أحمد فتحي: أربعون عاماً في مصر لم يستوقفني أحد ويطلب جواز سفري أو إقامتي

متفرقات - Friday 08 March 2019 الساعة 06:45 am
القاهرة، نيوزيمن، لقاء خاص:

> أولادي ليس لديهم أيّ ميول فنيّة وهم منشغلون بالدراسة الجامعية

> صنعاء كانت حاضرة في 2004م كعاصمة للثقافة العربية أما اليوم فالحال واضح

> عندي للمقالح نَصَّان: نَصٌ سجلته في موسكو للاوكسترا والسيمفون الروسي مع 120 عازفاً ومغنياً، وعملت "أغنية عن الأرض" وهي الآن شبه جاهزة وممنتجة وأتمنى ألاّ يتم تأويلها تأويلات خاطئة وألاّ تثير حفيظة أحد

> لا خوف على آلة العود اليوم

> أغنية يا ليالي لحنُها بسيط والناس تحب الأشياء الخفيفة.. ما يخص المشاهدات بالملايين مشكوك فيها

> أغنية يا ليالي يبدو أنها غُنّت في لحظة مقيل رائعة مع طبلة جميلة وهذا ما جعل منها تأخذ صدى واسعاً

> مشاكل اليمن الحروب والصراعات التي تسير بشكل واضح اليوم.. وشجرة القات والسموم المستخدمة فيه كارثة

القاهرة، نيوزيمن، لقاء خاص:

ما إن اتصلنا به وطلبنا لقاءه لمعرفة تفاصيل قصيدة أغنية "أبشرك يا سالم الحال سالم"، رحب الفنان والموسيقار أحمد فتحي بهذا اللقاء.. لم نكن جاهزين لعمل حوار مطول، لكن الحديث معه كان شيّقاً، لم يتشعب الحوار كثيراً.. حرصنا على معرفة بعض التفاصيل عن أعماله الجديدة، ورأيه فيما يجري اليوم على الساحة اليمنية. كان الهمُّ والوجع باديين عليه، وكانت اليمن حاضرة بكل تفاصيلها.. دردشنا كثيراً بمعية الصديق بشير قاسم الذي كان حاضراً بالصدفة، وخرجنا بالحصيلة التالية:

**بداية.. شكراً أستاذ أحمد على إتاحة الفرصة. سنبدأ من الموضوع الذي أتينا لمعرفة تفاصيله وطرحها أمام الجمهور من خلال موقع "نيوزيمن"...

أرحب بكم جميعاً. حدث قبل أربعة أيام، بعد التواصل مع مدير مكتب الثقافة بمحافظة شبوة، الذي توعّد برفع دعوى قضائية ضدي، قمت بالتوضيح له أن الإشكالية لستُ طرفاً فيها، وما حدث هو بينكم ومن ادعى أن القصيدة ملكاً له، لذا عليكم أن تحلوا المشكلة فيما بينكم، أما بالنسبة لي أنا؛ كل الذي أستطيع فعله الآن إعطاءكم صورة من التنازل الذي كتبه (صالح الأحمدي) وهو شاعر معروف.. لكن، للأسف، كان كلامه غير لطيف معي، مما اضطرني للاتصال بوزير الثقافة، وتوضيح الأمر لديه، ووعدته بأن أرسل جميع الأوراق إليه، لذا عرفت أن الأمر سيأخذ جدلاً دون فائدة، رغم أنني كنت واضحاً وشرحت له الأمر، لكنه ادعى أن الأمر متعلق بشبوة وقبائل شبوة وأسرة الشاعر وإخوانه..

مع العلم أن تعاملي قانوني حتى على مستوى الدكتور (عبد العزيز المقالح) أنا أرفض العشوائية في عملي، وكلما أوضحت له بعض الأمور القانونية يستمع لها ثم يعود لنفس النقطة، ولديّ ملف متكامل بهذا الخصوص، كل من أتعامل معهم يتم توثيقه، ثم ما معنى الآن مع أنهم غنَّوها قبلي الكثير.

**الذين غنوها قبلك كثير كما قلت لمن كانوا بنسبونها؟

كانت على النت منسوبة للشبواني (محمد عوض باكر) 1950م ومع ذلك من المتعارف عليه أي عمل أدبي أو فني مر عليه خمسون عاماً يصبح ملكاً عاماً. هم يعتقدون أن الأمر وراءه أموال طائلة وورثة، لذا أنا وأضحت لهم بأن عليهم حل الإشكالية مع الأحمدي الذي أعطاني تنازلاً واضحاً بأن القصيدة ملكه.

