خلفية ترحيله من المملكة منتصف رمضان الماضي أنهى أحمد محمد عبد الحميد اليافعي (33 عاماً) حياته بالانتحار شنقاً نهاية شهر شوال الماضي في محافظة إب وسط اليمن، مخلفاً وراءه أربعة أطفال (3 أولاد وبنت) ووالدتهم وديوناً تقارب المليون ريال يمني معظمها قيمة الإقامة (الفيزا السعودية).