حياة بطعم الموت.. انقلاب الحوثي يقتل مرضى الفشل ببطء

متفرقات - Saturday 06 October 2018 الساعة 04:59 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

يعيش آلاف اليمنيين ظروفاً صحية سيئة، ويتحمل الأشخاص المصابون بالفشل الكلوي أكثر المعاناة، نتيجة تدهور القطاع الصحي في البلاد، بسبب الانقلاب الحوثي والحرب التي أشعلتها المليشيات منذ 5 سنوات.

ويعاني نحو 7500 يمني من مرض الفشل الكلوي يتوزعون على 18 مركزاً للعلاج في عدد من المحافظات، بيد أن ظروف الحرب قادت إلى نقص حاد في الإمكانيات، فضلاً عن توقف بعض المراكز عن تقديم الخدمات لمرضى الفشل.

وتتحدث الأرقام عن 25 ألف مصاب بالفشل الكلوي مسجلين في إحصائيات رسمية، مع وجود قرابة 50.000 مريض غير مسجلين، حسب مصادر طبية.

وأثر التدهور الحاصل في النظام الصحي على حياة 7500 مريض بالفشل الكلوي باتت حياتهم عرضة لخطر الموت.

وتشير بيانات صحية إلى وفاة ما يزيد عن 1200 مريض من المصابين بالفشل الكلوي في ظل توقف أجهزة الغسيل وانعدام أدوية المرضى المستمر.

ويعتمد مرضى الفشل الكلوي في بقائهم على قيد الحياة بقدرتهم الوصول إلى مراكز غسيل الكلى، فيما وصلت نسبة الوفيات إلى 25% نتيجة نقص أو غياب الخدمات الصحية.

وتقول منظمة الصليب الأحمر الدولي، إن الأرقام القادمة من اليمن حول مرض الفشل الكلوي مفزعة، وإن وراء كل رقم من هذه الأرقام حياة وأمال متعلقة بمركز غسيل لا يوفي الاحتياجات بسبب النزاع ونقص المستلزمات.

ويؤكد الصليب أنه إلى جانب الوضع الصحي السيء في اليمن وإغلاق مراكز لغسيل الكلى، هناك معاناة كبيرة في المراكز الأخرى بالاستمرار في العمل.

ويحتاج مرضى الفشل الكلوي إلى علاج منتظم للبقاء على قيد الحياة والذي يتضمن عادة جلستين أسبوعياً، فضلًا عن الأدوية الأساسية الأخرى للحفاظ على نظامهم المناعي.

حياة بطعم الموت

وذكر مصدر طبي لـ"نيوزيمن"، أن حياة مرضى الغسيل الكلوي وزراعة الكلى في اليمن تزداد سوءاً وتعقيداً يوماً بعد آخر، مشيراً إلى وجود أكثر من 7500 مريض بالفشل الكلوي يحتاجون إلى غسيل دوري بإجمالي احتياج سنوي يبلغ أكثر من 750 ألف جلسة، في حين أن العجز أصبح فيها يفوق ال70%.

وأوضح أن الضغط على تلك المراكز أثر سلباً على قدرتها الاستيعابية، إلى جانب التقليل من حصة المرضى للحصول على جلسات الغسيل اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.

مساعدات لا تفي بالغرض

ويقول طبيب كلى ومسالك بولية في المستشفى الجمهوري بصنعاء، إن التحرك البطيئ للمنظمات الإنسانية في تقديم مساعدات دوائية يضع الجانب الصحي أمام تحديات كبيرة خصوصاً أنها لا تفي بالكثير من الوعود التي تطلقها.

وأكد أن الوضع الصحي يستدعي تدخلاً إغاثياً سريعاً من قبل المنظمات الدولية والاستجابة العاجلة في توفير محاليل ومواد صحية وأدوية الغسيل الكلوي والأجهزة والمستلزمات لإنقاذ حياة المرضى الذين ينتظرون الموت في أية لحظة.

وقال إن استجابة المنظمات الدولية بخصوص دعم مراكز الغسيل الكلوي ضئيلة جداً ولا تفي بإنقاذ المرضى الذين يتربص بهم الموت، وذلك لتعدد الاحتياجات في المستشفيات اليمنية لمواجهة الكثير من الأمراض والأوبئة القاتلة مثل الكوليرا والدفتيريا وغيرها.