**هذا يعني أن صالح الأحمدي نسبها إليه وهي غير ذلك؟

نعم.. أنا كنت حريصاً وعملت إعلاناً بأنني سأغني قصيدة "أبشرك يا سالم"، أعجبني النص ورأيت أنه يحتمل لحناً آخرَ، وهي -بالطبع- قد لُحنت كثيراً، كان هذا قبل شهور.. صالح الأحمدي قال بأنها له، وأنا بدوري كلمت الطرف الآخر حين سمعت أن ثمة إشكالية، وقلت لهم اثبتوا أنها ليست لصالح واكتبوا لي تنازلاً. انتظرت شهراً وشهرين وثلاثة... ولم يردوا عليَّ. وقد تواصل معي بعض الشعراء وأخبروني أن الأمر مجرد كلام ولا يوجد ما يثبت.

**الغريب أننا على مستوى اليمن، أستاذ أحمد، تمت سرقة الكثير من ألحانك.. هل استطعت ملاحقتهم أو هل تم محاسبتهم؟

أجل.. والغريب هنا هو نجاح الأغنية بسبب اللحن الجديد، فقد حققت صدى كبيراً وواسعاً.. ومن هنا اعتقدوا أن الأمر فيه أموال كثيرة، ونحن كررنا لهم نفس الفكرة، وقلنا لهم أي عمل أدبي فني مرّ عليه خمسون عاماً يصبح ملكاً عاماً.

**يبدو أن مشكلتنا في اليمن مع الورثة والأموال وسرقة الألحان لن تنتهي، لدينا تراث البردوني ومخطوطاته ما زال الورثة على خلاف بينهم ما أدى إلى احتجاز بعض أعماله؟

بالمناسبة أنا أخذت من البردوني قصيدة "فلسفة الفن" لا تسل ما شجو لحني. وكنت أخذت تنازلاً من أسرته، وكان ذلك عن طريق الأستاذ محمود الحاج.

لذا كنت حريصاً بالنسبة لقصيدة "أبشرك يا سالم"، وطالما وقد وثقوها في وزارة الثقافة، طرحت عليهم أن يرشحوا أحداً للتفاهم مع صالح الأحمدي والخروج بحل، لكن للأسف مدير الثقافة مصمم على أنها لهم، وأن المعارك القادمة ستكون في محاكم مصر.. لا يوجد وعي، يعتقد أن الأمر بتلك السهولة، وأنه سيأتي إلى هنا ويبدأ برفع الدعوى وانتهى الموضوع.

وأنا كنت أتمنى أن يستوعب ذلك وهو مدير مكتب الثقافة لمحافظة شبوة، أنا وضحت له أكثر من مرة وهو يذهب ويعود لنفس النقطة، فقلت لا فائدة إذاً واضطررت أنقل الأمر لوزير الثقافة، والوزير تجاوب معي وقلت له المشكلة عندك أنا لن أرد على أحد، وفي حال اتتني تعليمات واضحة من قبل الوزارة بأن هذا النص لفلان، حينها سيكون لنا حديث آخر، وهذه مسؤوليتكم.

**إذاً أنت وجدت النص ولم تعلم لمن هو بالتحديد؟

أنا قرأت أنه للشاعر محمد بكر، واتبعت الطرق القانونية، فأتى شخص آخر على قيد الحياة وقال لي إنه ملكه، وقد كتب لي تنازلاً واضحاً وهو شاعر معروف في الساحة، والنص غنُّوه كثير من قبل: نشادون، وشعبيون، وشيلات. ومن وجهة نظري رأيت أن النص يحتمل لحناً جديداً فقمت بغنائه.

**ما الذي شدك في القصيدة أستاذ أحمد الحكمة أم شيء آخر؟

سأقول لك شيئاً.. من أول بيت النَّص يشدك "ابشرك يا سالم الحال سالم.. بفضل ربي والنوايا السليمة"، مدخل رائع وهو من شدني إلى النص كاملاً، والنص طويل، وقد استبعدت بعض الأبيات حتى لا يتم تأويلها وتفسيرها كل على هواه، وأخذنا ما يتناسب مع زمن الأغنية.

عموماً طالما وقد وثقوها لدى وزارة الثقافة، هذه خطوة جيدة، وعليهم بالخطوة الثانية، وهي التفاهم مع صالح الأحمدي.

