"أقيال" يستعدون لإصدار ديوان شامل لقصائد الشهيد الدعيس بالفصحى والعامية

متفرقات - Friday 05 April 2019 الساعة 11:09 pm
عدن، نيوزيمن، فاروق ثابت:

علم "نيوزيمن" من مصادر مؤكدة تجميع "حركة أقيال اليمن" لقصائد البطل القومي اليماني، المثقف والأديب الشهيد خالد الدعيس لإصدارها في ديوان باسمه برعاية الحركة القومية التي يعد خالد أبرز مؤسسيها.

ووفقاً للمصادر فقد تم الانتهاء حالياً من فرز وتجميع القصائد لتقع في فصلين ضمن الديوان: الفصل الأول، بالفصحى. والثاني، بالعامية.. لينشر على ما يزيد عن 200 ورقة تقريباً من القطع المتوسط..

ويعكف أصدقاء للشهيد وقياديون في الحركة على إعداد المقدمة والعنوان وصورة وشكل الغلاف..

واعتبرت قيادات في الحركة القومية الثورية الشابة "اقيال" أن قصائد الشهيد بمثابة دستور قومي للحركة القومية اليمنية للمضي نحو استمرار المقاومة والتضحية ضد السلالة لا لحزب أو فئة أو جماعة، ولكن لأجل اليمن الكبير الهدف الأساس التي تأسست من أجله الحركة..

أرجعتني القيادة من "ناصة" وأوجعتنا الهاشمية بإسقاطها.. شهيد يشكو خذلان قيادات المعارك

وأمطر الشهيد خالد الدعيس السلالة والمليشيا الحوثية بقصائد ثورية جمهورية عرمرمية اعتبرها أدباء ومثقفون بأنها لا تقل قوة عن نيران المعارك ضد جماعة البغي وربما أكبر من حيث انطلاق الأديب في قصائده إلى مرجعيات وحقائق تاريخية موثقة ضد السلالة بناءً على معرفة وثقافة ملمة بماضي اليمن منذ سيطرة الهادي الرسي وحتى اليوم..

ولم يكن الأديب البطل الشهيد خالد الدعيس يجيد الشعر بالعربية الفصحى والعامية فحسب، ولكنه أيضاً كتب وأبدع باللغة اليمنية القديمة.. 

خالد الدعيس.. قربان إب الجديد في محراب الجمهورية


منها قصيدة عصماء وهو يفخر بالأبطال من أبناء اليمن "العمالقة" في الساحل الغربي، جاء مطلعها:

"هَزْجِنْ بِشَدْوِنْ صَيّتْ امطَارِيْ نَظَمْ
صِيْخُمْ صَلا مُسْنَدْكُمو ذي مُخبري" 
إلى أن قال:

"خميس ذي شمّريهرعش قد حزم
مَرافِعُمْ حربُمْ تَهَيْجَنْ خاطري

يا قحطنم هِيجُمْ على قوم امسقم
هُبُّم كما امريح امشعوف امصرصري"

ثم تجلى وهو يشيد بأبطال الساحل الغربي و"العمالقة" بقوله:

"سنّ امتهايمْ رعدْ برقن كم زأم
عمالقْ امأبطال حنت تزأري

زحفم سنا غربم على امساحل عزم
زخم زخم ويله عدوِّن هنكري"

وبمجرد تمكن الشاعر الشهيد بنظم هذه القصيدة باللغة اليمنية القديمة والتي جاءت رداً على زامل حوثي يستهين ببطولات اليمنيين واسود الساحل الغربي بشكل عام يعتبر بعض الأدباء والنقاد اليمنيين أن الشاعر الشاب مبدع بلا حدود ووصل حد العبقرية من حيث الإلمام بالمفردات اليمنية القديمة والتمكن اللغوي والدمج بالتاريخ والرد بذات الوقت، ما يعتبر جبهة ضاربة بحد ذاته إلى جانب هذا الفن الابداعي المدهش..

وللعلم فقد سبقت اللغة السبئية العربية إلى الشعر واستخدمت الأوزان الشعرية التي وسعت وطورت فيما بعد إلى أكثر من بحر شعري، لكن وفق فقهاء اللغة وعلماء التاريخ فإن العربية انطلقت بدايتها الشعرية مستخدمة بحورها الاولى من السبئية التي استخدمت الأوزان الشعرية قبل العربية بقرون، ولعل الكثير سمع أو قرأ عن أنشودة "ترنيمة الشمس" السبئية التي أتت موزونة ومقفاه معاً بكلماتها السبئية الخالدة التي فك شفرتها المتخصص بعلوم اللغات اليمنية القديمة البروفيسور يوسف محمد عبدالله، وساعد في صياغة الترجمة إلى العربية البروفيسور الراحل سليمان العيسى..

وتتجلى العبقرية الأدبية والتمكن اللغوي لدى البطل خالد في مروره بالسبئية ثم العهد الكلاسيكي للغة العربية إزاء معلقته الخالدة وهو يهجو "نجل العماد" صاحب "قناة الهوية" الذي اتهم اليمنيين "أنهم مجرد يهود وأن اليمن هي بلاد الهاشميين وكل من يحب آل البيت"، حد قوله في فيديو مسجل له..

