عدوان حوثي يهدّد بإنزال صنعاء من قائمة التراث العالمي

متفرقات - Wednesday 17 April 2019 الساعة 02:49 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

كشفت لجنة برلمانية في صنعاء تورط عناصر نافذة في سلطات مليشيا الحوثي الانقلابية، في العدوان على مدينة صنعاء القديمة، ومحاولة تشويه وطمس معالمها الأثرية الفريدة، والتسبب في التهديد بإسقاط المدينة التاريخية من قوائم التراث العالمي، وذلك بتواطؤ وصمت حكومي.

وحسب تقرير للجنة الإعلام والثقافة والسياحة بمجلس النواب الذي تسيطر عليه مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- فإن نافذين في الجماعة استغلوا تدهور الأوضاع المعيشية لسكان المدينة وانقطاع صرف المرتبات، وقاموا بشراء منازل بعضهم، ومن ثم إعادة بنائها بصورة عشوائية باستخدام مادة الاسمنت والحديد والأعمدة الخرسانية، وتحويلها إلى مخازن تجارية ومراكز تخصصية لإدارة أنشطة وفعاليات المليشيا ذات الطابع الطائفي.

طمس معالم اثرية

وأشار التقرير إلى تواطؤ وصمت الجهات الرسمية تجاه محاولات طمس معالم المدينة الأثرية، وتغيير منظومتها الهندسية المتكاملة والقائمة منذ الآف السنين، وذلك باستحداث أسواق تجارية وفتح محال تجارية مخالفة للطراز المعماري الفريد الذي تتميز به المدينة.

وفي إشارة إلى ملصقات مليشيا الحوثي، لفت التقرير إلى أن الصور والملصقات الورقية والشعارات الخطية متعددة الألوان والأحجام، والتي طغت خلال السنوات القليلة الأخيرة على جدران مباني المدينة وأسوارها ومكوناتها الأثرية، شكلت واحدة من صور العبث المتزايد بمكونات المدينة، الأمر الذي دفع بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" للتدخل بإصدار إنذار شديد اللهجة، مهددة بوضع مدينة صنعاء القديمة في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، كخطوة أولى عادة ما تسبق خطوة إنزالها من قائمة التراث العالمي.

مصادرة مخصصات ترميم المباني

وفي حديث لـ"نيوزيمن"، اتهمت مصادر عاملة في الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، مليشيا الحوثي بتعطيل وظيفة الهيئة ومصادرة مخصصاتها ونفقاتها التشغيلية المخصصة للحماية والحفاظ على المدن والمباني الأثرية القديمة وترميم المتهالك منها، ومنع العبث بطرازها المعماري الفريد، بموجب وظائف ومهام الهيئة ووفقاً للدستور والقوانين.

وتجنبت اللجنة البرلمانية اتهام مليشيا الحوثي صراحة بالوقوف وراء العبث الممنهج بمدينة صنعاء القديمة، مكتفية بإلقاء المسئولية بالدرجة الأولى على الحكومة والمؤسسات الرسمية، وعلى المجتمع بالدرجة الثانية لما اعتبرته "قصورا في الوعي المجتمعي الأثري والقيمة المعمارية الجمالية للمحافظة على المباني الأثرية القديمة وتركها عرضة للتهالك والخراب"، متجاهلة حقيقة محافظة المجتمع في هذه المدينة لمعالمها وحمايته لكنوزها الأثرية منذ الآف السنين، وحتى قبل تواجد مؤسسات الدولة الرسمية والرقابية.

تطويق المدينة بمبانٍ إسمنتية

وجاء في تقرير لجنة الإعلام والثقافة والسياحة أن الحكومة والمؤسسات المعنية -التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي- قد تكون متواطئة مع المخالفين الذين "تحركهم التجارة من ناحية وسوء الظروف المعيشية الناجمة عن الحرب من ناحية أخرى".

ولاحظت اللجنة أن أغلب قلاع صنعاء القديمة مع أجزاء واسعة من سورها الأثري والتي كانت تتميز بمنشآتها الدفاعية المختلفة قد اندثر معظمه وحلت محلها مبانٍ إسمنتية مستحدثة شوّهت من معالم مدينة صنعاء التاريخية الأثرية،.وتقول مصادر محلية وسكان في المنطقة، إن المباني المستحدثة تابعة لمشرفين في مليشيا الحوثي وتأتي بهدف تأمين حماية المدينة من الغزاة المفترضين حسبما تسوقه الجماعة في أوساط السكان.

صنعاء القديمة في أسوأ حالة عبر التاريخ

ويعد الطراز المعماري القديم لصنعاء كمدينة أثرية يخص اليمن والذي يعرف بالطراز المعماري الصنعاني، والذي يتجلى بوضوح في المنازل المبنية على النمط العمودي متعددة الطوابق، ومواد البناء المستخدمة عادة هي الحجر والطين والياجور المحروق والرخام والخشب والجص ونحو ذلك من المواد التقليدية، ويتسبب استبدل هذا النمط الإنشائي في أغلب مباني مدينة صنعاء بالإسمنت والحديد والأعمدة الإسمنتية، في إفراغ أكثرية مباني المدينة من قيمتها الأثرية ويهدد بالتالي بطمس معالمها المعمارية القديمة الفريدة.

وبصورة عامة اعتبرت اللجنة البرلمانية الحالة الراهنة لمدينة صنعاء القديمة هي "الأسوأ في تاريخ المدينة"، مشيرة إلى أن المخالفات زادت حدتها مؤخراً بشكل مزعج، وصارت مدينة صنعاء على وجه الخصوص تواجه بالإضافة إلى ما وصفته بـ"عدوان طائرات التحالف من السماء"، تواجه عدواناً آخر في الأرض من بعض الأهالي والتجار، يتمثل في تحويل المباني المعمارية الأثرية التاريخية إلى مخازن تجارية، في ظل غياب الدور الرقابي والعقابي للمؤسسات الحكومية المعنية.