شبح الموت يواجه مرضى الفشل

تشير إحصائية أممية إلى أن 25% من مرضى الفشل الكلوي في اليمن يموتون سنوياً بسبب انعدام المحاليل الخاصة بعمليات الغسل الكلوي وكذا نقص المعدات والكادر الطبي.

وتنتشر مراكز الغسيل الكلوي في 15 محافظة يمنية، فيما يكافح 18 مركزا من أجل توفير الخدمة للمرضى بعدما أغلقت أخرى بسبب نقص المستلزمات.

وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن من استمرار إهمال الرعاية الصحية بمراكز غسل الكلى، إذ يواجه آلاف اليمنيين شبح الموت وحدوث كارثة إنسانية كبيرة.

وقال مدير البعثة في اليمن كارلوس باتاس، إن آلاف المرضى بالفشل الكلوي باتوا يواجهون شبح الموت نتيجة توقف مراكز الغسل، بالإضافة إلى شح الأدوية والمواد الخاصة بالغسل الكلوي في بقية المراكز التي مازالت تعمل.

وألقى الانقلاب الحوثي بتبعاته على المنظومة الصحية، حيث توقفت الخدمات الصحية في 54% من المنشآت الطبية، ولجأت عدة مستشفيات عامة إلى خفض أو إغلاق بعض أقسامها بسبب نقص الإمدادات الطبية ورفض سلطات سلطة الأمر الواقع في صنعاء ومدن أخرى دفع المرتبات منذ ما يقارب 3 سنوات.

صالح البيل (45 عاماً)، أحد مرضى الفشل الكلوي، يبدي شعوره بالقلق من الأخبار المستمرة التي تتحدث عن إغلاق مركز الكلى في مسشتفي الجمهوري في صنعاء.

وقال البيل لـ"نيوزيمن"، إنه يتوقع في أية لحظة أن يأتي من يخبره بأن مركز غسل الكلى توقف، وهذا يعني أنه سيموت لا محالة، مشيراً إلى أنه يواجه كثيراً من المعوقات في كل مرة يذهب لغسل كليته.

ولفت البيل إلى أنه بالكاد يستطيع شراء العلاج من الصيدليات الخاصة لارتفاع أسعارها ولا يستطيع أحياناً توفير ثمن المحاليل والمستلزمات الطبية اللازمة للغسل لولا مساعدة بعض أقربائه.

مراكز يتيمة تحاول إنقاذ ما أمكن

يشكو مرضى الفشل الكلوي من تأخير جلسات الغسيل في عدد من مراكز الغسيل الكلوي والتي توقف بعضها عن العمل لأسباب عدة أبرزها النقص الحاصل في الإمدادات الطبية وشحة المحاليل والنفقات التشغيلية ما أدى إلى وفاة عدد منهم.

وكانت وكالات الأمم المتحدة وجهت نداءً إنسانياً لتوفير 322 مليون دولار لدعم القطاع الصحي في اليمن وسد الثغرات الناشئة عن انهيار المؤسسات الصحية.

ويؤكد أطباء أن التعويل على استجابة المانحين لهذه الاحتياجات يظل محدوداً، حيث تقع مراكز الغسيل في عواصم المدن اليمنية ويتطلب الوصول إليها الكثير من التكاليف المالية التي باتت تثقل كاهل المرضى وتحملهم اعباء مالية كبيرة وبسببها مات الكثير من المرضى لعجزهم عن توفير تكاليف السفر والتنقل.

وتزايدت مؤخراً التحذيرات من قبل المنظمات الدولية من تفاقم الوضع الإنساني باليمن بما في ذلك مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة، وذلك مع استمرار الحرب وانتشار الفقر والمجاعة والانهيار الاقتصادي.

وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن 4 سنوات من الانقلاب والحرب المتصاعدة أدت إلى تحويل اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية، حيث يحتاج ثلاثة أرباع السكان أي 22.2 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية بما في ذلك 11.3 مليون شخص يحتاجون، بشدة، إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة.