التوحش.. رهان حوثي أخير لفرض الجماعة المنبوذة

متفرقات - Friday 12 October 2018 الساعة 09:12 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

صعدت ميليشيا الحوثي، وتيرة الانتهاكات الإنسانية بحق المدنيين في مناطق سيطرتها بما فيها العاصمة اليمنية صنعاء، في حين أخذت الانتهاكات الحوثية بُعداً عنصرياً طائفياً ومناطقياً، وفق إفادات عديد من الضحايا.

في الأثناء، أضحت العاصمة صنعاء أشبه بسجن مفتوح تمارس فيه ميليشيا الحوثي عمليات القمع والتعذيب الجماعي، فضلاً عن تزايد عمليات الإخفاء القسري والإعدام خارج القانون بحق المواطنين.

واتجهت ميليشيا الحوثي إلى تشديد القبضة الأمنية الحديدة على المناطق المتبقية تحت نفوذها، في محاولة لسحق وترهيب الأصوات المعارضة للجماعة بعد أن تم دحرها من معظم مناطق المحافظات الجنوبية والشرقية، وكذا بعد استعادة الشريط الساحلي الغربي وأجزاء كبيرة من الحديدة.

الترهيب خوفاً من السقوط

وتعتمد المليشيا الحوثية على الترهيب والقتل والاعتقالات من أجل الحفاظ على ديمومة حكمها وسيطرتها على ما تبقى من المناطق تحت سيطرتها، بالتوازي مع فرض العقاب الجماعي بحق المدنيين عبر التجويع الممنهج وافتعال سلسلة أزمات تمس رغيف العيش.

وارتفع منسوب القمع الحوثي في ظل الدعوات لثورة جياع ضد ميليشيا الحوثي، وارتفعت معه معدلات الاعتقالات والاستنفار الأمني الكبير لعناصرها في العاصمة صنعاء ومدن أخرى.

ويواجه منتقدو ممارسات المليشيا الحوثية في مناطق سيطرتها مصيراً مأساوياً: إما الموت أو الاعتقال والإخفاء وتلفيق الاتهامات الكيدية.

مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي

وذهبت ميليشيا الحوثي إلى فرض رقابة أمنية على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر، حيث جندت ميليشيا الكترونية لرصد الأشخاص المعارضين لممارساتها الفاشية في مواقع التواصل، تمهيداً لاختطافهم وزجهم في السجون.

في السياق، يقول عادل، وهو من سكان العاصمة صنعاء لـ"نيوزيمن"، إن هناك أشخاصاً كثراً تمت مراقبة منصاتهم للتواصل الاجتماعي وقامت ميليشيا الحوثي بقتل أحدهم ويدعى محمد العليي، الذي تعقبه الحوثيون مؤخرًا وقتلوه بسبب مقطع فيديو انتقد فيه سياسة المليشيات القمعية.

وذكر "عادل" أن شخصاً آخر يدعى خالد، وهو صاحب بقالة، ونشر بعفوية على صفحته في فيسبوك انتقاداً لسياسة القمع والتجويع التي تمارسها المليشيات لتقوم عناصر حوثية مسلحة باختطافه وإخفائه دون معرفة أسرته أي معلومات عنه حتى الآن.

إسكات أصوات الجياع

وكانت عناصر المليشيا الحوثية وكتائب الجهاز الأمني النسائي أو ما تسمى "الزينبيات"، اقتحمت حرم جامعة صنعاء الأسبوع الماضي، وهاجمت طلاباً وطالبات في الجامعة بالهراوات والصواعق الكهربائية والسكاكين واعتقلت أكثر من 80 منهم بينهم 30 طالبة.

وقتلت عناصر الحوثي حارس كلية الإعلام أثناء محاولته الدفاع عن فتيات اعتقلهن الحوثيون بالقوة دون أي اعتبار للقيم المجتمعية التي تجرم المساس بالمرأة وتعد الاعتداء على النساء "عيباً أسودَ".

ورفضت المليشيا الحوثية إطلاق سراح الطالبات المختطفات من جامعة صنعاء، رغم المطالبات الحقوقية المحلية والدولية، في حين اشترطت على أولياء أمور الطالبات تقديم شباب من اخوانهن كرهائن لدى المليشيات ليتم إطلاقهن.

استنفار في العاصمة

وحسب شهادات سكان محليين وشهود عيان لـ"نيوزيمن"، فقد قام الحوثيون باستحداث عشرات من نقاط التفتيش في شوارع وأحياء صنعاء وعلى مداخلها وترفض دخول أي مسافرين إليها عبر المنافذ المختلفة.

وطالبت المليشيا من شركات وباصات النقل بين المحافظات تقديم كشوف ومعلومات مسبقة عن المسافرين إلى صنعاء ومنعهم من نقل أي مسافرين إلا بعد إعطائهم تصريحاً بأسماء الأشخاص، معللة بأسباب سفرهم.

قيود على موظفي المنظمات

ويشكو العاملون في مجال الإغاثة والمنظمات العاملة في اليمن من تزايد المخاوف من كارثة إنسانية كبيرة بسبب القيود التي تفرضها المليشيات على تنقلاتهم داخل مناطق سيطرة المليشيات التي وصلت إلى مرحلة التدخل والعرقلة ونهب المساعدات.

وتقول مصادر حقوقية لـ"نيوزيمن"، إن موظفي الإغاثة المحليين يتعرضون للمضايقة والاعتقال أو الاحتجاز ويتم استجوابهم عن طبيعة عملهم ووُجِهت لهم تهم بالعمل كجواسيس.

وطبقاً للمصادر فإن ميليشيا الحوثي رفضت منح تصاريح السفر والتنقل وعلقوا برامج المعونة في مناسبات متعددة، كما طُلب من منظمات الإغاثة دفع الضرائب من قبل السلطات الحوثية.

ولفتت إلى أن المليشيا الحوثية تتخوف من قيام موظفي المنظمات الحقوقية والإنسانية بتسجيل تقارير عن انتهاكات الحوثيين، ولذلك يعملون على تقييد أنشطة المنظمات في مناطق سيطرتهم.

ويقول الناشط الحقوقي عبدالله سلطان، إن المليشيات الحوثية تخشى من تسلل قوات مناوئة لهم إلى مناطق سيطرتهم بشكل مدني ويخافون من حدوث ثورة داخلية، الأمر الذي يدفع بالعصابة الحوثية إلى أن تصبح أكثر استبداداً.

وأضاف سلطان، في تصريح لـ"نيوزيمن"، أن الحوثيين قلقون من ثورة ضدهم وتقلقهم الانتقادات الموجهة إليهم بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ينتهجونها ضد المدنيين، مثل أخذ الرهائن وتجنيد الأطفال والتعذيب والقصف العشوائي على المناطق المدنية وتنفيذ أحكام الإعدام... وغيرها.