لقاء- الموسيقار أحمد فتحي تحدث مع نيوزيمن عن "أبشرك يا سالم" الأغنية وجدل الملكية

** ما مصلحتك أنت كي تنسب القصيدة إلى واحد آخر غير صاحبها؟

قلت له هذا الكلام، لكنه لم يستوعب وربطها بشبوة وقبائل شبوة، ثم "بالشرعية والحوثية"، أنا قطعت عليه وأبلغته أن عليه التفاهم مع الوزير، عموماً الأغنية شغّالة والحمد لله، وحقيقة القصيدة سوف تظهر إن كان هناك ما يثبت قطعياً.

**صحيح، ونحن نبارك لك هذا الجهد وهذا النجاح، الحقيقة أول ما سمعت الأغنية استغربت من الكلمات وقلت لابد من سماعها، وقد وجدت فيها شغلاً رائعاً..

الحمد لله، الأغنية شغالة وحققت نجاحاً كبيراً.

** أخبار منزلك بالحديدة، كنت قرأت قبل فترة أنه تم الاستيلاء عليه من قبل الحوثيين؟

البيت تم تفجيره بعد احتلاله، أو بالأصح تم ضربه من قبل الطيران بسبب جماعة الحوثي، مجرد ما احتلوه تم التبليغ فأتى الطيران وقصفه كاملاً، وما زالت المزرعة محتلة حتى اليوم.

**أستاذ أحمد، أنت تشفع لك جذورك الهاشمية، وكان المفروض بمجرد أن يعرفوا أن هذا المنزل ملك لأحمد فتحي ذي الأصول الهاشمية أن يتجنبوا احتلاله تفادياً لأي ضرب من قبل الطيران؟
يضحك...
لا.. لا.. هم لا يعترفون بذلك، هم لديهم فرز خاص في هذا الجانب ولا يهمهم. ثم إن هذه حرب.

**أخبار الفنانة بلقيس؟
بلقيس منشغلة بعملها وابنتها التي أتت من ستة أشهر.

**يعتبر هذا أول حفيد لك؟
نعم.. هو أول حفيد.

**أستاذ أحمد، نحن نجهل أمراً: كم لك أبناء؟ ولماذا لا نراهم في الإعلام؟

لي بنتان وولدان، ثم لماذا يظهرون في الإعلام!

**أقصد هل لديهم ميول فنية أم أنهم بعيدون عن ذلك؟

هم الآن يدرسون في المرحلة الجامعية، وهم في الإمارات منشغلون بالتعليم وبعيدون عن الفن.

**بخصوص التعاون الفني مع بعض الفنانين من الشباب اليمني، لديك تعاون من حسين محب على ما يبدو؟

نعم.. واللحن جاهز ومسجَّل، تبقى أن يعود من سفره ونبدأ العمل. حسين محب لطيف وموهوب.

**حسين محب بدأ ينطلق الآن عندما خرج.. أليس كذلك؟

بالضبط، لأن البيئة اختلفت، والمتنفس الوحيد في اليمن هي مقايل القات.

** كفنان وموسيقار، كيف تقيم النجاح الواسع الذي حققته أغنية "يا ليالي يا ليالي قالوا إن الحب حالي" على مستوى التعاطي والمشاهدة.. هل ترى أن لحنها يستحق كل هذا؟

بالنسبة للحن تكوينه بسيط جداً، لكن الناس تحب الأشياء الخفيفة، إلى جانب أنه يبدو أنه حبكها في جلسة قات، وعملوا طبلة حلوة، لكن كلَحن كبير يعتد به لا أظن، حتى المشاهدات بالملايين مشكوك فيها.

** هناك أغنية، لا أتذكرها كاملة، تقول في دنيا... صادتني ورود أربع وهي جميلة، لماذا لا يُعاد غناؤها بصوت بلقيس، فهي تغني أغانيك بشكل رائع؟

لا.. القصيدة معمولة حول مسلسل الحج متولي وما ينفع تغنيها.. هي الفكرة كانت حول المسلسل الذي عمل دوشة كبيرة، والكلمات من شعر إبراهيم أبو طالب.

**بالنسبة للعود أنت طورت فيه وتجاوزت الطرق التقليدية ربما كثيراً.. هل تخشى على ضياع هذه الآلة الرائعة في زحمة كل هذه الآلات الموسيقية؟

لا.. لا.. كان هذا الخوف قبل فترة، لكن اليوم الآلة بدأت تنتشر كثيراً، نحن قدمنا في المهرجان الأخير بالقاهرة وجوهاً رائعة ومنهم (هيثم محمد)، وقد حصدوا المركز الثالث، وكادت أن تأخذ المركز الأول لو لا أنهم لم يحسنوا اختيار اسم المقطوعة، أنا التقيته قبل أسبوعين من بداية المهرجان، لكن لم نتناقش حول المعزوفة التي قدمها. عندك وجه آخر اسمه (محمد الهجري) يدرس هنا في المعهد، هؤلاء مستواهم ممتاز.