قال خالد في مطلع قصيدته الكلاسيكية رداً على العماد مستخدماً "البحر الطويل ":

"بُعِثَت لحمير في البلاد بعوثُ 
واهتز فيها مجدها الموروثُ
قد عاد عبهلة بن غوث طالبا 
ثأرا وعبهلة بن غوث غوثُ"

ثم تابع:

"سيعود نشوان لمسقط رأسه 
ملكاً ومسقط رأسه هو حوث 
وشعب يشجب بن يعرب بن قح-
-طان بن هود هو للبلاد وريث"

إلى أن قال:

"قل للذي طلب الممالك بامه 
بئسا وتعسا ايها ..() ! 
نبتت لحومكم الحرام جميعكم 
فالسرق اطيب رزقكم واللوث

ثم ختم:

"الحميرية جيشها آت غدا 
يجوس هاشم كلها ويعيثُ 
سيدوِ في كبد السماء صريخكم 
ومالكم إلا الهلاك مغيث"..

ولم يقف خالد عند المدرسة الكلاسيكية للشعر العربي فحسب لكنه أيضا انطلق إلى المدرسة الأخرى التي سميت عند النقاد بالمدرسة الرومانسية.. 
وهو يقول بوزن شعري غنائي وبقافية مدلله تحاكي إبداع إيليا أبي ماضي في قصيدته "اعطني الناي وغني" مستخدماً "البحر البسيط" ومستدركا بمجزوء الرمل والتروية مع توحيد قافية الصدر لكل بيت والعجز ايضا:
"أيها الوطن المُسجـــــى..
فوق نعشٍ من عيون 
لم تعد حياً فترجــــــــى..
لم تعــــد إلا ظنــون
لم تعد تشجي فأشجى..
منــــــــك مالٌ وبنون
وقطيعٌ فيـــــــك لجّــــــا..
بعتوٍ وجنــــــــــــــون
هل تبقى منك ملجــــــا..
فيك من تلك المُنــــون
وطني بعثك قــــــــد جا..
ء فكن أو لا تكـــــون
إن موت الحــــر منجـى..
وعلــى الله الركــــون"..

والمفارقة العجيبة هنا أن خالد اختط جديداً لمدرسته هذه بعيدا عن فلسفة الحياة والتغنى بها لدى رواد المدرسة الرومانسية، ليعبر فيها عن حزن وأسى نابع من لوعته الشعرية التواقة إلى ملاقاة الأعداء، وفي أبياته تناقض عجيب مع الرومانسيين وهو يهرب من الحياة إلى الموت فيما هم عرفوا بهروبهم من مواجع الحياة إلى جمالها، وهنا تبرز العبقرية الخلاقة لدى خالد والمنطلقة من روح ثورية يحتشد فيها حب الوطن ولا يجد السبيل إلى غيره بداً...

ولخالد أيضا نثر وخطابات وترادفات توافقت مع مدرسة الشعر الحر وشعر التفعيلة.. وهي ما يسمى بالشعر الحديث أو بالمدرسة الشعرية الحديثة. 
وعادة أن يلحق أو يصنف أديب أو شاعر بمدرسة معينة كأن نقول الدكتور المقالح رائد لمدرسة الشعر الحديث، والبردوني من رواد المدرسة الكلاسيكية، ومحمد الشرفي من رواد المدرسة الرومانسية.. 
لكن فما بالنا وقد أبدع البطل الشهيد بالمدارس الشعرية الثلاث.. 
وسبقها بشعر السبئية الذي ظهر قبل العربية بقرون وإن أتى به خالد مطوعا للعربية لكنه أجاد فيه وأبدع..

ثم تجاوز ذلك خالد لمقارعة الطغاة بالعامية وتقديم أشعار تتناسب مع ما يستخدمون فيها من "زوامل" حيث اثبتت زوامل الحوثيين تاثيرها الكبير على اتباعهم لكن الشهيد الشاعر خالد الدعيس قدم اشعارا شعبية تتناسب لتؤدى كزوامل بإبداع..

ولعل صيحته بزامل "يا موطن العز" الذي أداه المنشد عمرو السوادي، وجاء فيه:

"مــــا طـبـعـنـا كـالـسـيـاسيين نـتـراشـى
مــا دام وســط الـجُعب طـلقات قـشّاشه

كــلا ولا احـنـا مــع الـصفقات نـتماشى
والـشـعـب نـفـسـه لــدم اعــداه عـطّـاشه

عــدونــا نــعـرفـه وان غــــاب وانـحـاشـا
بـانـنـتزع حـقـنـا مــن داخــل امـشـاشه"

ومن خلال هذه الكلمات التي غُنت في الزامل يقدم فيها البطل رسالتين: 
الأولى، للحوثيين والسلالة أن اليمنيين يد واحدة وهدف واحد لأجل اليمن.
والثانية، لتجار الصفقات السياسية الذين يظهرون عداوة الحوثي ويبطنون مصالحهم ولا يمانعون التصالح معه باطناً...

رحم الله الدعيس وبعثه مع الأنبياء والصالحين.