صحيح من فترة كنا خائفين في حال توقف التأهيل والتعليم، لأن اليمنيين عوادين بالفطرة، لكن المشكلة أنك لا تستطيع أن تعتمد هذا العواد كعازف محترف، أنت بحاجة للدراسة والتأهيل في المعهد كي تصبح ملماً ومؤهَلاً، أنت بحاجة إلى جانب الموهبة للتمارين السليمة والصحيحة، تقنية مضبوطة لأن في علم الموسيقى كل شيء محسوب.

** نأتي إلى الأعمال الجديدة.. هل لديك في الأرشيف شيء للشاعر الغنائي محمود الحاج أو للدكتور عبد العزيز المقالح؟

عندي للمقالح نصان: نص سجلته في موسكو للاوكسترا والسيمفون الروسي مع 120 عازفاً ومغنياً، وعملت "أغنية عن الأرض" وهي الآن شبه جاهزة وممنتجة، وأتمنى ألا يتم تأويلها تأويلات خاطئة، وألا تثير حفيظة أحد.

**كيف تقرأ صنعاء اليوم؟

صنعاء كانت في 2004 عاصمة للثقافة العربية أيام الرويشان، المهرجانات وإصدارات الكتب، وورش الفن التشكيلي، حدث حراك ثقافي رائع واستقطاب للفنانين والموسيقيين الكبار، من ضمنهم سمير عبد المجيد، أما اليوم فالحال واضح.

**من وجهة نظرك ما هي مشاكل اليمن اليوم؟

المشاكل كثيرة، أولها هذه الصراعات والحروب التي أتت على كل شيء وهي واضحة كيف تسير، أضف إلى ذلك كارثة القات والسموم التي تدخل في نمو هذه الشجرة.

** الانفتاح الحاصل اليوم في دول الجوار كيف تقرأه وهل يمكن أن ينعكس علينا في اليمن؟

الأوضاع صعبة في اليمن، والأشقاء انفتحوا على الآخر من خلال هيئة الترفيه، اليوم 90% من الموسيقيين المصريين ذهبوا إلى السعودية، وهناك حفلات غنائية يصاحبها الرقص والطرب، وهي مستمرة سخّر لها ميزانية ضخمة.

**سؤال أخير.. مصر، ماذا تعني لك؟

مصر الصدر الحنون الدافئ الذي يحتضن العرب جميعاً ويحبهم، بلد طيب لا يوجد فيه المزايدات، وقد تابعت مؤخراً لقاءً مفتوحاً للرئيس عبد الفتاح السيسي طرح عليه أحد الشباب حول الوافدين العرب بأنهم أخذوا أعمالنا وفتحوا المحلات التجارية، لكن السيسي كان رده واضحاً، قال له بالحرف.. هل سمعت أن مصر فتحت معسكرات للاجئين؟ ثانياً تقول لي إنهم فتحوا محلات دول كويسين إنهم يشتغلوا.

في مصر 40 سنة من عمري ما حد قال لي هات إقامة أو جواز سفرك، أتمشى في الشوارع، أذهب إلى الجامع، لا أتذكر أن اعترضني أحد بعيداً عن الحالات التي لا حكم لها وتحدث لبعض اليمنيين.

وهناك حالات يمنية مرت بظروف خلال الفترة الماضية، وما كان من الإخوة المصريين إلا أن وقفوا. الشعب المصري شعب طيب وبسيط ولطيف أيضاً، عندك أي مضايقات فردية؛ الأمن يقوم بالواجب، والجميع يقف معك في الحق بدون تمايز. عندك أيام حرب الخليج، معظم سكان "شبرا" تركوا منازلهم للكويتين. هناك مواقف لهذا البلد العظيم لا يمكن نسيانها أبداً أو تجاوزها.

**نشكرك على إتاحة الوقت، ونحن كنا حريصين في موقع نيوزيمن على اللقاء بك لمعرفة بعض التفاصيل والأخبار عنك؟

أنا سعيد أيضاً.. شكراً لكم ولاهتمامكم، والشكر للموقع. يشرفني وجودكم بأي وقت.